التحالف الدولي للحرب على «داعش»: مصير يشبه «أصدقاء سورية»
توفيق المحمود وناديا شحادة
الحلف المنضوي تحت اسم محاربة «داعش» لم يكن لديه استراتيجية واضحة لتدمير أو إضعاف «داعش» في بداية حربها ضد هذا التنظيم، استراتيجية يشوبها الغموض والارتباك والتردد والضعف، مكنت التنظيم من التمرس ضد الهجمات الجوية والتوسع.
إن أول عناصر إرباك هذه الاستراتيجية هو إعلان الرئيس أوباما عدم إرسال قوات برية لحسم المعركة، حفاظاً على أرواح الجنود الأميركيين، وقد أعلن أوباما في بيان للصحافيين في 13 حزيران 2014 أن التهديد الذي يشكله تنظيم «داعش» في العراق وسورية خطر على شعبيهما وربما على الاميركيين وأضاف لن نعيد إرسال قوات للقتال في العراق.
أما الآن فأوباما يقود التحالف الدولي إلى فشل آخر، فبعد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد تنظيم «داعش» وازدياد انتشار هذا التنظيم صدر حديث عن إمكان شن حرب برية من جانب التحالف الدولي خصوصاً بعد فشل الغارات الجوية للتحالف في تحقيق تقدّم ملحوظ على الأرض باستثناء استعادة الأكراد للأراضي التي استولى عليها التنظيم في المناطق الكردية في العراق وسورية.
البداية كانت مع طلب الرئيس أوباما من الكونغرس منحه تفويضاً للقتال ضد التنظيم فقد أرسل طلباً للكونغرس في 11 شباط 2015 لتفويضه استخدام القوة العسكرية في الحملة ضد تنظيم «داعش» وتحديد فترة العمليات ضد مقاتلي التنظيم على ثلاث سنوات ومنع استخدام القوات الأميركية في قتال بري هجومي ممتد وجاء إعلان جون ألان منسق التحالف الدولي ضد «داعش» مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما عن أن هجوماً على الأرض سيبدأ ضد «داعش» قريباً تقوده القوات العراقية بإسناد من دول التحالف وأن قوات التحالف تجهز 12 لواء عراقياً تدريباً وتسليحاً تمهيداً لحملة برية واسعة ضد «داعش» وأنه سيتوجه إلى دول شرق آسيا لتوسيع التحالف الدولي وبعد يومين من إعلان مستشار الرئيس الأميركي بدأ الهجوم المعاكس من قبل تنظيم «داعش» على قاعدة عين الأسد وأكد البنتاغون الجمعة الماضي أن تنظيم «داعش» سيطر على بلدة البغدادي المجاورة لقاعدة عين الأسد الجوية وأشار إلى أن أكثر من 25 من المسلحين وبينهم انتحاريون عدة شاركوا في الهجوم على قاعدة عين الأسد.
وما زالت طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية توجه ضربات بشكل غير منتظم ضد «داعش» ويرى الخبراء العسكريون أن الغارات الجوية بالتأكيد ستخلف أضراراً في صفوف «داعش» ولكنها غير كافية للقضاء عليه وأن الهجمات قد تنجح في حالات الأهداف الموجودة في مساحات مفتوحة ومواقع تخزين الأسلحة والذخيرة التابعة للتنظيم ولكن ذلك سيؤدي إلى خسائر جزئية فقط في صفوف التنظيم.
يرى المراقبون أن التحالف الدولي ضد «داعش» يعاني إرباكاً مصدره الظروف الميدانية في المنطقة فتركيا أحد الأقطاب الإقليميين الرئيسيين لم تشارك في هذا الحلف لأنها هي أحد رعاة هذا التنظيم، فهي تقدم تسهيلات لوجيستية وتفتح حدودها أمام المقاتلين الأجانب، والأزمة السورية وضعت العلاقات الأميركية التركية تحت ضغط هائل وهو توتر ناتج من الأولويات المختلفة لدى الدولتين ففي حين تريد أنقرة إسقاط «النظام السوري» باعتباره خطراً محدقاً عند حدودها على حد وصفها حددت واشنطن أهدافها بمحاربة تنظيم «داعش». وفي المقابل، تخشى تركيا من تبني أميركا هذا الهدف فتهمّش بذلك أهدافها الرئيسية الخاصة.
أما الأردن، فاستبعد محللون سياسيون وعسكريون دخوله برياً العراق أو سورية للحرب ضد «داعش»، بل سيقتصر على توجيه ضربات جوية وذلك خوفاً على أمنها الداخلي.
أميركا التي لطالما كانت تستجدي سراً تعاوناً مع إيران ضد «داعش» إذ تضمنت رسائل أوباما إلى الخامنئي أنّ التعاون في الحرب على «داعش» سيتوقف إلى حد كبير على التوصل الى اتفاق شامل مع إيران في الملف النووي. ولكن أميركا لن تعترف بطبيعة الحقائق التي تجرى على الأرض وبأنه لا يمكن القضاء على هذا التنظيم من غير التعاون مع حلف المقاومة الذي يضم كلاً من إيران وسورية وحزب الله لأنه الوحيد القادر على إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش»، فأميركا قررت أن تتلاعب بالألفاظ وتقنع العالم بأنها قادرة على قيادة حلف وهجوم بري من غير التعاون والتنسيق مع الذين تعتبروهم خصومها.
فهل سيصبح مصير هذا التحالف كمصير منظمة «أصدقاء سورية» التي بدأت بحوالى 150 دولة في اجتماعها الأول قبل أربع سنوات تقريباً، وانتهت الآن إلى 11 دولة فأميركا لم تُقم تحالفاً إلا وواجه انتقادات وانتكاسات بسبب ازدواجية المعايير لديها.