مقومات وتاريخ الأمس والغد في الاقتصاد السوري

مرفان شيخموس

مرحلتان أساسيتان تحكمان الوضع التاريخي للاقتصاد السوري… الأولى تمتدّ لغاية عام 1963 حيث توزع الاقتصاد السوري ما بين البرجوازية والإقطاعية، فيما تمتد المرحلة الثانية ما بين عامي 1963 1970 وما بعدها وصولاً إلى يومنا هذا.

منذ قيام الحركة التصحيحية ظهرت التوجهات الاشتراكية للاقتصاد السوري عبر تأميم المصانع وقرارات الإصلاح الزراعي والتوجه نحو دعم الصناعة وعمليات التصنيع وسنّ بعض قوانين الاستثمار.

لا يمكن إنكار أنّ الاقتصاد السوري خلال السنوات القليلة الماضية كان من أقوى الاقتصادات العربية، لقدرته على تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي، وتميّزه في أن يكون اقتصاداً نامياً ومتعدداً في آونة واحدة. فما هي مقومات هذا الاقتصاد وعلى ماذا يعتمد؟

هي مقومات وركائز عديدة، ويعود الفضل في ذلك إلى تنوّع المصادر، في المجالات كافة، من الزراعة إلى الثروات الباطنية والصناعات المتوسطة، إضافة إلى قطاعات الصناعة والتجارة والسياحة.

تعتبر الزراعة من أهمّ مقوّمات الاقتصاد السوري وتبلغ مساحة مجمل الأراضي الصالحة للزراعة 32 في المئة وهي تشكل 26 في المئة من مجمل مجموع الدخل القومي. وتتعدّد المحاصيل الزراعية، تبعاً لاختلاف الطبيعة الجغرافية ضمن البلاد، ومن أهمّ الزراعات: القطن والشعير والقمح الذي تعتبر سورية الدولة العاشرة عالمياً في إنتاجه، إلى جانب الخضار والفواكه والزيتون الذي تعتبر سورية السادسة في إنتاجه عالمياً.

أما بالنسبة إلى الثروات الباطنية، تحتلّ سورية المركز 27 عالمياً في إنتاج النفط الذي تتركز آباره بشكل أساس في محافظتي الحسكة ودير الزور، ويكرّر محلياً في مصفاتي حمص وبانياس. وبلغ إنتاج سورية من النفط نحو 400 ألف برميل يومياً قبل اندلاع الأحداث في سورية، وهناك دراسة حديثة أثبتت وجود النفط قبالة الشاطئ السوري.

ويعتبر الغاز الطبيعي ثاني الثروات الباطنية ويتركز وجوده في محافظات الحسكة وإدلب وحمص ودير الزور، ويبلغ الإنتاج اليومي منه 28 مليون متر مكعب.

أما ثالث الثروات الباطنية، فهو الفوسفات حيث بلغ حجم الإنتاج منه عام 2010 حوالى 3.6 مليون طن، ويصدر معظمه إلى الخارج.

تعتبر سورية بلداً صناعياً من الدرجة المتوسطة، ويقسم الاستثمار الصناعي، إلى قطاعين هما القطاع العام الذي تديره الحكومة، والقطاع الخاص المتمثل بالمصانع والشركات الصناعية، وتبلغ نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي 60 في المئة.

ومن أبرز الصناعات السورية، النسيجية والصناعات الغذائية والصناعات المعتمدة على مواد الإنشاء والتعمير، وهناك معملان لصناعة السيارات لتلبية حاجات السوق المحلية، فضلاً عن الصناعات المرتبطة بالثروات الباطنية كصناعة الأسمدة والإسمنت.

أما قطاع الخدمات فهو يشكل حوالى 42 في المئة من الناتج المحلي، ويشمل 39 في المئة من مجموع القوى العاملة في البلاد، وتقسم الخدمات المصرفية بين القطاعين العام والخاص وهو ما توج بافتتاح سوق دمشق للأوراق المالية عام 2009، إضافة إلى قطاع السياحة الذي بلغت نسبة عائداته 14.4 في المئة من مجمل الدخل القومي، وهو يوفر فرص عمل لحوالى 13 في المئة من مجموع القوى العاملة، إضافة إلى 31 في المئة من احتياطي النقد الأجنبي.

بلغت قيمة الصادرات السورية عام 2010 حوالى 10.5 مليار دولار نصفها تقريباً إلى الأقطار العربية و30 في المئة إلى دول الاتحاد الأوروبي، ويتوزع الباقي بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية والصين.

وعموماً تنتمي الواردات السورية إلى القطاع التقني والمعدات والآليات الثقيلة إلى جانب بعض المواد الخام.

ولكن ما هو وضع الاقتصاد السوري خلال الأزمة التي تعصف بالبلاد؟

بالعودة إلى تلك المقومات الآنفة الذكر، والاطلاع على صادرات سورية ووارداتها، نلاحظ قدرة الاقتصاد السوري على البقاء ثابتاً خلال هذه الأزمة، على عكس العديد من الدول مثل مصر واليمن والتي شهدت أزمات متزامنة مع الأزمة في سورية، فهناك فروقات واضحة بين اقتصاديات تلك الدول والاقتصاد السوري، وهي تعتمد على المساعدات الخارجية من أجل الحفاظ على اقتصاداتها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى