سورية: انتهت اللعبة
حميدي العبدالله
في خطابه بمناسبة الذكرى السنوية للشهداء القادة، قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله إنّ اللعبة في سورية قد انتهت. والسيد ليس محللاً سياسياً، وليس مراقباً من بعيد، وليس طرفاً غير معنيّ بشكل مباشر بما يجري في سورية. فموقع السيد نصر الله في منظومة المقاومة والممانعة، ومستوى التنسيق بينه وبين القيادة السورية، يؤكد أنه عندما يعلن أنّ اللعبة قد انتهت فهو يعلن ذلك مستنداً إلى وقائع ومعطيات غير قابلة للجدل والاجتهاد.
وثمة مؤشرات كثيرة تؤكد ما قاله الأمين العام لحزب الله.
أولى هذه المؤشرات، القرار الكبير، التاريخي والاستراتيجي، الذي اتخذته منظومة المقاومة والممانعة، عندما قرّرت فتح معركة الجنوب السوري، وصدور الأوامر للجيش العربي السوري وحلفائه في المقاومة لتطهير محافظتي القنيطرة ودرعا من سيطرة الجماعات الإرهابية المرتبطة بالعدو الصهيوني، والقضاء على حلم الكيان الصهيوني بإقامة جدار عازل. ومعروف أنّ هذا القرار أخذ في الحساب احتمال اندلاع حرب شاملة في المنطقة في حال تدخل العدو الصهيوني لنجدة عملائه في الجنوب السوري، حرب بين الكيان الصهيوني ومن يدعمه، وبين دول وقوى منظومة المقاومة والممانعة، الأمر الذي يحبط أيّ محاولة لاستمرار التدخل وتقديم الدعم «الإسرائيلي» المباشر للجماعات الإرهابية، والاستعداد لجعل كلفة الحرب باهظة على الكيان الصهيوني الذي حاول منذ اندلاع الأزمة في سورية التدخل لاستنزاف قدرات الجيش السوري من دون دفع أيّ كلفة. لقد ولّت إلى الأبد هذه الرهانات وبات الكيان الصهيوني أمام تحدّي الحقيقة، واعترف نتنياهو أنّ كيانه يواجه اليوم ثلاث جبهات، هي جبهة لبنان مع المقاومة، وجبهة غزة، وجبهة الجولان.
ثاني هذه المؤشرات فتح معركة حلب ونجاح الجيش العربي السوري وحلفائه في تحقيق مكاسب سريعة على غرار ما حدث في الجبهة الجنوبية، ويأتي هذا التطور الميداني ليؤكد من جديد قدرة الجيش السوري وحلفائه على فتح أكثر من جبهة، بل أكثر من ذلك فتح أخطر الجبهات، فمن المعروف أنّ خطورة الجبهة الجنوبية يأتي من ثقل الدور الصهيوني والأردني ومن خلفه الدور الغربي والخليجي، وأنّ خطورة الجبهة الشمالية، ولا سيما في حلب وريفها، يأتي من ثقل وجود المجموعات الإرهابية المسلحة والدعم غير المقيّد وغير المحدود الذي تقدّمه تركيا، ومن ورائها الدول الغربية والدول الخليجية، للجماعات الإرهابية المسلحة.
وعندما يخوض الجيش العربي السوري وحلفاؤه معارك هجومية، ويحقق مكاسب واضحة على الجبهتين الأكثر خطورة في آن واحد، فهذا يؤكد أنّ اللعبة ميدانياً قد انتهت.
ثالث هذه المؤشرات، عودة بعض الأطراف الغربية إلى اعتماد الواقعية السياسية في مواجهة الأوضاع القائمة في سورية، ولعلّ تصريحات المبعوث الأممي «ستيفان دي ميستورا» المؤشر الأوضح حتى هذه اللحظة على هذه الواقعية، ودي ميستورا لا يعبّر عن موقفه الخاص، بل يعكس التوازن الدولي والإقليمي الجديد.