«القومي» حيّا في الأوّل من أيار المنتجين علماً وفكراً وغلالاً وصناعة: أمتنا تتعرّض لحرب اقتصادية كبرى والتمسك بخيار المقاومة هو أقصر الطرق للمواجهة وتجاوز الأزمات
ـ آن الأوان لتبنّي مشروع حزبنا بإقامة مجلس التعاون المشرقي للتآزر والتعاضد الاقتصادي بين كيانات الأمة بما يعزز عناصر القوة والصمود في المواجهة المصيرية ضدّ العدو الصهيوني
ـ ندعو لاعتماد سياسات اقتصادية تعطي كامل الحقوق للمنتجين في بلادنا من مزارعين وحرفيين وصناعيين وعمال وتمكّنهم من الحصول على حياة كريمة وتحقّق مطالبهم المشروعة لا سيما ذوي الدخل المحدود
بمناسبة الأول من أيار، عيد المنتجين علماً وفكراً وغلالاً وصناعة، أصدر عميد العمل والشؤون الاجتماعية في الحزب السوري القومي الإجتماعي بطرس سعادة البيان التالي:
يمرّ عيد العمل هذا العام وسط أزمات اقتصادية اجتماعية غير مسبوقة في تعقيداتها وهي تلقي بتبعاتها البالغة التأثير على عموم أبناء شعبنا، لا سيما العمال والفلاحين وأصحاب الفنون والحرف، الذين لم ينالوا حقوقهم في العمل ونصيبه، في حين حالت السياسات الاقتصادية المتبعة في بعض كيانات الأمة، دون قيام نهضة صناعية زراعية تفيض بالخير.
إنّ الإقطاعية والرأسمالية بكلّ مذاهبها ومرجعياتها، شكلت عائقاً مانعاً لقيام نظام العدالة الاجتماعية، كما أنّ بحثاً عن جنس السياسات الاقتصادية ـ لبنان نموذجاً ـ يكشف انقياداً وراء الوصفات الأجنبية بإحلال الإقتصاد «الريعي»، بديلاً عن اقتصاد الإنتاج، ليبقى الاقتصاد رهينة السياسات الإستعمارية ورغائبها، نمواً أو انهياراّ.
إنّ الأزمات الاقتصادية التي ينوء الشعب تحت وطأتها، هي نتيجة السياسات الرأسمالية المتوحشة، التي نجحت في إقامة بنى اقتصادية هشة، تتزعزع وتنهار عند كلّ مواجهة، وهذا ما نشهده راهناً، حيث أنّ الحصار الاقتصادي الذي تقرّره الإدارة الأميركية، وتؤيده دول غربية وإقليمية وعربية، يؤثر سلباً في حياة شعبنا، ومثل هذا التأثير لم يكن ليحصل لو أنّ كلّ كيانات أمتنا اتبعت سياسة اقتصادية قائمة على أساس اقتصاد الإنتاج وحققت التآزر والتعاون في ما بينها.
واقع الحال أنّ أمتنا تتعرّض لحرب اقتصادية كبرى، فالحرب الكونية الإرهابية على الشام استهدفت بشكل مباشر البنى التحتية والمؤسسات الصناعية والزراعية والتجارية والمصانع والمعامل تدميراً وسرقة. وسبق هذه الحرب احتلال العراق في العام 2003، حيث تمّ تمدير البنى التحتية وسرقة المصارف وحرق المكتبات وتدمير الآثار وسرقتها. أما في لبنان فقد تمّ تفخيخ اقتصاده بالنظام الريعي الذي قوّض أية إمكانية للمشاريع الإنتاجية بمختلف أشكالها، إلى أن دقت ساعة الحصار الدولي فاحتجزت أموال المواطنين، وكلّ ذلك مجتمعاً أدّى إلى انكماش اقتصادي أثر على الواقع المعيشي بسبب ارتفاع الأسعار وتعطل الحركة التجارية والدورة الاقتصادية، وبات الواقع مأساوياً. والحال في الأردن ليس أقلّ مأساوية، في حين أنّ أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة يعانون الحصار بكلّ أشكاله لا سيما المقيمين منهم داخل قطاع غزة.
إنّ أخطر الحروب على أمتنا، بعد احتلال فلسطين، هي الحرب الإرهابية على الشام، والتي تتصاعد بواسطة قانون قيصر والحصار المفروض عليها، وذلك بعد أن فشلت دول العدوان في حسم الحرب عسكرياً لصالحها، نتيجة صمود الدولة السورية وتصدّيها للعدوان ودحرها للإرهاب.
وعليه، فإنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي يؤكد على ما يلي:
أولاً: التمسك بخيار المقاومة في مواجهة الحروب والغزوات الإرهابية والأجنبية، لأنّ هذا الخيار هو أقصر الطرق لتجاوز الأزمات التي تعصف ببلادنا، لا سيما الأزمات الاقتصادية التي هي أحد أبرز أسلحة العدوان ضدّ أمننا الاقتصادي والاجتماعي.
ثانياً: دعوة دول الهلال السوري الخصيب، إلى تبني المشروع الذي تقدّم به حزبنا منذ العام 2013 والقاضي بقيام مجلس تعاون مشرقي، للتآزر والتعاضد الاقتصادي بين كيانات الأمة، بما يعزز عناصر القوة والصمود في المواجهة المصيرية ضدّ العدو الصهيوني الذي يحاربنا في أرضنا وحقنا، وهو الوكيل المعتمد لقوى الاستعمار والهيمنة.
إنّ التعاون الاقتصادي بين كيانات الأمة السورية المرتبطة ببعضها البعض جغرافياً وتاريخياً وثقافياً وحضارياً من شأنه أن يضيف عناصر قوة كبرى على الصعد كافة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعسكرياً. وقد آن الأوان للسير في هذا الاتجاه بأسرع وقت ممكن بما يحصّن أمتنا ويحقق مناعتها الاقتصادية ويعود بالإزدهار والخير على شعبنا.
ثالثاً: ندعو إلى اعتماد سياسات اقتصادية ناجعة، تضع في أولوياتها إعطاء كامل الحقوق للمنتجين في بلادنا من مزارعين وحرفيين وصناعيين وعمال وتمكينهم من الحصول على حياة كريمة ولتحقيق مطالبهم المشروعة لا سيما ذوي الدخل المحدود من موظفين ومتعاقدين.
رابعاً: اتخاذ كل الاجراءات والخطوات المطلوبة لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية ورفع الحيف عن الفقراء وذوي الدخل المحدود، والاسراع في وضع القوانين والتشريعات وإيجاد الآلية المناسبة لمكافحة الفساد وقطع جذوره واستئصال الفاسدين والمرتهنين الذين ينفذون أجندات خارجية.
خامساً: إيلاء ملف أبناء شعبنا الفلسطيني العاملين خارج فلسطين المحتلة اهتماماً خاصاً بحيث توضع التشريعات اللازمة التي تكفل لهم حياة عزيزة كريمة بما في ذلك حق العمل، إلى حين تحرير فلسطين كل فلسطين من الاحتلال الصهيوني وإنجاز حق العودة لكلّ واحد منهم إلى مدينته وقريته ومنزله.
وكذك اعطاء الأولوية لدعم عودة النازحين السوريين الى مناطقهم التي حرّرتها الدولة السورية من الارهاب، وعدم التماهي مع مشاريع الاستثمار في معاناة النازحين، والتي تنفذها دول وقوى وتعرقل عودتهم لغايات وأهداف سياسية لا انسانية.
أخيراً… إنّ التحديات كبيرة، والخيار الأنجع في مواجهتها هو الصمود والثبات على الحق. وإننا في هذه المناسبة، نكرّر قول باعث النهضة ومؤسس الحزب أنطون سعاده في الأول من أيار عام 1949:
«أيها العمال والفلاحون السوريون،
يا أصحاب الفنون والحرف،
أيها المنتجون علماً وفكراً وغلالاً وصناعة،
أنتم أوردة الحياة وشرايين القوة في جسد الأمة السورية الحي،
أنتم الأمة خلقاً وإنتاجاً وتشييداً، ولكن خلقكم مندثر، وإنتاجكم مبعثر، وعمرانكم مهدم، في الوضع اللاقومي – اجتماعي الذي ساد البلاد قروناً عديدة قبل ظهور النهضة القومية الاجتماعية.
أيها المنتجون القوميون الاجتماعيون،
إنّ القضية القومية الاجتماعية هي قضيتكم، هي تؤمّن لكم وحدتكم القومية، وعدم تسخيرها للأغراض الأجنبية، بإعطائكم حقوقكم في العمل ونصيبه، في نهضة صناعية زراعية فنية تجعل وطنكم يفيض خيراً وصحة.
تعالوا نكون يداً واحدة عاملة ومحاربة، لننال حقوقنا المهضومة…
كونوا قوميين اجتماعيين، وحاربوا في سبيل قضيتكم القومية الاجتماعية التي تحرّركم من الإقطاعية والرأسمالية الوطنية، ومن الإقطاعية والرأسمالية الانترنسيونية.
آمنوا واعملوا وحاربوا، تنتصروا
كلّ عام وجميع عمال أمتنا السورية بخير».