السلطة الفلسطينيّة تعبّر عن تقديرها لقرار المدّعية العامة فتح تحقيق جنائيّ لجرائم الاحتلال الصهيونيّ
الجامعة العربيّة ترحّب بقرار المحكمة الجنائيّة.. وهستيريا تواكب العدو الذي هدّد رام الله بأن التعاون معها ستكون له تداعيات سلبيّة
عبّرت السلطة الفلسطينيّة، عن تقديرها الكبير لقرار المدعية العامة، بخصوص فتح تحقيق جنائيّ للحالة في فلسطين والتي تشمل الحرب على غزة، والاستيطان، وملف الأسرى في سجون الاحتلال الصهيونيّ.
وثمنت السلطة استقلالية وشجاعة المدعية العامة في الدفاع عن الحق والحريات، مشيدة بالجهود الحثيثة التي بذلت في السنوات السابقة للوصول الى الأهداف التي نسعى اليها. كما عبرت عن تقديرها لجهود وزارة الخارجية والمغتربين وطواقمها الدبلوماسيّة، التي أدت مهامها حسب توجيهات الرئيس محمود عباس، دفاعاً عن حقوق شعبنا، مع الإشادة والتقدير بدور اللجنة الوطنية الخاصة بمتابعة ملف المحكمة، ومؤسسات المجتمع المدني في هذا المجال.
وكانت وزارة الخارجية الفلسطينية قالت في بيان لها، «حالة من الهستيريا والهلع وعدم التوازن سيطرت على ردود الفعل الاسرائيلية الرسمية تجاه إعلان المدعية العامة للجنائية الدولية رسميا فتح تحقيق بجرائم الاحتلال، حيث سارع أكثر من مسؤول إسرائيلي بإطلاق وابل من التصريحات والمواقف والتوصيفات لهذا الاعلان، كان أبرزها الاسطوانة المشروخة التي وردت على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي غالبا ما يهاجم بها خصومه، في مقدمتها تهمة «معاداة السامية» باعتبارها وصفة جاهزة صالحة حسب نتنياهو لكل زمان ومكان لجميع المناسبات، بهدف تخويف الخصوم من تصنيفهم في خانة «اللاسامية»، متناسيا أن من يهاجمه هذه المرة هي المحكمة الجنائية الدولية، رمز القضاء الدولي التي تتمتع بمصداقية ونزاهة».
وفي السياق، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بإعلان المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قرارها بالتحقيق في الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية المتركبة ضد الفلسطينيين، معتبرا أن ذلك يُمثل دليلا جديدا لإدانة الاحتلال وجرائمه.
وأكد في بيان له أمس أن القرار ينسجم مع مبادئ العدالة الدولية، ويعكس انحيازا للإنسانية وتجردا من جانب المُدعية العامة، وأيضا من جانب قضاة المحكمة الذين قرروا، في الدائرة التمهيدية الأولى، الولاية القضائية للمحكمة على الانتهاكات المرتكبة من جانب سلطات الاحتلال في الضفة الغربية وغزة.
ويذكر أن قناة «كان» الصهيونية، كانت قد كشفت صباح أمس، عن قيام حكومة الاحتلال بنقل رسائل تهديد للسلطة الفلسطينية تحذرها من إمكانية التعاون مع محكمة الجنايات الدولية وتقديم معلومات تساهم في التحقيقات.
وذكرت القناة، أن حكومة الاحتلال أخطرت السلطة الفلسطينية بأنه «ستكون هناك تداعيات لفتح التحقيق الدولي في محكمة لاهاي، تشمل إظهار السلطة الفلسطينية لحماس زائد في التعاون مع المحكمة وإمدادها بمعلومات قد تُسرّع من إجراءات التحقيق».
وهددت حكومة الاحتلال بحسب القناة، السلطة بـ»وقف الدفع باتجاه إطلاق عملية سياسية وجولة مفاوضات مع الفلسطينيين أو إجراءات لبناء الثقة»، كما هددتها بـ»تضييق اقتصادي يشمل تقييد الأنشطة التجارية في الضفة الغربية المحتلة».
كما ونقلت القناة عن مسؤول فلسطيني، قوله إن «إسرائيل» أوضحت في رسائلها أن فتح التحقيق سيكون له تداعيات سلبية على العلاقات بين الجانبين.
وأضاف أن السلطة لا تعتزم التراجع عن هذه الخطوة، مشيرًا الى أنه «مثلما تفاوض معنا الإسرائيليين فيما عززوا التوسع الاستيطاني في الضفة، لا نرى ما يمنعهم من التفاوض معنا بينما نحاكمهم دوليا في لاهاي».
وفي ذات السياق، وصف براك رافيد مراسل موقع «واللا» قرار المحكمة بأهم حدث منذ انسحاب «إسرائيل» من مستوطنات غزة عام 2005 وأن نقاشات المحكمة ستستمر لسنوات ولا يمكن لأحد إيقافها.
يشار إلى أن الشرطة العسكرية الصهيونية بدأت بتدريب الضباط وإخضاعهم لمحاكمات شكلية تمهيدا لإمكانية استدعائهم من قبل محكمة لاهاي.
ومساء أول أمس، أكدت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، أن مكتبها فتح تحقيقا رسميا في جرائم حرب مزعومة ارتكبت في الأراضي الفلسطينية.
وذكرت بنسودا التي تنقضي ولايتها في 15 يونيو القادم، في بيان لها: «أؤكد اليوم رفع مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بشأن الوضع في فلسطين. سيطال التحقيق الجرائم التي تشملها الولاية القضائية للمحكمة واقترفت من 13 يونيو 2014».
من جهته، قال رئيس مركز العدالة الدولية بمنظمة العفو الدولية ماثيو كانوك، إن تأكيد المدّعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية على فتحها تحقيقا في الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي التي ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة يمثّل اختراقا كبيرا للعدالة بعد عقود من عدم المحاسبة على ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية».
وتابع في بيان: «يوفّر التحقيق الذي شرعت به المحكمة الجنائية الدولية الفرصة الحقيقية الأولى لآلاف ضحايا الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي للوصول الذي طال أمد انتظاره إلى العدالة والحقيقة والتعويضات، كما أنه يوفّر فرصة تاريخية لوضع حدّ نهائي لتفشّي الإفلات من العقاب الذي تسبّب بارتكاب انتهاكات خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلَّة لأكثر من نصف قرن».
وقال: «يبعث القرار رسالة واضحة لكافة مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مفادها بأنهم لن يفلتوا من العقاب».
ودعا كانوك إلى تقديم الدعم السياسي والعملي الكامل للمحكمة الجنائية الدولية، والمحكمة بالشروع فورا بالاتّصال بالمجتمعات المتضرّرة».