65 عاماً من النضال النقابي
زياد صبري بدر*
خمس وستون عاماً مضى على تأسيس الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، كأنها لمح الصبر. ٦٥ شمعة أضيئت بدم عمال وكادحي الوطن العربي وعرقهم في سبيل الدفاع عن حقوقهم. ٦٥ عاماً من النضال أخذ اتحادنا خلالها على عاتقه الكفاح من أجل الحقوق والحريات النقابية الاقتصادية والاجتماعية من أجل العيش الكريم ومواجهة المشروع الصهيوني الأميركي.
في أواسط الخمسينات من القرن الماضي اجتمع في دمشق العديد من المنظمات النقابية العربية من مصر وسورية ولبنان والأردن وليبيا، تأسّس بنتيجته الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وأصبح الاتحاد ممثلاً لعشرات الاتحادات النقابية والمهنية العربية.
إنّ البحث في تاريخ نشأة الطبقة العاملة العربية يرتبط بتكوين الصناعة وتطوّرها، ففي مصر بادر محمد علي خلال فترة حكمه (١٨٠٤ ـ ١٨٤٨) إلى إنشاء عدد من المصانع بعد عام ١٨٢٠، تبع ذلك فتح قناة السويس وإقامة معامل الأسلحة والألبسة ومحالج القطن وتوسيع ميناء الإسكندرية ومدّ خطوط الترام وتطوير صناعات السجائر والأحذية والنسيج، ثم كانت محاولة نامق باشا في العراق ١٨٦٤ عندما أنشأ معمل الألبسة العسكرية، إضافة إلى توسيع الورش الصناعية وإنشاء محالج القطن بين بغداد والموصل، وكذلك الحال في تونس حيث تمّ توسيع ميناءي تونس وبنزرت لتلبية احتياجات التوسُّع التجاري مع تنامي استخراج المواد الأولية من المناجم وإنشاء الشركات الزاعية، بالإضافة إلى الصناعات النسيجية في كلّ من سورية وفلسطين.
في الرابع والعشرين من شهر آذار/ مارس عام 1956 جرى الإعلان عن تأسيس الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، كإطار مُعبّر عن وحدة الطبقة العاملة العربية واهتمت قيادته بالحقوق والحريات النقابية. كانت للاتحاد توجهات وأهداف سياسية تتركز أساساً على القضايا القومية، وفي مقدّمتها القضية الفلسطينة والصراع العربي “الإسرائيلي” والتعاون مع المنظمات الدولية للعمل من أجل ضمان حقوق العمال العرب المهاجرين وتأييد حقّ الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها.
بموجب المادة السادسة عشرة من دستور الاتحاد تضمّ أجهزة الاتحاد ثلاثة مستويات هي: المؤتمر العام، والمجلس المركزي، والأمانة العامة.
المؤتمر العام هو السلطة العليا للاتحاد ويضمّ مندوبي المنظمات القطرية الأعضاء الأصيلين في القطر الواحد، وفقاً لحجم العضوية في كلّ منظمة، وثلاثة ممثلين عن كلّ منظمة قطرية عضو مراقب وممثلين اثنين عن كلّ اتحاد مهني بصفة مراقب والأمين العام. ويكون أعضاء الأمانة العامة أعضاء في المؤتمر حكماً، إلى حين انتخاب أمانة عامة جديدة، وليس لهم حقّ التصويت إلا إذا كانوا مندوبين ضمن وفود منظماتهم. كما أنّ هناك ممثلة عن لجنة المرأة العاملة العربية بصفة مراقب وممثل عن لجنة الشباب العامل بصفة مراقب ويشترط أن لا يقلّ عدد المندوبات من النساء عن 25 في المئة من عدد المندوبين للمؤتمر عن كلّ منظمة.
تعقد الدورات العادية للمؤتمر كلّ خمس سنوات، بناء على دعوة من المجلس المركزي، ويجوز في ظروف قاهرة تأجيل عقد المؤتمر لمدة سنة واحدة بناء على طلب خطي من ثلثي ممثلي المنظمات الأعضاء بعقد دورة طارئة للمؤتمر فينظر المؤتمر في اعتماد عضوية مندوبي المنظمات ومستشاريهم للمؤتمر ورسم سياسة الاتحاد وإقرار توجهاته العامة والتصديق على قبول الأعضاء الجدد والتجميد والفصل من عضوية الاتحاد والتصديق على قرارات المجلس المركزي. من صلاحيات المؤتمر أيضاً تشكيل لجنة الرقابة المالية وانتخاب لجنة النظام والعضوية وأيضاً انتخاب الأمين العام.
وفقاً للمادة الرابعة والعشرين من دستور الاتحاد يتألف المجلس المركزي للاتحاد من عضوين اثنين عن كل منظمة وممثل واحد عن كل اتحاد مهني عربي بصفة مراقب وممثلة عن المرأة العاملة العربية بصفة مراقب وممثل عن لجنة الشباب العامل بصفة مراقب أيضاً والأمين العام وأعضاء الأمانة العامة من دون أن يكون لهم حق التصويت.
أما الأمانة العامة فهي تتألف من الأمين العام والأمناء ويشترط أن يكونوا متفرغين للعمل بمقرّ الاتحاد. يُنتخَب الأمين العام من بين مرشحي المنظمات الأعضاء المقدمة أسماؤهم إلى المجلس المركزي في دورته قبل انعقاد المؤتمر بثلاثة أشهر على الأقل، على أنّ ولاية الأمين العام هي خمس سنوات قابلة للتجديد، ويكون الأمين العام هو الممثل القانوني للاتحاد يشرف على تنظيم شؤونه وهو الناطق باسمه والمعبر عن إرادته. توالى على الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب منذ تأسيسه تسعة أمناء عامون هم: فتحي كامل، ومحمد أسعد راجح، فوزي السيد، وعبد اللطيف بلطية (جميعهم من مصر)، علي المولى من العراق، حميد أبو بكر جلود من ليبيا، حسن جمام من الجزائر، رجب معتوق من ليبيا، وغسان غصن من لبنان (الأمين العام الحالي).
تتكون الاتحادات المهنية العمالية العربية من أحد عشر اتحاداً مهنياً عربياً موزعين على الدول التالية: مصر والعراق، وليبيا، والسودان، وسورية، والجزائر.
ينتخب المجلس المركزي أيضاً نائب الأمين العام وقد شغل هذا المنصب القائد النقابي صبري بدر منذ عام ١٩٨٠ وحتى عام ٢٠٠٧، وهو من مؤسّسي الحركة العمالية العربية والفلسطينية وقد منحته الحركة العمالية العربية العديد من الأوسمة وكذلك زعماء وقادة عرب.
جدير بالذكر أن الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب اعتمد في مؤتمره التاسع الذي عقد عام ١٩٩٤ استحداث وسام (الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وتم منحه لسيادة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بعد انتهاء المؤتمر، ومُنح أيضاً للرئيس بشار الأسد لدى استقبال الأمانة العامة في المؤتمر الحادي عشر. ومنح الوسام أيضاً لعدد من القادة النقابيين العرب ومنهم صبري بدر، وحميد أبو بكر جلود، وحسن جمّام. في الذكرى الخامسة والستين لتأسيس الاتحاد نتمنى دوام الازدهار والتقدّم للحركة النقابية العربية رغم التحديات ورغم الظروف القاسية التي يرزح تحت وطأتها العالم بأسره، وشعار المؤتمر القادم للاتحاد هو “قوتنا في وحدتنا لمواجهة التحديات”.
*مدير الشؤون الإدارية
في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب