قالت له
قالت له: متى موعد السفر؟ قال: غداً. وما زلت أحمل أملاً في أن نكون معاً. تعالي معي إلى أرض تتشح بسواد يتجدّد كل يوم. حيث نكمل تحقيق أحلامنا ونبني مستقبلاً لبناتنا. قالت: ما جدوى أن نبقى أحياء ووطننا تمزقه نصال الغدر؟ فوجع الوطن يحفر عميقاً في القلب و يترك للسعادة مكاناً. أريد الرحيل أستطيع الرحيل. سنبقى هنا متجذّرين كأشجار الياسمين. قال لها: ليس رحيلاً، سنعود حين يبرأ الوطن من جراحه. قالت له: الوطن ليس قطعة حجر ومجموعة بشر إذا ساءت حالهم غادرناهم إلى سواهم. كيف اختزلت بلاداً في حقيبة سفر وتذكرة طائرة؟ أنا أؤمن بالوطن أقسم بالوطن، أني أسيرة عشقه الذي تسلل إليّ ببطء، فبتّ أحمله دونما عناء أو قدرة على الاستغناء. قال: أليس جنوناً أن أذهب وحيداً و أقوى على الحياة من دونكم وأعرف سلفاً أنني لن أتحمل البقاء هنا فالحزن يخنقني. لِم علينا دوماً الاختيار؟ أنت تريدين الرحيل، وأنا أطيق البقاء. قالت له: إنه قدرنا، فلا مفرّ. وهل يملك النهر تغيراً لمجراه؟ و تقلق فللقلب المغروم كل ا شياء ممكنة. تجلس هنا وتنتظر. أخرج إلى الشمس التي تمدك بالحياة. وعد حقاً لنعيد معاً بناء ا حلام وا مل.
رانية الصوص
قالت له: لماذا صرنا نتفادى النقاش حتى في ما لا يخصنا ونكتشف كيف أن كل النهايات تكون اشتباك، وصار أفضل الكلام نختاره تبدالاً لصدق المشاعر لكنّه يصير تكراراً وروتيناً وعلامة حذر، ولا نكاد ننهيه حتى ينشغل أحدنا بشيء آخر ويصير مجموع كلامنا في اليوم لا يعادل موعد فنجان قهوة على رصيف العمل، بينما تطول محادثات كل منّا مع أيّ آخر بلا قلق ولا اشتباكات ولا حذر، حتى أننا بدلاً من أننا كنا نركض إلى صفحاتنا لنبحث عن بعضنا صرنا نتجاهل رؤية بعض تفادياً لبدء محادثة ستنتهي بتوتر، ونفضل أن تأتي نهاية المطاف وغالباً ما نكرّر فيها ببرود حرارة الكلمات عن شوق لم يعبّر كما في السابق عن نفسه بلهفة البحث والتمسك واللهاث. فقال لها: لأن كل منّا يفترض في الآخر سوء نية لا يفترضها في الغريب، ويمارس حسّ التملك الذي لا يحسه مع سواه، ويعيش تعالي السيطرة الذي لا يليق بأدبيات التواضع مع الغير. فقالت له تعال نبدأ من جديد كغرباء وأنا واثقة من أن أحدنا للآخر أقرب من أي أحد لأحد وربما هكذا علينا أن نبرمج دورة الزمان كلما انكشفنا أمام بعضنا حتى العراء، وصار الاختباء وراء الخصوصيات ودرجة الذكاء واللياقة أقرب إلى الاستحالة.
قالت له: ماذا تحبّ أن أهديك في عيد الحب، فقد أرسلت صديقتي لحبيبها قلماً وساعة من الذهب. فقال لها أغلى ما أهديتني يوماً كان القلق والانتظار والغيرة فهل تستطيعين إعادة هذه الهدية لأهديك إزعاجاً لا يتوقف بالأسئلة ووعداً لا يتحقق بالثقة والشعور بالاطمئنان. فقد اكتشفت أن هذه الوعود الجميلة تعني إعلان نهاية الحب.