«نيويورك تايمز» تعلن انتصار الأسد… وفابيوس يؤكد نجاح اتفاق أوكرانيا
كتب المحرر السياسي:
بينما كان العالم ينشغل بإعدام «داعش» لواحد وعشرين مصرياً في ليبيا، كانت مصر بشعبها وقيادتها تعيش مزيجاً من الحزن والغضب، وكانت الاتصالات السياسية تضع مصر أمام تكرار الاختبار الأردني، حيث نجح إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة بجعل الأردن ينخرط بصورة أقوى في السياسات الأميركية، خصوصاً المدبّرة ضدّ سورية على حدودها الجنوبية، وربما يتخلى عن تحفظات كثيرة كانت تضعه تجاه المزيد من مشاريع التورّط، وتفهم عمان مغزى رسالة إعدام الكساسبة لتكون عضواً منضبطاً في التحالف الذي تقوده واشنطن، ليس في القتال ضدّ «داعش» فقط وفقاً للتعليمات الأميركية التي تريد من الأردن كما قال منسّق التحالف، الجنرال جو ألن، وقد كان الأردن يرفض، قيادة تشكيل قوات برية تتدخل لحماية المواقع التي يتواجد فيها الخبراء الأميركيون، وتشكل نوعاً من التوازن في وجه الدور الإيراني، وصرح ألن مؤخراً بأنها ستفعل ذلك، بينما رفضت مصر منذ البداية المشاركة في التحالف احتجاجاً على حصر الحرب على الإرهاب نظرياً بـ»داعش» و»النصرة»، وعملياً بـ»داعش» فقط، فيما تتمسك مصر بإضافة «الإخوان المسلمين»، عدا عن ذهاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعيداً في منهج التعدّد السياسي والعسكري، في علاقاته الدولية، خصوصاً بعد ما كشفته الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القاهرة.
توضع مصر بقوة الدم والنار والصدمة، أمام الخيارات الصعبة، وتصلها الرسالة بمنع التنسيق مع سورية في مواجهة الإرهاب، كما وصلت إلى الأردن، فهل ستسير القاهرة على خطى عمّان، خصوصاً مع مشاركة رئيسها في قمة واشنطن لمكافحة الإرهاب؟
بانتظار الجواب المصري، كان مجلس الأمن يناقش مشروع قرار حول اليمن بدا أنّ الأهمّ فيه هو ما إذا كانت دعوة دول مجلس التعاون الخليجي لاعتماد الفصل السابع ستلقى آذاناً صاغية، ليتبيّن من مشروع القرار المتداول، أنّ أول ما جرى إسقاطه هو الفصل السابع، مقابل اعتبار الحلّ السياسي خليطاً من المبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة، بينما اعتبر سفراء دول الخليج في نيويورك النقاش والنتيجة اللتين سينتهي إليهما مجلس الأمن مصدر إحباط.
اليمن المعلق على انتظارات الحوار الذي يديره المبعوث الأممي جمال بن عمر، تقابله أوكرانيا التي دخل اتفاق وقف النار فيها حيّز التنفيذ، وفقاً لما قاله وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس، الذي أكد أنّ نسبة التقيّد بالاتفاق تبشر بالنجاح وتوحي بالتفاؤل.
انتصار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي بشرت به «واشنطن بوست» قبل أيام في قراءة اتفاق مينسك لوقف الحرب الأوكرانية، تلاه أمس، إعلان «نيويورك تايمز» انتصار الرئيس السوري بشار الأسد، في قراءة لإعلان المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن مكانته الحتمية في أيّ حلّ سياسي، فقالت لم يقصد دي ميستورا بالتأكيد شراكة أخرى للأسد غير بقائه في الرئاسة، ومنحه الاعتراف الدولي بشرعيته الرئاسية، وهو يعلم أنّ الحديث عن ترك مصير الرئاسة للحوار بلا قيمة، لأنّ المطالبة بتنحي الأسد كانت العائق الأساسي أمام أيّ نتيجة من الحوار، وبزوالها قبل الحوار ستسقط كبند فعلي عن جدول أعمال أيّ حوار، وعن الرهان على الانتخابات قالت إنه لو كانت لدى الغرب والمعارضة وصفة انتخابية للفوز على الأسد لما كان كلّ الذي يُقال عن حلّ تفاوضي، وكان الطريق تنظيم حلّ انتخابي، وختمت «نيويورك تايمز» أنّ كلام دي ميستورا يندرج دولياً بين، تمثيل تفاهم سمح له بقول ذلك من جهة، ومن جهة أخرى استباقاً منه كشرط لنجاح مهمته في الحصول على دعم علني لهذه الخطة، وهذا المواقف وهذه الالتزامات، وهو ما يبدو انه حصل عليه وسيحصل على ما تبقى منه، وهكذا ببساطة يكون الرئيس السوري قد خرج منتصراً بعد صموده أربع سنوات في وجه دول عظمى من الغرب والمنطقة.
في لبنان المترنّح على حبال الوقت، حيث الآلية التي عرضها رئيس الحكومة على رئيس المجلس النيابي لتحسين الأداء الحكومي تصطدم بجدار الدستور، كان كلام الرئيس سعد الحريري في ذكرى اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، إعلان تمسك بالحوار مع حزب الله ممزوجاً بخليط الاستنفار على خيارات الحزب، خصوصاً مشاركته في القتال في سورية، وتعديل قواعد الاشتباك مع «إسرائيل»، بينما كان جيش الاحتلال يعلن الاستنفار شمالاً لما وصفه بتسلل طائرة بدون طيار فوق الأراضي المحتلة مصدرها لبنان، لم يعلم بها جيش الاحتلال إلا بعد دخولها في طريق العودة الأجواء اللبنانية، بينما سقط جسم غريب في خراج بلدة دير ميماس الحدودية، رجح بعض الخبراء أن يكون جسم الطائرة التي يكون مشغلوها قد قاموا بإسقاطها بعد تنفيذ المهمة.
اختلف خطاب الحوار عن خطاب البيال كلياً، وبقدر ما كان حضور الرئيس الحريري في شكل مفاجئ إلى بيروت للمشاركة في ذكرى اغتيال والده، كانت أيضاً المواقف التي أطلقها أمام الجمهور. وعلى رغم تأكيد الحريري تمسكه بالحوار «لاستيعاب الاحتقان»، لافتاً إلى أنه أعطى «فوائد»، في المقابل، خاطب الحريري غرائز جمهوره مانحاً إياه جرعة كبيرة من الاحتقان بتوجيهه اتهامات قاسية للمقاومة.
ومما قاله الحريري: «دخلنا إلى الحوار لحماية لبنان، لأن لبنان أهم منا ومنهم. وكما كان يقول الرئيس الشهيد: «ما حدا أكبر من بلدو». وفي نظرنا أن لبنان أمام خطرين كبيرين: خطر على البلد، وهو الاحتقان السني الشيعي، وخطر على الدولة، وهو غياب رئيس للجمهورية. وفي موضوع رئاسة الجمهورية، أوضح أن «الجماعة مش مستعجلين»، وموقفهم عملياً يعني تأجيل الكلام في الموضوع».
وأكد أن الحوار «حاجة إسلامية لاستيعاب الاحتقان المذهبي الذي لم يعد من الحكمة التغاضي عنه، وهو ضرورة وطنية لتصحيح مسار العملية السياسية وإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى».
وقال: «لن نعترف لحزب الله بأي حقوق تتقدم على حق الدولة في قرارات السلم والحرب، وتجعل من لبنان ساحة أمنية وعسكرية، يسخرون من خلالها إمكانات الدولة وأرواح اللبنانيين لإنقاذ النظام السوري وحماية المصالح الإيرانية».
وتابع: «في موضوع الاحتقان السني الشيعي، نقول بكل صراحة: نحن نلمس أربعة أسباب رئيسية للاحتقان:
أولاً، رفض حزب الله تسليم المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
ثانياً، مشاركة حزب الله في الحرب السورية.
ثالثاً، توزيع السلاح تحت تسمية سرايا المقاومة.
رابعاً، شعور باقي اللبنانيين بأن هناك مناطق وأشخاصاً وفئات لا ينطبق عليهم لا خطة أمنية ولا دولة ولا قانون».
وقال: «نحن في الحوار، لم نطلب من حزب الله شيئاً، قلنا لهم: أنتم تريدون أن تخففوا الاحتقان، ونحن نريد أن نخفف الاحتقان. قولوا لنا ما الذي تستطيعون فعله. هذا هو من الآخر ما يحصل في حوارنا مع حزب الله. نحن جديون، وإن شاء الله نصل إلى نتائج».
وشدد على ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب.
ردود من حزب الله قبل كلمة نصرالله
وبانتظار كلمة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في إحياء ذكرى قادة المقاومة الشهداء في مجمع سيد الشهداء بالضاحية الجنوبية مساء اليوم، رد حزب الله على لسان مسؤوليه ضمناً على بعض مواقف الحريري. واعتبروا أن الحزب أعطى كل التسهيلات للاستقرار الأمني والسياسي في لبنان، وقدم مساهمته الكبرى لعمل المؤسسات»، مشيرين إلى أن «حزب الله أعطى الدولة، ولم يأخذ منها شيئاً. لأن خيارنا في الحزب هو التكامل بين الدولة والمقاومة في إطار منظومة ثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة. لا على قاعدة أن تكون الدولة في مكان والمقاومة في مكان آخر».
ودعوا المجلس النيابي إلى «عقد جلساته، لا سيما جلسة انتخاب الرئيس، لأن ما كان يمكن إنجازه منذ سنة، يمكن إنجازه اليوم، أو بعد سنة، سينجز. لذلك يجب على الجميع التحلي بالجرأة لانتخاب الرئيس، وإن كان قوياً، فلا داعي للخوف من قوته، فنحن مع رئيس للبنان، وليس رئيساً يغطي حيتان المال».
وشددوا على «أهمية الحوار مع المستقبل، ولقد اخترناه بملء إرادتنا».
وأكدوا: «نحن لا نتخلى عن شهدائنا، ولن نسمح تحت أي ظرف، وفي أي مناسبة، أن يساء إلى شهدائنا في المقاومة الإسلامية، وإلى قادتها، وإلى مجاهديها، لأن هؤلاء المجاهدين هم الذين صنعوا لهذا البلد مساحة القدرة على العيش».
وأضافوا: «لن نسمح في هذا الزمان، الذي أمسكنا به الراية بأيدينا، أن يحصل مع قادتنا ما حصل مع المقاومين أدهم خنجر وصادق حمزة».
وشددوا على «أننا لا نريد أن نساجل أحداً أو أن نوتر بيئة الحوار بل نريد أن نصارح الرأي العام ونناقش بمنطق وعقلانية ومن زاوية المصالح الوطنية وحماية الدولة التي نخشى عليها ونتطلع إلى معالجة عيوبها وأعطابها ومواطن الضعف فيها».
إلى ذلك، دعا السيد نصر الله الجميع إلى الامتناع عن إطلاق النار في شكل قاطع تزامناً مع إطلالته اليوم «نظراً للمحاذير الشرعية والقانونية وما يلحق بالناس من أذى».
آلية الحكومة بين بري وسلام
من جهة أخرى، واصل رئيس الحكومة تمام سلام مشاوراته في شأن آلية عمل الحكومة والتقى لهذه الغاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يؤكد تمسكه بأحكام الدستور في هذا المجال.
ومعلوم أن سلام الذي يطالب بتغيير الآلية، علّق جلسات مجلس الوزراء حتى الاتفاق على هذا الموضوع.
أمنياً، وفيما وسعت القوى الأمنية نطاق إجراءاتها في ملاحقة المطلوبين في البقاع الشمالي، استهدف الجيش تحركات وتجمعات للمسلحين في وادي الحصن، شرق عرسال، بعدما حاولوا التسلل إلى مراكزه في البلدة محققاً إصابات مباشرة في صفوفهم.