نادي القضاة
في خطوة لافتة قضائياً أقدمت القاضية أماني سلامة رئيسة نادي قضاة لبنان على إصدار قرار بوضع إشارة عقاريّة على ممتلكات المصارف ورؤساء مجالس إدارتها، وكانت خطوات مشابهة في مواجهة ضياع ودائع اللبنانيّين قد أقدم عليها القاضي فيصل مكّي والقاضي أحمد مزهر أعضاء النادي، وكانت ردة الفعل التي صدرت عن القاضية غادة عون على قرار القاضية سلامة، الإعلان عن انتسابها إلى النادي.
تحوّل نادي القضاة الى جبهة قضائيّة بعيدة عن الحزبيّة السياسيّة والطائفيّة، تحت عنوان ردّ الاعتبار لمكانة القضاء في مواجهة الفساد وملاحقة حقوق الناس الضائعة، يعتبر تحوّلاً في الحياة السياسيّة اللبنانيّة يستحقّ الدعم والتحية.
مجلس القضاء الأعلى الذي يمثل السلطة القضائيّة العليا، وضع علامات استفهام حول نشاط نادي القضاة واعتبره إخلالاً بالانتظام القضائي، بينما اعتبر ما قامت به القاضية غادة عون مخالفاً لقواعد السلوك المتحفظ للقاضي من جهة، وتجاوزاً للهرميّة التي تحكم عمل القضاة في النيابات العامة من جهة أخرى.
انضمام القاضية غادة عون الى النادي يبلور المشهد القضائيّ بين مجلس القضاء ونادي القضاة، وهذا ليس بالأمر السلبيّ، فالضغوط التي يمثلها موقف مجلس القضاء من جهة، والتركيبة الموسّعة للنادي من جهة أخرى، ستتكفلان بضبط أداء قضاة النادي بمزيد من التحفظ تحت سقف القانون وبعيداً عن الاستعراض والشعبويّة والحسابات السياسية الفئوية والتموضع وراء خطوط طائفيّة.
وجود النادي ومواقفه الإصلاحيّة والشجاعة في ملاحقة الفساد سترفع سقوف التحدّي أمام مجلس القضاء الأعلى ليحثّ القضاة على المزيد من الجدية والشجاعة في مواجهة الفساد، كي لا يبقى الأمر محصوراً بقضاة النادي، ويصير الفرز على قاعدة الطعن الشعبيّ بصدقيّة المجلس في تحمّل المسؤولية في مواجهة الفساد وتطبيق القانون، خصوصاً أن هناك انطباعاً أنتجه الصمت القضائيّ على تغوّل الفساد ليس في صالح القول إن الجسم القضائي بخير، وإن نادي القضاة يفتعل أزمة.
ظاهرة نادي القضاة تستحقّ التقدير من كل الصادقين في طلب بناء دولة حقيقيّة، وشجاعة قضاته تستحق التنويه والشدّ على أيدي أصحابها.