الموقف العربيّ مخجل
انعقد مجلس وزراء الخارجيّة العرب وأصدر بياناً أبقى فيه اجتماعاته مفتوحه وقرّر تشكيل لجنة للاتصال بالعواصم الكبرى لتحريك مجلس الأمن الدولي وحثّه على التحرّك وفرض وقف العدوان، فهل يصدّق الوزراء العرب أن تحرّك مجلس الأمن لفرض وقف العدوان ممكن؟ وهم يعلمون ان واشنطن مهما تمايزت في النظر للوضع القانوني والسياسي للقدس لن تسمح بالضغط على كيان الاحتلال وإضعاف صورته ومصادر قوته؟
يعرف الوزراء أن لحظة تحرّك مجلس الأمن هي اللحظة التي تطلب فيها واشنطن هذا التحرّك وهي لن تفعل إلا إذا طلبت قيادة الاحتلال ذلك كما حدث في حرب تموز 2006 على لبنان، عندما أصبح الاستمرار في العدوان فوق قدرة الكيان وجيشه بفعل قوة المقاومة وصمودها، وعندما يحدث المثل بفضل صمود غزة وقوة المقاومة فلن يكون للعرب دور ولا جميل، كما كان الحال عام 2006.
بيد أن على الوزراء العرب أن يضعوا واشنطن وتل أبيب أمام ما يُسمّى بالخسائر الجانبية غير المتوقعة للعدوان، التي تربك المشهد الإقليمية كما يريده الأميركي وقادة الكيان، وهذا ممكن سواء عبر حد أدنى هو تعليق العمل بكل الاتفاقات التي تربط دولاً عربية بكيان الاحتلال، سواء مَن هرولوا للتطبيع أو الذين تربطهم معاهدات سلام بالكيان، وبأيدي الوزراء العرب قرارات من نوع قيام العواصم التي تقاطع حركات المقاومة بإعلان استضافتها لوفود من هذه الفصائل، والإفراج عن معتقليها، وإلغاء تصنيفها على لوائح الإرهاب، وبأيدي الوزراء العرب أن يقرروا انفتاحاً تنسيقياً لدعم فلسطين والقدس على إيران التي صنّفوها عدواً عندما جعلوا كيان الاحتلال صديقاً، وبإمكان الوزراء العرب أن يخرقوا القواعد الأميركية بالاكتفاء بعلاقات الحد الأدنى مع سورية فيعلنوا إلغاء قرار تعليق عضويتها في الجامعة العربية لتحضر الاجتماع، وسورية كنقطة تقاطع مباشرة مع حركات المقاومة وإيران، ربما تتولى تنسيق التواصل معها.
من دون ذلك لن تشعر واشنطن أن مواصلة تغطية العدوان ستحدث تحوّلات تخرج الأمور عن السيطرة وتفرض إيقاعاً يتجاوز السقوف المتوقعة، ومن دون ذلك لن تشعر قيادة الكيان أن كلفة العدوان سياسياً باتت أعلى من عائداته بالتوازي مع ما تقوله صواريخ المقاومة لجهة الكلفة الميدانيّة.
مخجل ما جرى في اجتماع وزراء الخارجية العرب، لدرجة أن الصمت كان أشدّ بلاغة.