أزمة سد النهضة على الحافة وبايدن يوفد مبعوثه وحمدوك يعلّق على تهديد السيسي بالحرب
علق رئيس وزراء السوداني عبدالله حمدوك، لأول مرة على تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بشأن سد النهضة الإثيوبي وتهديده بالحرب في حال الإضرار بمياه النيل في مصر.
وقال حمدوك في مقابلة مع شبكة «سي أن أن»، إن «قضية سد النهضة مصيرية بالنسبة لمصر والسودان».
وبسؤاله عما إذا كان يصدق تهديدات مصر بدخول حرب بسبب “سد النهضة”، أجاب بأنه “عندما أدلى السيسي بهذه التصريحات عن سد النهضة، كان يهدف مثلنا لجذب انتباه العالم لحساسية وجدية القضية لمصر والسودان”.
وأضاف أن “مسألة سد النهضة مقيدة زمنياً وتتعلق بالأمن والسلامة لملايين الناس في مصر والسودان”.
وأعرب عن أمله أن “يعي بقية العالم مدى جدية وخطورة الوضع جراء عدم التوصل إلى اتفاق ملزم بين الدول الثلاث بشأن السد”.
وأشار إلى أن “سد النهضة يمكن أن يكون نافعا لإثيوبيا والسودان ومصر معاً، ولكن يجب التوصل إلى اتفاق ملزم حول ملئه وتشغيله”.
ولكنه في الوقت نفسه أكد على أنه «بدون اتفاق ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة سنكون (مصر والسودان) تحت رحمة إثيوبيا وتحكمها في تدفق المياه».
وتتخوف مصر من تأثير السد على إمداداتها من مياه النيل التي تعتمد عليها بنسبة 97% في مياه الشرب والري، بينما يحذر السودان من أن ملء السد من دون توقيع اتفاق سيؤدي إلى أضرار بسدوده.
وخلال الأسابيع الماضية حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إثيوبيا من «المساس بنقطة من مياه مصر لأن الخيارات كلها مفتوحة».
في السياق نفسه، يصل إلى القاهرة المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، في مستهل جولة في المنطقة تشمل أيضاً السودان وإثيوبيا وأريتريا، في مسعى قد يكون الأخير قبل إقدام إثيوبيا على عملية الملء الثاني لسد النهضة بشكل أحادي من دون التشاور مع مصر والسودان بصفتهما دولتي المصب لنهر النيل.
تأتي جولة فيلتمان الأفريقية في الوقت الذي وصلت فيه أزمة سد النهضة للحافة، بإعلان إثيوبيا إصرارها على إتمام عملية الملء الثاني للسد بغض النظر عن التوصل لاتفاق مع دولتي المصب، مصر والسودان. وهو ما استدعى تصعيداً في الخطاب وصل إلى تهديد السودان بالمطالبة بعودة إقليم بني شنقول، الذي يضمّ منطقة سد النهضة إلى السيادة السودانية.
جولة فيلتمان سبقتها مطالبة من السفير المصري في واشنطن معتز زهران بدور أميركي، وذلك في حديثه أمس الثلاثاء في ندوة بكلية الحرب الوطنية الأميركية، بدعم الولايات المتحدة لعملية الوساطة الراهنة تحت قيادة رئيس الاتحاد الأفريقي، من أجل التوصل لاتفاق ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة في أقرب وقت، لحماية الأمن والاستقرار في المنطقة، وزوداً عن المصالح الاستراتيجية الأميركية مع الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا”.
حديث السفير زهران الذي سبقه مقالاً نشره في مجلة (فورين بوليسي) تضمن المطالبة نفسها للولايات المتحدة، بدور أكبر في أزمة سد النهضة، معتبراً إياها الوحيدة القادرة على تحقيق اختراق للأزمة.
المحاولة الأميركية قد تكون الأخيرة قبل الملء الثاني للسد، ولكنها ليست الأولى، فقد سعت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الرعاية مفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان، انتهت مطلع عام 2020 برفض إثيوبيا التوقيع على الاتفاق الذي أسفرت عنه المفاوضات.
ومع اقتراب الملء الثاني لسد النهضة اتخذت مصر، والتي تعاني أصلاً من شح مائي، مجموعة من التدابير لترشيد استهلاك المياه، تحسباً لنقص محتمل في مواردها، حيث توسعت الحكومة المصرية في مشاريع تحلية المياه، وإعادة تدوير مياه الصرف الزراعيّ وتبطين الترع لمنع تسرّب المياه في التربة، وتصل نسبة الفاقد في المياه في مصر إلى أكثر من 28 في المئة، وتسعى الحكومة لتخفيضها، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وفشلت كل جولات المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل لاتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد.
وكان أبرز الجولات تلك التي عقدت في برعاية أميركية، بدون توقيع اتفاق بين الدول الثلاث، حيث رفضت أثيوبيا توقيع الاتفاق الذي توصلت إليه المفاوضات.
كما فشل الاتحاد الأفريقي على مدى ثلاث دورات برئاسة كل من مصر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية على التوالي، في دفع الدول الثلاث لإبرام اتفاق.
وبدأت إثيوبيا إنشاء سد النهضة عام 2011 على النيل الأزرق، وحاولت مصر خلال السنوات الماضية التوصل لاتفاق يحفظ حقوقها المائية عبر سلسلة من المفاوضات ضمت مصر وإثيوبيا والسودان من دون جدوى.
وتهدف إثيوبيا من بناء السد إلى توليد طاقة كهربية لإتمام مشاريع تنموية، فيما تخشى مصر من إضرار السد بحصتها من مياه النيل والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، تحصل على أغلبها من النيل الأزرق، بينما يخشى السودان من عدم انتظام تدفق مياه النيل ما سيؤثر على السدود التي أقامتها على مجرى النيل وقدرتها على توليد الكهرباء.