اتجاهات
مرفان شيخموس
مجلس الأمن الدولي وفي قرار له صدر بالإجماع في جلسته الخميس الماضي تبنى مشروع القرار الروسي حول تجفيف منابع الإرهاب ويجرم القرار شراء النفط من تنظيم «داعش» ومن جماعة «جبهة النصرة» وغيرهما من الجماعات الإرهابية والتي لها علاقة بتنظيم القاعدة وتقديمهم للعدالة كمتواطئين مع الإرهاب.
تنظيم «داعش» وبالنسبة لوضعه الاقتصادي فهو يعتمد على العديد من المصادر الاقتصادية في تمويله حيث يتم الحصول على إيراداته من بيعه النفط في السوق السوداء وللسماسرة وقد موّل التنظيم نفسه بالاعتماد على المصادر الداخلية التي سيطر عليها ومن أهمها :
1ـ يسيطر مقاتلو التنظيم على مساحات واسعة في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور، والممتد على مسافة 130 كم حتى الحدود العراقية، فضلاً عن سيطرته على معظم آبار النفط في هذه المنطقة، حيثُ تقدر قيمة الإيرادات اليومية لتنظيم «داعش» من موارد النفط والغاز وحدها بأكثر من ثلاثة ملايين دولار في أماكن سيطرتهم في سورية والعراق.
2ـ الضرائب والأتاوات على المدنيين في الأماكن التي يسيطرون عليها مثل مدينتي الموصل والرقة.
3ـ الأموال التي سيطروا عليها من بنك الموصل في العراق سابقاً حيثُ قدرت أصول وأموال التنظيم النقدية نحو 2 مليار دولار لا سيما بعد سيطرتهم على مدينة الموصل العراقية وسرق مليارات الدولارات من البنوك والبنك المركزي.
وكذلك يوصي القرار بتشديد المراقبة على حركة الشاحنات والطائرات من وإلى المناطق الخاضعة لسيطرة المتطرفين، وتتوجه هذه التوصية خاصة إلى تركيا باعتبارها نقطة عبور رئيسية.
ما هو موقف تركيا الواضح بشأن الدولة الإسلامية؟ بدأت هذه المسألة تثير الجدل. وتم انتقاد الحكومة التركية في ما يخص ثلاث نقاط: هي لم تقم بما يكفي لإغلاق حدودها أمام تدفق المقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى الدولة الإسلامية. وكذلك لم تأخذ الإجراءات اللازمة لكبح جماح الجماعات المتطرفة في الداخل التي تجند مقاتلين لمصلحة التنظيم. والأهم أن الدولة الإسلامية تربح الأموال عن طريق بيع النفط عبر الأراضي التركية.
لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي قامت أخيراً بمناقشة مسألة التجارة هذه، التي تم تسليط الضوء عليها في صحيفة «نيويورك تايمز»، وبلومبرج بيزنيس ويك أما السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الشأن ما هو حجم هذه التجارة غير المشروعة؟ بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، تقدر عائدات النفط بمليون دولار إلى مليونين دولار يومياً فهذا يعني أنه يتم نقل 400,000 برميل يومياً بشكلٍ غير شرعي من العراق أو سورية إلى تركيا.
ويذكر مشروع قرار الأممي أيضاً الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة وروسيا أن الدول الأعضاء ملزمة بالامتناع عن إبرام الصفقات التجارية المباشرة وغير المباشرة مع التنظيم وعلى تجميد كل أصوله ويندرج هذا القرار التقني الذي يشمل أيضاً مجموعات متطرفة أخرى مثل «جبهة النصرة»، ضمن إطار الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة الذي ينص على فرض عقوبات على الدول التي تمتنع عن التطبيق.
مجلة «فورين بوليسي» الأميركية نقلت عن جين لويس بروغير المدير السابق لمركز أميركي – أوروبي مشترك لمكافحة تمويل العمليات الإرهابية، قوله إن قطر تقوم بتمويل علني لـ»جبهة النصرة» بهدف زعزعة استقرار المنطقة.
وتضيف المجلة الأميركية إن مؤسسات قطرية تساعد الإرهاب وتعمل في غسل الأموال وتوفر فرص العمل والوثائق الرسمية لشخصيات رئيسة ذات صلة، مؤكدة أن قطر ضخت عشرات الملايين من الدولارات من خلال شبكات تمويل غامضة إلى مقاتلي المعارضة السورية المتشددين والسلفيين المتطرفين، ويقول تقرير «فورين بوليسي» إن «حسام» كان يدير فرقة عسكرية معارضة في سورية. وفي عامي 2012 و2013 وصلت قوة الفرقة إلى ما تعداده 13 ألف شخص، تعمل تحت سيطرته بالقرب من مدينة دير الزور في شرق سورية ويؤكد «حسام» أن «أمواله أتت ولو بشكل جزئي من قطر، حيث مُنح حرية التصرف بها من قبل وزير الخارجية خالد بن محمد العطية.
وكذلك لايخفى الأمر للمتابع للشأن تلك الجماعات الدور الذي لعبه ولا يزال يلعبه الأمير السعودي بندر بن سلطان في تسليح فصائل المعارضة السورية وبالذات «جبهة النصرة»، وفي السياق نفسه، نشرت «لوري بلوتكين بوغارت» ـ معهد واشنطن تقريراً حول دعم السعودية مالياً لـ»جبهة النصرة»، على رغم أن السعودية نفت ذلك. لكنها أضافت هناك أسئلة حول الدعم السعودي للجبهة ولا تتعلق بالضرورة بدعم رسمي ولكن بالمتبرعين الأفراد وموقف الحكومة منهم، والأهمية النسبية للدعم السعودي مقارنة مع قدرات الجبهة المالية. وقال مدير الاستخبارات البريطانية السابق ريتشارد ديرلاف إن «الأمر لم يحدث بعفوية» وكذلك الانقلابات التي حدثت بين «جبهة النصرة» والسعودية حيث كشفت وثائق نشرتها «جبهة النصرة» تفضح أسرار ارتباط السعودية مع قوى المعارضة السورية الإرهابية المسلحة فقد أبرقت «جبهة ثوار سوریة» رسالتین إلى السعودیة والعمل الإغاثي في أميركا، الأولى تضمنّت الشكر والثناء لدعم النظام السعودي. أما رسالة العمل الإغاثي في أمیركا فقد حملت طابع اللوم والعتب لأن الدعم المقدم لها لم یرتقِ إلى مستوى دعم تشكیلات مسلحة فهل سيوقن المثلث الداعم للإرهاب دولياً فشل سياستهم في دعم تلك الجماعات في سورية؟