الصراع في الشرق الأوسط قابل للاشتعال الكبير
} د. وفيق إبراهيم
سبع دول تشارك في الاشتباكات المندلعة على مسرح الشرق الأوسط لحسم عدة قضايا، قد تحتاج لجهود البلدان الصغرى، لكنها بحاجة أيضاً لمداخلات الدول الكبرى الأساسية وبشكل أساس العاملة على مسرح كبير.
قضية اليمن أساس لمسرح صراع يعكس النزال في جزيرة العرب وإيران وسورية وصولاً الى الدور السعودي على أرضه واراضي الآخرين وصولاً الى اعالي اليمن فالعراق والأردن.
السعودية اذاً من القوى الاساسية في الشرق الاوسط التي تشارك في أزمات العراق وإيران والأردن وتصنع حرب اليمن بكاملها على مستوى التأسيس ولا تتورّع عن تغطية الأميركيّين في معظم أزمات المنطقة بما فيها الصراع العربي – الإسرائيلي.
ولها أدوار في جذب كامل الخليج الى جانبه ومع الأميركيين وتتمكن من التدخل عبر احلافها الأميركيين في كل أنواع الصراعات العالمية، بما يجعل هذا الشرق الأوسط ملعباً بفضل الدور السعودي المتأمرك. بالمقابل هناك إيران مالكة من جهتها أدواراً قتاليّة على مسرح الشرق الأوسط ازداد قوة مع صعود نجمها حزب الله في عالم المعارك والحروب، فأصبحت إيران دولة أساسية في دعم كل القوى الرافضة للهيمنة الأميركيّة وتدعم عسكرياً سوريا وقسماً من العراق واليمن والعالم العربي. ما حوّل إيران الى قوة تكاد توازي القوة السعوديّة في الشرق الأوسط وتعادل الأميركيين في بعض الأنحاء.
هذا الأمر وضع المنطقة ضمن دائرة صراع إيراني – أميركي تشارك فيها السعودية وسورية.
ماذا عن سورية؟ تحوّلت سورية منذ انفجار الحروب في شرق الفرات الى قطب لجذب القوى المقاتلة في وجه الأميركيين والسعوديين والأتراك والأكراد ومعظم قوى الإرهاب في داعش والنصرة والقاعدة.
وتكاد دمشق تحتكر صفة محاربة الإرهاب بشكليه التقليدي والقديم، لكن أدوارها في دعم حزب الله ومعظم القوى الحزبية القديمة غير قابلة للرفض لأن هذا الدور السوري يحاربه الأميركيون والسعودية لهذه الأسباب وربما لأكثر منها، فهم يرون أن دمشق راعية للقوى الرافضة لأدوار الإرهاب السعودية والأميركية وتستطيع منازلتها في جغرافيا بشرية وسياسية واسعة جداً بمعونة روسية إيرانية.
أين اليمن اذاً؟ هو ام المعارك لتمكنه من إنزال أقسى الهزائم في السعوديين والإماراتيين وفصائل القسم الجنوبي منه.
هنا تكمن أهمية اليمن وهي في تمكنه من القتال في قلب جزيرة العرب وعلى رأسها وساحاتها الداخلية، حيث ينازل السعوديين في اقسامه الجنوبية ويستعدّ لإعلان انتصاره في مأرب على حساب هزيمة كبيرة للسعوديين.
ومثل هذه الهزيمة انما تؤدي الى ارتفاع الدور اليمني عربياً وفي أعالي البحر الأحمر وذلك وسط صمت أميركي لم يتمكن من حيازته أي بديل، وخطورة حرب اليمن أنها تؤدي الى نشوء يمن كبير يستطيع أن يلعب على ارض عربية برية وبحرية شاسعة.
لبنان من جهته يحاول العثور على دور له لكن الخلافات المندلعة بين أركان صيغته السياسية بدعم وتحريض من الخارج تجعله خارج الأدوار السياسية وينتظر متلقياً نتيجة الصراعات عليه بين أميركا وروسيا وسورية وبلدان أخرى.
بذلك لا يتبقى في ميدان الشرق الاوسط إلا الصراع الأميركي – الروسي الساعي بضراوة للاستحواذ على أجزاء اساسية من المنطقة على حساب حرب اليمن وقضية فلسطين وما جنته إيران في رحابه.
هنا الروس يرون أن بإمكانهم الإمساك بجزء كبير وجديد من هذا الشرق الاوسط على حساب الأميركيين والقوى الخليجية.
فهل ترى أوروبا مثلاً أن ادوارها الشرق أوسطية انتقلت الى رحمة ربها؟
كل القوى الأوروبية اصبحت ميالة للصمت في رحاب هذا المدى الكبير باستثناء الفرنسيين الذين يعتقدون أن أدوارهم اللبنانية تتيح لهم اقتلاع مواقع في الشرق الأوسط والتضامن مع الأميركيين ضد الروس، فهل هذا ما يحدث؟ هناك صراعات روسية أميركية وفرنسية خليجية يمكن القول إنها هي التي تحدد مصير هذا المدى الشرق أوسطي الكبير؟