لنـتـعـظ
في احدى حلقات «سيرتي ومسيرتي» تحدثتُ عن فترة الانقسامات الحزبية البغيضة، في أوائل سبعينات. القرن الماضي، إلى ما بدأت ألمسه من مغبة هذه الانقسامات فرحت أعمل لوحدة الحزب، وصولاً الى البرازيل حيث كانت فروعها عقدت مؤتمراً في العاصمة برازيليا قررت فيه الدعوة لإنهاء الانقسام الحزبي، فسرت في هذا النهج متولياً مسؤولية منفذ عام البرازيل، سأحكي عن ذلك في فترة لاحقة.
أنقل ادناه أهمّ ما جاء في العدد 948 تاريخ 12/11/1998 من مجلة «البناء» عسانا اذ نتعرّف، ان نستفيد من تجارب حزبنا، فنتعظ.
مثلما الموج الذي كان يرغي على مقربة من قاعة «الكورال بيتش» الكبرى. كانت الحشود من قوميين وأصدقاء تتقاطر لتهنئ الحزب السوري القومي الاجتماعي بذكرى تأسيسه التي اكتملت بإعلان وحدته.
الطرقات لم تتسع للقادمين، ومدخل القاعة الوحيد لم يستطع ان يمرر كل هذه المحبة، فقد انتظر الكثيرون مدّة طويلة كي يدخلوا ويشاركوا قيادة الحزب والقوميين الاجتماعيين فرحتهم.
صحيح انه طلب من القوميين إفساح المجال للأحبة الأصدقاء والضيوف ولكن رغم ذلك كان الحشد يتعاظم. فهذا العام اختزنت ذكرى التأسيس عودة الحزب الواحد الى كامل جهوزيته الفكرية والثقافية والسياسية.. والى المقاومة، فلقد مرّ التأسيس بينما كان القوميون الاجتماعيون ينفذون عمليتهم على موقع برعشيت، وهكذا احتفل الرفقاء المقاومون على طريقتهم وقدّم الرفيق طالب أبو ريا مدرار شرايينه في عملية بطولية… مساء التأسيس.
انها الذاكرة. المخزون الحضاري لنهضة العقل القومي وللساعد والوجدان.. للدم الذي يذهب بعيداً في هذه التربة الخيّرة. ولذلك سيكون اعتذارنا خجولا ممن جعلناهم ينتظرون بعض الوقت كي يشاركوننا فرحتنا، واعتذارنا أيضا ممن عادوا دون ان نراهم، لكنهم معنا وفي ذاكرتنا أيضاً، ونعذرهم، ونعتذر منهم فالبحر البشري لا يتقن إلا الموج.. وكل تأسيس وانتم بخير.. لأن الوحدة باقية بقاء فكر سعاده.
قبل ان تدق الساعة رنّات الخامسة مساء.. في قاعة «الكورال بيتش» في بيروت كان رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين علي قانصو، رئيس هيئة الطوارئ الدستورية ونائبه الأمين محمود عبد الخالق وأعضاء هيئة الطوارئ ووزير الحزب الأمين أسعد حردان ونواب الحزب ومجلس عمده يستقبلون المهنئين بذكرى تأسيسه.
ولثلاث ساعات متواصلة تخللتها كلمة لعميد الإذاعة الأمين نصري صايغ وكلمة لرئيس الحزب الأمين علي قانصو، كان الآلاف من رسميين وأصدقاء ورققاء يفدون لتقديم التهنئة، وقد حضر ممثل رئيس الجمهورية الأستاذ الياس الهراوي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ميشال المر، رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ممثل رئيس مجلس الوزراء السيد رفيق الحريري الوزير بشارة مرهج، ممثل قائد الجيش رئيس الجمهورية المنتخب العماد إميل لحود العميد الركن لطفي جابر. الرؤساء سليم الحص، رشيد الصلح، حسين الحسيني.. نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي.
الوزراء: جان عبيد، أكرم شهيب، غازي سيف الدين، الياس حبيقة، طلال أرسلان، أيوب حميد، شوقي فاخوري وفاروق البربير.
كما حضر حشد كبير من النواب والشخصيات، والفعاليات السياسية والرسمية والدينية، وممثلي الأحزاب والقوى اللبنانية والفصائل الفلسطينية والنقابات وقادة عسكريون وأمنيون شاميون ولبنانيون، ورؤساء بلديات ووفود شعبية واجتماعية من مختلف المناطق.
* *
شخصيات رسمية تقول لـ «البناء»: وحدة الحزب انتصار
نشرت «البناء» أسماء الشخصيات السياسية والحزبية والإعلامية الذين سجلوا في كلماتهم موقفاً لافتاً عن وحدة الحزب:
بشارة مرهج. محمد يوسف بيضون. محمد رعد. أحمد سويد. مروان حماده. صالح الخير. طلال المرعبي. أيمن شقير، فايز غصن. أنطوان حداد. وجيه البعريني. جاك جو خدريان. عدنان عرقجي. عبد اللطيف الزين. اسطفان الدويهي. جميل شماس. روبير غانم. عمار الموسوي. خليل الهراوي. رفيق شاهين، عاصم قانصوه، علي عمار وأبو فادي حمّاد.
نورد هنا نص عدد من الكلمات:
الرئيس د. سليم الحص: وحدة الحزب كانت مطلباً، وكنا كلما نجتمع مع قيادة الحزب المنشق على نفسه، كنا نطالبهم بإعادة النظر بالموقف وإعادة توحيده، شرذمة الحزب أضعفته كثيراً وإعادة الوحدة له، لا شك انها ستعيد له الفعالية، ومن المفترض ان يقدم الحزب السوري القومي الاجتماعي، نموذجاً لما يجب ان تكون عليه الأحزاب في لبنان.
* *
الوزير بشارة مرهج: خطوة كان ينتظرها الوسط السياسي منذ زمن وهي خطوة لاقت ترحيباً واسعاً في الأوساط السياسية والوطنية لأن الوحدة خطوة مباركة وهي رائدنا جميعاً. مع أملنا الكبير بان تعم هذه الروح الوحدوية كل مجالات العمل الوطني والقومي، لأننا نعيش في مرحلة تطلب منا جميعاً ان ننفتح على بعضنا البعض، وان نتحد مع بعضنا البعض من اجل استكمال مسيرة التحرير وتحقيق رغبات شعبنا. ان العمل الوحدوي هو فضيلة بذاته ولكنه يحتاج الى جرأة ووعي وتصميم وقد جاءت هذه الخطوة المباركة لتعطي زخماً لحياتنا الوطنية في هذه المرحلة ولتعطي العمل السياسي حيوية هو بحاجة إليها، من اجل الارتفاع بهذه الحياة الى مرتبة أعلى، وبالتالي تسهم في دفع المسيرة الوطنية والقومية الى أمام.
* *
النائب محمد يوسف بيضون: هذه خطوة كنا ننتظرها وندعو ان تتحقق والحمدالله انها تحققت في النهاية وتوحد الحزب، ولا شك ان هذه الوحدة سيكون لها تأثير على مجريات الحياة السياسية، وكل حزب يتحد ويقوى ويكون واضح الأهداف والمعالم تكون مشاركته أفعل في الحياة السياسية .
* *
النائب محمد رعد: وحدة الحزب السوري القومي الاجتماعي هي محطة تاريخية لأن هذا الحزب السياسي يملك رؤية وبرنامجاً واضحاً للنضال. والانقسام كان يشكل ظاهرة مرضية استطاع الحزب بوعي حضاري وتاريخي ان يتجاوزها، ونتأمل ان تكون وحدة الحزب محطة انطلاق من أجل تفعيل العمل الحزبي الذي نراه ضرورياً في المرحلة المقبلة. ومع إطلالة العهد الجديد، نطمح لمزيد من الديمقراطية في الحياة السياسية، والتي لا تتأتى إلا من خلال قانون انتخاب منصف ومتساو، ومن خلال قانون عصري ومتطور للأحزاب، نبارك هذه الوحدة ونعتز بها وبنضال القوميين الشرفاء ونحن على العهد معهم في صراعنا الحضاري ضد العدو الذي يستهدف وجودنا وموقع أمتنا ودورها.
* *
نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي: كان لا بد لهذه الوحدة في هذا الزمن الرديء ان تتحقق لأنها رد عملي على كل التنظيرات التي تقول ان الأحزاب قد أصيبت بالفشل الرهيب نتيجة انقساماتها، وثانياً هي ردّ على كل الدعوات المذهبية والطائفية. والحزب السوري القومي الاجتماعي هو الحزب القائد والرائد في مجال الرد على كل دعوة مذهبية وطائفية، وثالثاً انه حزب يجسد وحدة الجغرافيا ووحدة التاريخ وبالتالي كانت هذه الوحدة مصدر فرح وغبطة وسرور لجميع الوطنيين والقوميين وليس فقط للحزب السوري القومي الاجتماعي، وإننا نعوّل تعويلاً كبيراً على الدور القيادي والريادي لهذا الحزب في كافة المجالات، ليس في لبنان فحسب بل في كافة اقطار الامة العربية.
* *
الأمة تتطلّع إليكم
كلمة رئيس الحزب الأمين علي قانصو
أهلاً بكم، حلفاء، وأصدقاء، ورفقاء،
أهلاً بكم تشاركوننا فرحنا بذكرى تأسيس حزبنا وفرحنا بتحقيق وحدته.
ويا عيد التأسيس، لن نسأل هذا العام: بأية حال عدت يا عيد ؟ بما مضى؟ أم لأمر فيك تجديد؟ بل كيف نسألك عن جديدك، وفرح الولادة… فرح الوحدة يغمر قلوبنا؟ وهل هناك من جديد يضارع جديد الوحدة أو يفوقه لنسألك عنه؟
ويا عيد التأسيس، ها نحن هذا العام تعيدنا وحدة الحزب الى جوهر معناك، الى عمق روحك والى ينابيعك، أو لم يقل المؤسس، زعيمنا سعادة «هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للذين وحدوا إيمانهم وعقائدهم فيه، هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للذين وحدوا قوّتهم فيه، هذا هو الحزب السوري القومي الاجتماعي للأمة السورية». فوحدة الحزب هي حاجة لحزبنا يجسد بها وحدة ايمان القوميين الاجتماعيين، ووحدة عقيدتهم، ووحدة روحيتهم، ويعيد بها إليهم وحدة نظامهم.
هي حاجة لحزبنا يسترد بها اعداداً من أعضائه ساءهم الانشقاق فأقعدهم عن النضال، ويسترد بها صورته الزاهية، ويعزز صدقية طروحاته في الانسان الجديد والمجتمع الجديد.
هذه الوحدة هي حاجة لحزبنا لأنها حاجة لمجتمعنا، إذ لا معنى لحزبنا خارج دوره في المجتمع، لان هذا الحزب نشأ من أجل جعل الامة صاحبة السيادة على نفسها ووطنها،.. من أجل النهوض بالإنسان والمجتمع،… من أجل تغيير شامل يطال البنى السياسية والثقافية والاقتصادية والمناقبية في الأمة. إن قيمة الوحدة في انها تكسب حزبنا هذه القوة المعنوية المادية التي يحتاجها لتحقيق جملة المهام النضالية التي حدّدها لنفسه في هذه المرحلة الحافلة بالتحديات والمخاطر.
مجدداً في هذه المهام، فإنني أكتفي بالقول: ان حزبنا يرى في المشروع اليهودي وفي تجلياته خطراً لا يطال حاضر الامة وحسب، بل يطال مصيرها أيضا، ويرى ان الاتفاقات التي ابرمتها أنظمة في الامة مع هذا العدو هي في نصوصها ومفاعيلها أخطر بكثير من كل الصيغ العسكرية والأمنية التي اعتمدها العدو في سياق سعيه المحموم لفرض مخططاته على أمتنا. واننا نرى في استمرار واقع التجزئة السياسية والطائفية وفي فساد المناهج التي اعتمدت في إدارة الصراع ضد العدو، الأساس الذي مكّنه من تحقيق أكثر حلقات مشروعه الاستراتيجي الرامي الى تفتيت مجتمعنا، وإحكام سيطرته على مقدرات أمتنا. ولذلك لا نجد سبيلاً الى دفع هذا الخطر إلا باعتماد استراتيجية للمواجهة ذات مستويات أربعة:
اولاً: مستوى قومي يقوم على تحصين المجتمع من خلال تعزيز عوامل وحدته وإن مجتمعنا تشن عليه هذه الحرب الصهيونية المفتوحة وتلاقيها هذه الاطماع التركية المكشوفة، لا يقدر على حماية نفسه في ظل غياب وحدته القومية ووحدته الاجتماعية. ان قيام المجتمع اللاطائفي في كل كيان من كيانات الامة هو المدخل الى قيام علاقات قومية سليمة وراسخة ما بين الكيانات. واننا نرى في علاقات التنسيق بين لبنان والشام خطوة في هذا الاتجاه القومي الصحيح. ان قيام حلف قومي يجمع بين الشام ولبنان والعراق يشكل عصب هذه الاستراتيجية القومية في مواجهة الحلف «الإسرائيلي» – التركي.
كما ان اعتماد نهج المقاومة بكل اشكالها السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية يعتبر اساساً لأي خطة معاكسة للخطة الصهيونية.
ثانياً: مستوى عربي يقوم على العمل لصوغ موقف عربي مناهض للحلف التركي _»الإسرائيلي»، ولأي تطبيع في العلاقات مع العدو، وعلى قيام جبهة عربية لها وزنها في مواجهة المطامع الأجنبية، وعلى استخدام النفط سلاحاً داعماً لقضيتنا ولقضايا العرب أجمعين.
ثالثاً: مستوى إقليمي ويقوم على تعزيز العلاقة مع إيران المؤيدة لحقوقنا والداعمة لمواقفنا.
رابعاً: مستوى أوروبي ويقوم على إقامة حوار مع أوروبا. وتقوية العلاقات مع فرنسا، من أجل موقف اوروبي أكثر فاعلية وأكثر تأييداً لحقوقنا ولصمودنا بوجه الحرب الصهيونية _ التركية التي تشن علينا.
أيها القوميون الاجتماعيون:
التأسيس والوحدة عنوانان لفرحكم اليوم، وعنوانان لأملكم بنصر محتم أكيد. لكن هذا الفرح يحملّكم مسؤوليات نضالية كبيرة، وإننا لواثقون بأن أكتافكم هي أكتاف جبابرة، ولن تنوء تحت أي أعباء مهما عظمت، لذلك أدعوكم الى رصّ صفوفكم في نطاق وحداتكم الإدارية، لأن الامة في هذا الزمن الحافل بالمحن والشدائد تتطلع إليكم، فكونوا جنود عزتها، وحراس كرامتها وصانعي مستقبلها، وحاملي لواء مجدها.
أيها الحضور الكريم
وإنني إذ أرحب بكم، وأشكر حضوركم، أغتنم هذه المناسبة، التي تتزامن مع مناسبة قومية أخرى، هي ذكرى الحركة التصحيحية، لأحيي مطلق هذه الحركة وقائدها، لأحيي قائد الصمود والممنانعة والمواجهة في الأمة، الرئيس المناضل حافظ الأسد.
كما أحيي الرئيس الياس الهراوي _ شفاه الله من وعكته، وأحيي الرئيس المنتخب العماد إميل لحود.
أحييكم جميعاً..
ولتحي سورية وليحي سعاده
* *
وحدة الحزب القومي: خطوة محمودة… وأولى
الصحافي جورج ناصيف
اخيراً، وبعد تعثر وانشقاقات تلاها التئام فانشقاقات جديدة، استعاد الحزب السوري القومي الاجتماعي وحدته، في خطوة نرجوها نهائية لا تصدّع بعدها.
هذا الحدث لا يعني القوميين وحدهم، بل يتجاوزهم الى كل مشتغل بالحقل العام، فكرياً او سياسياً او اجتماعياً او نقابياً، بل يفترض ان يعني كل لبناني ذي اهتمام يتخطى حدود عائلته او عمله او حيه…
والحدث، عندنا، هو مبعث ارتياح وترحيب. ليس لأني نشأت وسط القوميين، ولي بينهم مئات من الأصدقاء والأحبة، بل لخمسة أسباب:
اولاً: لأنّ الحزب القومي حزب ما زال حاضراً بقوة في المجتمع والسياسة والسلطة. فليس شأناً بسيطاً ان يبقى حزب من الأحزاب، بعد سبعين عاماً من تأسيسه، مالكاً هذا القدر من التجذر في المجتمع والرسوخ في وجدان أعضائه ومناصريه، يشهد له انضواء الألوف تحت لوائه، فيما باتت الأحزاب التي تجايله عمراً (باستثناء الحزب الشيوعي) منقرضة او ذابلة او ذات حضور محض شكلي وفولكلوري.
ثانياً: لأنه حزب يمتلك خاصتين ثمينتين: علمانيته الشديدة، والتي تتجلى في ممارسة القوميين الحياتية لا في أدبياتهم السياسية فحسب، وإدراكه المبكر الخطر الصهيوني، وعداؤه لـ «إسرائيل».
ففي لحظة يسعى الطائفيون فيها الى افتراس المجتمع واعتقال حرية المعتقد والرأي والكتابة، وتحويل التوع الطائفي صراعاً دموياً، مثلما تسعى إسرائيل الى اخضاع العالم العربي، تصبح قوة الحزب القومي التي ستضاعفها الوحدة المستعادة، قوة مطلوبة ومرغوباً فيها، ترفد جبهة العلمانيين، ومناهضي الصهيونية (وإنْ كنا لا نوافقه على الخلط بين اليهودية والصهيونية).
ثالثاً: لأنه منتشر في ساحة واسعة من المناطق والطوائف والمذاهب، فيما باتت الأحزاب او جلّها حبيسة منطقة او طائفة، مما يعيد الاعتبار الى فكرة الحزب كرابطة تعاقد بين مواطنين أحرار، لا بين أبناء عصبية او قبيلة.
رابعاً: لأنه بدأ يجنح نحو الديمقراطية، في بنائه التنظيمي الداخلي، بعدما لمس ان ثمة حاجة الى إعطاء قواعد الحزب دوراً متعاظماً في انبثاق الهيئات القيادية.
خامساً: لأنه دعا، في بيان الوحدة الى حوار مفتوح مع الآخرين، مترافقاً مع مراجعة هادئة وبصيرة لتاريخ الانشقاقات التي عرفها، في صلب بنيانه الحزبي. وتلك حسنة نريد لها ان تعم الأحزاب والهيئات.
قليلة هي الأحزاب التي تعاود الوحدة بعد انشطار. بل لعل المأثور ان الانقسام يستولد انقسامات تتناسل بدورها.
والحزب القومي عرف كيف يناهض التيار ويسترجع وحدة كان غيابها حجة عليه، ومثار استهجان: أوَيدعو الى وحدة الامة من كان عاجزاً عن توحيد شطريه؟
لقد توحد الحزب. تلك خطوة محمودة، لكنها أولى.
يبقى ان يخطو نحو الأصعب: ان يتجدد في فكره فلا يبقى أسير أيديولوجيا الاربعينات، في الفكر السياسي والاجتماع والاقتصاد والثقافة.
لسنا نطالبه بالخروج على نفسه، ولا جحود منطلقاته، او التنكر لثوابته. لكن التكرار الدوغمائي للمقولات نفسها، خارج زمانها وظروف صياغتها، ومن غير إعادة التفكر فيها، باب الى اليباس العقلي فالموت. وتجربة الماركسية السوفياتية بليغة في هذا المجال.
فهل يستردّ الحزب حيوية فكرية كانت سمته الغالبة في الخمسينات والسبعينات؟
هل يعود الى موقعه، مشاركاً في البحث الشاق، بحثنا جميعاً، عن إجابات أولية عن أسئلة الحاضر؟