قصّة الطيار الفرنسي «شاربي» في مهمة القصف الأولى له في العراق!

على متن حاملة الطائرات شارل ديغول يكتشف قائد طائرة رافال الذي سبق وخدم في أفغانستان وليبيا للمرة الأولى مسرح العمليات العراقية، وعلى غرار أترابه فقد أثارته وحشية الخصم التي تعزّز اندفاعه في مهمته أكثر من أي وقت مضى.

وروى الطيّار شاربي بعد عودته من طلعة ليلية قائلاً: «نحن مدرّبون ونعرف كل الإجراءات»، يقول هذا من دون أن يكشف عن وجهه عملاً بالتعليمات الصارمة لجهة عدم الكشف عن الهوية في الجيش الفرنسي منذ اعتداءات باريس الأخيرة.

وأضاف: «كما في أفغانستان فإن العدو كثير الحركة لا يمكن توقع تصرفاته وهو في الغالب صعب المنال، فمقاتلو «داعش» يختبئون في المدن ويندمجون بالسكان، الأمر الذي يزيد من تعقيد الضربات التي تنفذ لدعم القوات العراقية»، وأضاف: «لدينا عدد قليل من الأشخاص على الأرض، أي قوات خاصّة لإرشاد الطائرات نحو الأهداف، والطائرات تضطلع تالياً بدورٍ مهم لتحديد الطريقة التي يستخدمها العدو للتحرّك ولتغيير مواقعه».

وتابع: «منذ بدء القصف من على متن حاملة الطائرات شارل ديغول بدأت الطائرات تركز على العراق الذي تبلغه في غضون ثلاثين دقيقة، وتتوجه شمالاً في ما بعد نحو تكريت والموصل حيث تقترب من الجهاديين».

وأضاف الطيار: «ينبغي عندئذ التزوّد بالوقود للمرة الأولى من طائرة تموين للتحالف ولاحقاً نصل إلى المنطقة التي تشكل نقطة الاهتمام، يدوم هذا الأمر قرابة ساعة ثم نتزوّد بالوقود مجدداً، وننطلق مرة أخرى لمدة ساعة ويتكرّر هذا الأمر ثلاث مرات».

ولفت إلى أنه «في المنطقة المحددة تقوم الطائرات الحربية التابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة، بطلعات جوية استطلاعية، وتلتقط صوراً لأهداف مستقبلية وتساعد القوات العراقية وقوات البشمركة الأكراد إذا ما اشتبكت مع الجهاديين أو احتاجت لمعلومات استخباراتية».

وسرد الطيار شاربي أيضاً: «بوسائلنا الاستطلاعية وخصوصاً بواسطة أنواع من كاميرات فيديو تعمل بالأشعة دون الحمراء، نستطيع أن نرى تحركات الأفراد أو الآليات ونمنح تلك القوات رؤية أفضل لما يواجهها على الأرض وهكذا يمكنها التقدم بأمان، وتبقى مرحلة الدعم الميداني هي الأكثر تعقيداً، بحيث يتعيّن علينا أن نتحرك بسرعة عندئذ لاحتمال إلقاء قنبلة أو إطلاق قذيفة مدفع، وهنا تسود حالة من التوتر، لكننا نحسن الأداء أكثر لأننا نكون في أقصى درجات اليقظة».

وأضاف: «طيلة فترة التحليق يكون التركيز في حدّه الأقصى ولا مجال لارتكاب الأخطاء، الأدرينالين يكون عندها مكثفاً للغاية في الجسم، ونتعايش مع الأمر. وهناك فترات انتقالية تتيح لنا بعض التنفس فيحلّ التعب علينا، وبعد ست ساعات من الطيران المرهق ينبغي أيضاً استعادة القوة والتنبّه لتجنب أي كارثة مع هبوط الطائرة».

وقال: «جاء عنصر آخر غير متوقّع في الأسابيع الأخيرة، وهو الصور المقزّزة لجنود وصحافيين ومسيحيين قطعت رؤوسهم بيد تنظيم الدولة الإسلامية أمام الكاميرات أو تلك التي تعود للطيار الأردني الذي أحرق حياً في قفص. وأقرّ بأننا جزء من تحالف، وأن مثل هذه التجاوزات تحمل بلا شكّ انعكاساً نفسياً». وقال: «إن العديد من الطيارين تساءلوا: ماذا أفعل إذا وقعت بأيدي تنظيم الدولة الإسلامية؟».

وأضاف شاربي: «لكن ذلك زاد من تصميمنا على مقاتلة عدوّ قادر على مثل هذه الدناءات التي تشكّل بالتأكيد مصدراً كبيراً للحوافز بالنسبة لمجموع الطيّارين، وهذا لا يؤدي إلا إلى تعزيز إيديولوجيتنا التي تتمثل في القول أنهم نوع من الظلامية، فيما نحن نسعى فقط للعيش في سلام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى