قاهر دبابات العدو… مجدُهُ من كربلاء وبهجته بظلال السيوف
محمد صادق الحسيني
سوريّته لم تكن مجرد خرائط جغرافيا يتغنّى بها أصحاب ترسيم الحدود بين بني البشر، بل هي تجميع خطوط كلّ مَن انتمى لأمّنا الأرض، فكان السوري الإنسان…
عروبته لم تكن عرقاً ولا حتى أوردة او شرايين بل مضخّة قلب تشعّ حضارة تمزج بين الملل والنحل..
إسلامه لم يكن مجرد انتماء بالولادة بل باستخدام كلّ سيوف العقل من حيدر الكرار الى العماد وذي الفقار…
إنه الراحل أبا المجد حامل لواء المقاومة وفلسطين في كل تضاريس تحوّلات الدولة الوطنية السورية..
إنه جنرال حرب الدبابات في الجيش العربي السوري، حيث كان أول قائد كتيبة دبابات في حرب تشرين عام 1973.. وعلى رأس أول لواء مدرّع في حرب عام 1982.. إنه الفارس العربي السوري الذي لم يسترح ولم يلِن ..
ويوم اشتهر بأنه جنرال الدبابات الذي لم يُقهَر كان أكثر الناس وداً وليناً للذين آمنوا بآية المجد في بدرٍ وكربلاء «أشداء على الكفار رحماء بينهم»… .
يوم اشتهر أنه رجل الأمن الأول كان ينكبّ على قراءة الكتب وتجارب الشعوب والأمم في الحكم ليعرف الصالح من الطالح في بناء الدولة القويّة، ولكن العادلة أيضاً…
ويوم افتقدت سورية أمانة الباسل والكلّ في حزن عميق وحيرة المصير كان حافظاً لجوهر الوصيّة فنادى مبشّراً بطبيب العيون..
ويوم اشتُهر أنه رجل التغيير والإصلاح مع القادم الجديد وفتح قلبه للمعارضين الوطنيين كان الأصلب في الدفاع عن الثوابت منعاً لتسرّب ذخيرة الوطن الى «اخوة» بشّار الناكثين للعهود من الأعراب والجار الشمالي الغشوم!
ويوم انتُدب سفيراً لسورية الأسد لـ «توأم» فلسطين تصرف بأخلاق المواطنة الشاميّة التي تُملي عليه الدفاع عن شعب الأردن الشقيق فرداً فرداً، ولم يكتف بالدفاع عن حقوق سورية الدولة الوطنية الجارة…
ذلك أنه حفظ جيداً منذ نعومة أظفاره وبين ظهراني أهله وعشيرته أنّ الشام التي ينتمي اليها إنما هي الأمّ والمرضعة لكلّ جغرافيا فلسطين قبل أن تكون أيّ شيء آخر، وانْ جزّأها وقسّمها وتآمر عليها أرباب سايكس وبيكو وأذنابهم من أمراء وملوك الطوائف الجدد…
لذلك لم يحتمله أرباب السوء ولا بطانتهم، خاصة بعد أن تحول ملجأً وملاذاً لكلّ أبناء التوأم وضفة نهر الأردن الشرقية المتدفقة كرامة وعروبة..
وتزاحمت تقارير الاستخبارات المسمومة حتى تمّ سحبه الى العرين قبل أن يفتك به أبناء آكلة كبد حمزة وقتلة حجر بن عدي الكندي وناهض حتّر…
ورغم كلّ سحب السواد والظلام الدامس الذي أحاط ببلاده على يد أبناء الطلقاء وخناجرهم المصقولة في الكيان وتحت سقيفة العثمان والغربان والغلمان لم تحرفه كلّ تلك الظلال عن اتجاه البوصلة وضرورة الضرب على يد الراعي لكسرها حتى يتشتّت الغنم فظلّ خصمه الرئيسي العمّ سام وقيادة جيوش الظلام رغم رفعهم رايات مضللة وتحدّثهم بلغة عربية لكناء أحياناً!
لم يهن ولم يضعف ولم يتزلزل أمام هول المنظر وتدفق جيوش الروم وأعداء قالع باب خيبر…
بل زادته كلّ هذه المؤامرات والحرب الكونية التي استحضرت كلّ أحقاد التاريخ البعيد والجديد، صموداً أسطورياً وزاد تصقيل سيفه وعقله متخذاً من موقعه الجديد المتصدي لكل خطير من أمور الأمة، منصةً للدفاع عن كلّ تراث التاريخ البشري من آدم والحسين الى الخميني وبشار الى سادة عصر جغرافيا آخر الزمان إمام المقاومة السيد علي الخامنئي وأمينها السيد حسن نصر الله والذاد عن حريمها وحريم رسول الله وبيت الله كعبته المشرفة، السيد عبد الكريم بدر الدين الحوثي…
وهكذا ظلّ مكافحاً ومنافحاً عن كلّ ما هو حق في هذه الأمة حتى داهمته كورونا اللعينة متسللةً الى جسده، من دون النيل من روحه، وكانت المعركة غير المتكافئة ومحطة الانتقال الجديدة من هذا العالم الفاني الى ذاك العالم الباقي متوَّجاً سفيراً لدى دولة الشهداء والقديسين والصالحين ولينبئهم بأن الفتح قريب وقريب جداً…
نم قرير العين يا أبا المجد بعد أن صار عصر المقاومة مزداناً بصواريخ دقيقة وأخرى أكثر دقة من صنعاء ومأرب الى دمشق التي أحببت ولبنان عماد وذي الفقار وضاحيته، «يثرب» الجديدة المزدانة بأنوار النبي وأقمار الشهداء القادة والسادة…
أخيراً وليس آخراً يكفيك حسن ختام ان يكون مرقدك الأخير هو حرم العقيلة الحوراء زينب التي أبت إلا أن تكون هي الحاضنة جسدك بعد أن احتفى به محبّك ومن تحب سيد المقاومة وأهله، لتعلن للملأ الذين ينتظرونك في العالم الجديد، أنك لست فقط سفيراً لسورية الأسد اليهم، بل والمفوّض فوق العادة لمحور المقاومة في جنان الخلد.
الى اللقاء سيادة اللواء بهجت سليمان.
على حوض الكوثر وحديث الثقلين.
بعدنا طيبين قولوا الله…