يقظة أمنية تجاه مخيم عين الحلوة: «منقبة خرساء» تثير الاشتباه

يوسف المصري

لا يمكن إنكار وجود حالة توجس داخل مخيم عين الحلوة او في اجواء المستويات الرسمية اللبنانية التي ترصد إيقاعات تفاعله داخلياً وعلى مستوى تأثره بالأحداث السورية وأيضاً على مستوى أوضاعه الفلسطينية البينية. والواقع ان آية إشارة تصدر من داخل المخيم او من خارجه باتجاهه او بالعكس، تحظى باهتمام المستوى الأمني اللبناني اليقظ تجاه هذا الملف.

ليل أول من أمس ظهرت امرأة منقبة وهي تحاول دخول المخيم وعلى يديها طفل رضيع. استفسر حاجز القوى الأمنية اللبنانية منها، عن مقاصدها من دخول عين الحلوة، لكن المرأة لم تجب، نظراً الى أنها بحسب ما قالته إيماءً، تعاني من الخرس وعدم القدرة على النطق.

عمدت القوى الأمنية اللبنانية الى إحضار امرأة لتفتيشها والتأكد من أنها خرساء فعلاً قبل السماح لها بدخول المخيم في ما لو تبيّن أن دخولها طبيعي. لم تعرف تفاصيل باقي القصة، اذ انّ المصادر الأمنية تكتمت عن إعطاء معلومات جديدة عن ما حدث لاحقاً، ونحت باتجاه اعتبار ان ما حدث هو حالة عادية تتكرر كل يوم، وأنها تعتبر المرأة بريئة من أي اتهام أمني حتى يثبت العكس.

ولكن حكاية «المرأة الخرساء» تؤشر الى مدى اليقظة التي تبديها الدولة في التعامل مع المخيم، وذلك على صعيدين: حماية أمنه الداخلي، وضمان عدم انزلاقه للتورط في اجندة التكفيريين.

حتى الآن تبدو الأجواء تحت السيطرة، لكن أحداث المنطقة المتسارعة وغيوم ربيع التكفيريين التصعيدية التي تخيم في أجواء المناطق السورية القريبة من الحدود مع لبنان من القاع حتى عرسال حتى شبعا، لا تسمح بالركون لهذا الهدوء الراهن، ولا تمكن ايضاً من استبعاد ان هذا الهدوء قد يكون لحظة ما قبل هبوب العاصفة.

وعلى رغم الرغبة في عدم تسخين المناخ الإعلامي حيال أخطار قد تكون مخبئة داخل المخيم وضده وضد جواره اللبناني، فإن مصادر فلسطينية مطلعة قالت لـ «البناء»:

هناك اليوم حديث عن حوارين مهمين لأمن البلد ولاستقراره السياسي والامني، هما الحوار الجاري بين حزب الله تيار المستقبل، وحوار التيار الوطني الحر و»القوات اللبنانية» المنتظر. لكن ثمة حواراً ثالثاً ضمن نفس اهداف الحوارين الآنفين يجب الشروع به، وهو حوار الدولة اللبنانية مع الساحة الفلسطينية في لبنان. الرئيس نبيه بري يؤيد حواراً كهذا ويعتبره اكثر من ضروري. في

آخر جلسة للحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية، كان بري قاطع المتحاورين وقال لهم، هناك اليوم خطر اكثر الحاحاً في حاجة الى حوار والى عمل عاجل باتجاهه، وهو الوضع الفلسطيني داخل مخيمات اللاجئين. يجب استدراك هذا اللغم الاجتماعي والأمني والسياسي الإقليمي قبل انفجاره، وذلك بتقديم علاجات سياسية وخدماتية سريعة للمخيمات الفلسطينية. وليد جنبلاط في تلك الجلسة الحوارية وقف الى جانب موقف بري.

قد يكون من الضروري الآن، من وجهة نظر المصادر الفلسطينية عينها ان يعود بري إلى إثارة هذا الموضوع على مستوى الحكومة وكل الدولة اللبنانية، خصوصاً ان مخيم عين الحلوة وغيره من المخيمات الفلسطينية في لبنان بدأت منذ عامين تشهد استضافة عامل جديد مقلق اجتماعياً أقله، فيها، وهو عامل اللجوء الفلسطيني القادم من المخيمات السورية، اضافة الى عامل آخر أخطر أمنياً وهو تحول مخيم عين الحلوة الى غرفة حماية لمطلوبين تكفيريين هربوا من صيدا ومن طرابلس ومن خارج الحدود اليه.

تخيم هذه المصادر بالقول إنّ الاستراتيجية اللبنانية لمكافحة الإرهاب التي هي الآن بين تداول تيار المستقبل وحزب الله، بحاجة الى تكملة عبر طرح مشروع انشاء استراتيجية فلسطينية – لبنانية مشتركة لمكافحة الإرهاب الذي قد ينشئ من وجود خطط لدى جماعات تكفيرية لاستغلال الديموغرافيا الفلسطينية في لبنان، وتحويلها من حالة لجوء وانتظار مقاوم لحق العودة الى حالة ملحقة

بالديموغرافيا «السنية إنْ جاز التعبير التكفيرية».

وتنبّه هذه المصادر الى ان الحرص على كبح أي مشروع لتوريط العامل الفلسطيني في خطط لإلحاق لبنان بمشروع الفتنة الدائر في المنطقة، لا يقتصر فقط على تواجد شاذ لجماعات تكفيرية في مخيم عين الحلوة، بل قد يبرز الخطر وعلى نحو مفاجئ من مخيمات اخرى كمخيم برج البراجنة الذي تتحدث آخر المعلومات عن وجود حيثيات ارهابية بداخله مستجدة ومتعاظمة.

وبرأي هذه المصادر فإن تجربة مخيم نهر البارد خلال حرب طرابلس الأخيرة ضد التكفيريين كانت مشجعة، إذ رفض المخيم استيجارات جماعات شادي المولوي وأسامة منصور به، وأقفل أبوابه بوجههما. ومع ذلك تظل هناك احتمالات لأن تكون عناصر الفتنة أكثر قدرة في مخيمات أخرى، بل بالأحرى لديها فرص أكثر لجرّ هذه المخيمات إلى انزلاقات أمنية خطرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى