العراق والأردن ولبنان ساحات تجاذب وتكتل؟
ناصر قنديل
– وقّع الأميركيّون معاهدة عسكرية مع الأردن في توقيت غير مفسّر وفقاً لجدولة اهتمامات الإدارة الأميركية الجديدة، ورغم التوضيحات الأردنية الرسمية لا زال الأمر موضع اهتمام داخلي أردنيّ وإقليميّ لمعرفة موقع هذه المعاهدة، ويتزامن ذلك مع مشروع لا تغيب عنه العين الأميركيّة عنوانه ما سُمّي بمشروع الشام الجديد الذي يضمّ مصر والأردن والعراق تحت عنوان التعاون الأمني الاقتصادي، ومعلوم أن في قلب هذا المشروع تخطيط لنقل الغاز والكهرباء من مصر الى العراق تعويضاً لحاجتها باستجرارهما من إيران، وتعويضاً لمصر عن أضرار يمكن ان تلحق بقناة السويس وعائداتها جراء التطبيع الخليجي الإسرائيلي، والذي جرى استحضاره مع الأزمة الأخيرة المفاجئة التي عصفت بالقناة ورأى فيها البعض تمهيداً لخط برّي تجاريّ بديل بين ميناء حيفا ومدينة دبي، وبالتزامن أيضاً تسعى واشنطن علناً الى استبدال الدعوة لسحب قواتها من العراق بتنظيم هذه القوات وشرعنة استمرارها تحت عنوان معاهدة تعاون عسكريّ أميركيّة عراقيّة.
– اللزوجة السياسيّة في العراق تشابه تلك اللبنانية حيث تتشارك قوى منتمية لمحور المقاومة الحضور والتأثير الوازن، مع نفوذ أميركيّ مباشر وغير مباشر عبر علاقات خاصة مع قوى سياسيّة وازنة وعبر علاقات عسكرية متميزة، مع المؤسسة العسكرية الرسمية، والبلدان كما الأردن جوار تاريخيّ مع سورية، وتداخل ديمغرافي واقتصادي وأمني، تتصدّره قضايا المياه وخطر تنظيم داعش، والضغوط المعيشية المتزايدة التي تجعل الإنتاج الزراعي والصناعي السوري حاجة لا غنى عنها للبلدان الثلاثة، بينما يُراد لهذه البلدان لعب دور الطوق على سورية ومحاولة عزلها، سواء من خلال ضغوط قانون قيصر والعقوبات، أو من خلال الرهانات الأميركيّة على وظيفة المثلث السياسي الجديد الذي يريد جمع مصر والأردن والعراق في محاولة غير خفية لاستبعاد شريك طبيعيّ للعراق والأردن في أيّ تكتل إقليمي اقتصادي وأمني، هو سورية، ويعرف اللبنانيون حجم الضغوط لمنعهم من أي تعاون مع سورية من موقع المصلحة، خصوصاً في ملف عودة النازحين، أو كما ظهر مؤخراً في ملف استجرار الكهرباء من الأردن الى لبنان، وكما أظهرت الحملة المفتعلة على الاستجابة السورية الإنسانية لطلب لبنان الحصول على شحنات إسعافيّة من الأوكسجين.
– الارتباك الأميركي في مقاربة الملفات الكبرى في المنطقة بسبب العجز عن المضي في السياسات القديمة، سواء الحرب المباشرة او حرب الوكالة أو وهم الرهان على العقوبات، وبالمقابل العجز عن تحمّل تبعات التسويات فيها، يجعل التكتيكات في الساحات الأقل وزناً تتحوّل إلى سياسة ملء الوقت الضائع، وسيترتّب على هذه السياسات رفع وتيرة التوتر في هذه الساحات، ما جعل العراق يطرح ضمّ سورية الى المثلث المصري الأردني العراقي، وهو ما يبدو بحاجة لضوء أخضر أميركيّ، لكون المثلث صناعة أميركية، بينما تشكيل مثلث سوريّ عراقيّ أردنيّ يبدو أقرب الى الواقع، ليصير السؤال اللبنانيّ مشروعاً، لم لا يكون المثلث مربعاً والمربّع المقترح مخمّساً، أي لم لا يكون هناك مشروع تعاون اقتصاديّ أمنيّ عراقيّ سوريّ أردنيّ لبنانيّ، دعا الى قيامه القوميون تحت عنوان مجلس تعاون مشرقيّ، أو يكون المثلث المصريّ الأردنيّ العراقيّ خماسياً يضمّ الى الدول الثلاث سورية ولبنان. والسؤال الأهم ماذا يفعل لبنان على هذا الصعيد، في ظل حراك دبلوماسيّ نشط تشهده المنطقة، ويقع لبنان على خط الحاجة الملحّة للتشبيك مع دولها في ظل مخاطر أمنية وتحديات اقتصادية، لا وصفة لمواجهتها خارج إطار هذا التشبيك؟