بلبلة داخل البيت الأميركي إزاء ضرب «داعش»
إعداد وترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق
قيل الكثير حول الانقسام في المشهد السياسي الأميركي حيال قيادة تحالف لضرب تنظيم «داعش» الإرهابي. وكُتب الكثير عن جدوى هذه الحملة، وعن قدرة التحالف على إبادة «داعش». وتلقّى أوباما الكثير الكثير من الانتقادات حول استراتيجيته في ضرب «داعش» والقضاء عليه. إلا أنّ ما نقدّمه في هذا التقرير، يُعتبر تأكيداً على كلّ ما قيل، وما كُتب عنه سابقاً. خصوصاً أنّ الكلام الوارد في بعض هذا التقرير، متأتّ من ضبّاط، ومن مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأميركي.
يتضمّن تقريرنا مقالات مترجمة عن بعض الصحف، إلّا أنّنا نستهلّه بموضوع نُشر في « Antiwar.com»، يناقش فيه كاتبه مسألة شكوك البنتاغون الأميركي حيال الهجمات على «داعش»، وإمكانية استعادة مدينة الموصل العراقية. خصوصاً أنّ الشركاء العراقيين لم يكونوا مستعدّين حينذاك.
وإذ يستند الكاتب إلى بعض المقتطفات خصوصاً من موقع «ديلي بيست» الإخباري الأميركي، فإنّه يقارن بين استعادة مدينة العرب، وإمكانية استعادة الموصل. مستنداً في ذلك إلى من أسماهم «النقاد داخل المجتمع الأميركي» الذين يلاحظون أنّ الحملة الأميركية الجوية والكردية البريّة استغرقت 112 يوماً للفوز بعين العرب. وأنّ «داعش» لم يكن متغلغلاً بقوة في المدينة التي كانت خالية تقريباً لدى سيطرة «داعش» عليها. وبعبارة أخرى: فإنّ ضربات التحالف ضدّ «داعش» هناك، لم تعرّض البشر للخطر. أما من الناحية الأخرى، فإنّ الموصل هي عاصمة التنظيم الإرهابي ومركز «الخلافة الإسلامية» المزعومة في العراق.
الموضوع الثاني مترجم عن صحيفة «واشنطن بوست»، ويتحدّث عن انقسام في الكونغرس حول كيفية محاربة «داعش». أما الثالث فعن صحيفة «وول ستريت جورنال»، ويكشف عن نية مجلس الأمن القومي الأميركي سحب سرب مقاتل من قاعدة «العيديد» الجوية في قطر، احتجاجاً على دعم الدوحة الجماعات المتشدّدة في الشرق الأوسط. ونختم بالموضوع الرابع، الذي نُشر في صحيفة «فايننشال تايمز»، ويتناول كاتبه هلاك «داعش» بسبب تطرّفه.
شكوك البنتاغون
لم تستمرّ شكوك البنتاغون الخاصة حول خطة «داعش» الحربية طويلاً. وكان الجيش الأميركي قد أعلن عن هجوم الربيع ضدّ «داعش» غير أنّ ضابط جيشٍ محنّك اعتبر أنّ هذه الخطة غير قابلة للتطبيق. وما لبث أن أعلن مسؤولون عسكريون أميركيون وبالتفصيل – عن مخططهم هذا.
بعد أقلّ من 24 ساعة على الإعلان العسكري الرسمي هذا للولايات المتحدة حول المخططات التفصيلية للهجوم على «داعش» في الموصل، ثاني أكبر المدن في العراق، عقدَ تشاور البنتاغون حول مدى عقلانية توقيت الهجوم، بعد أن شككوا في قدرة شركائهم في الجيش العراقي أيّ الكتائب المُفترض أن تقود الهجوم هل هم قادرون فعلاً على تولّي حملة مماثلة في حينها؟
صرّح أحد الضباط العسكريين ممّن خدموا في العراق بين عامَي 2003 2011: «أشكّ في إمكانية حصول هذا الهجوم في المدى المنظور…، وإذا ما حدث فإنه سيستغرق شهوراً عدّة». ويرى عددٌ من الضباط العسكريين الأميركيين بحسب موقع «ديلي بيست» الإخباري، أنّ الجماعات الشيعية في العراق لن تخاطر بحياتها لاستعادة المدينة، بعد سيطرة «داعش» المفاجئة عليها في حزيران الماضي.
انسحبت القوات العراقية من التحالف الأميركي الذي يضمّ أكثر من 60 دولة تقاتل الجماعات الإرهابية. حتى لو عادت هذه القوات العراقية لمحاربة تنظيم «داعش» المزعوم ذاك، في ظلّ وجود قوة شيعية قادرةٍ على نهش الوجود السنّي في المدينة، ما سيؤثر سلباً على أهل السنّة في العراق وفي العالم العربي السنّي الأوسع. إنّ التوترات الطائفية خصوصاً في العراق تتعمّق وفقاً لهذا المنحى.
«لا أستطيع التصديق أنّ الشيعة سيقاتلون لاستعادة الموصل»، يقول ضابط ممّن خدموا في الأنبار خلال الحرب العراقية لـ«ديلي بيست».
لكن إلى الآن، ما من دليلٍ على وجود لواء قويّ في الجيش العراقيّ ذي الغالبية السنيّة، فالقيادة المركزية الأميركية تقول إنّ استعادة المدينة تتطلّب على الأقلّ ثمانية ألوية.
وليس من الواضح – في غياب مثل هذه القوة مدى الترحيب بالغالبية السنيّة في المدينة. حيث يشعر عدد من السنّة بالخيانة من قبل الحكومة الشيعية المهيمنة، فكلّ الدلائل تشير إلى أنّ الميليشيات الشيعية تقوى بشكل متزايد في العراق، بهدف مواجهة «داعش»، ما يفاقم من مخاوف السكان السنّة.
لاحظ النقاد داخل مجتمع الدفاع الأميركي أنّ معركة الموصل ستكون من معارك التحالف التي تهدف إلى استعادة المناطق المُسيطر عليها من قبل «داعش». فقد استغرقت الحملة الأميركية الجوية والكردية البريّة 112 يوماً للفوز بـعين العرب – هذه المدينة الصغيرة الواقعة في الشمال السوري. ومن الممكن لمعركة عين العرب أن تكون الأسهل للتحالف. فـ»داعش» لم يكن متغلغلاً بقوة في المدينة التي كانت خالية تقريباً لدى سيطرته عليها. وبعبارة أخرى: لم تعرّض ضربات التحالف ضدّ «داعش» هناك، البشر للأخطار.
لكن الموصل هي عاصمة التنظيم الإرهابي ومركز «الخلافة الإسلامية» المزعومة في العراق. وقد تنقّل مقاتلو «داعش» في المدينة طوال العِقد الماضي بصفتهم أعضاء تنظيم «القاعدة» في العراق. ويؤكد أحد الضباط السابقين ممن خدموا في العراق: «سيقاتلون من أجل الموصل. فهي ليست عين العرب التي كانت مُحاطة أكثر».
الموصل هي مدينة مكتظة بالسكان، بُنيت فيها الحواجز والخنادق من قبل «داعش»، الذي يسيطر على القوات الأمنية، يجمع الضرائب، ويسيطر على المباني الحكومية هناك. ففي الوقت الذي كانت فيه عين العرب طُموحاً لدى «داعش»، نرى أنّ الموصل هي مفتاح الحلّ. وقد صرّح ضابط متقاعد يعيش في الموصل الشهر الماضي لوكالة «رويترز»: «سيقاتل «داعش» حتى الرمق الأخير للدفاع عن الموصل، فالمعركة بالنسبة اليهم هي معركة وجودية. إنّ خسارة الموصل تعني الهزيمة العظمى لهذا التنظيم في العراق».
كان تعداد سكان عين العرب 45000 قبل اندلاع الحرب في سورية عام 2011. وفي مثل هذا الوقت كانت الموصل تضمّ أكثر من مليون ونصف نسمة. دُمّرت عين العرب بالكامل بعد تعرّضها للقصف الجوّي، لكن العالم العربي السنّي قد لا يتقبّل نتيجة مماثلة لمدينة بأهمية الموصل.
وعلى عكس عين العرب، فإن ردّ فعل العالم العربي على تدمير الموصل، سيكون أوسع وأكثر غضباً، خصوصاً من القوى الشيعية والكردية هناك. ويقول ديريك هارفي وهو منظّر اجتماعي وجغرافي ماركسي يعمل في جامعة نيويورك المترجم إنّ المدينة بحاجة إلى حماية. أما رئيس الوزراء الكردي نيشيرفان بارزاني، فيستبعد في حوار له مع «رويترز» أن يكون الجيش العراقي جاهزاً لاستعادة الموصل قبل الخريف المقبل. اثنتان من أفضل الفرق العراقية تهتمّ حالياً بحماية العاصمة بغداد، وما من مصادر كافية لتحلّ محلّها في عملية استعادة الموصل. ويؤكد بارزاني أنه يشكّك في إمكانية البدء بالهجوم في آذار أو حتى في حزيران المقبل.
وكان مسؤول في القيادة المركزية الأميركية قد أبرق للصحافيين في الأسبوع الماضي حول عملية الموصل المقبلة، ويضيف أن 25000 من جنود الجيش العراقي سيكونون في جهوزية تامة بحلول نيسان أو أيار على أبعد تقدير. وتتكوّن هذه القوات من ستة ألوية عراقية وثلاثة من البيشمركة الأكراد، بينما لا يزيد تعداد عناصر «داعش» هناك عن ألفي مقاتل.
إنه إذاً مخطّطٌ عراقي سيلقى مساندة من الولايات المتحدة، لكن لم يصرّح هذا المسؤول – الذي رفض الكشف عن اسمه – عن حيثيات هذه المساعدة أو ظروفها.
يشير المدافعون عن الحرب إلى أنهم يتوقعون هجوماً مضادّاً من «داعش» في العاشر من حزيران، وأنه كلّما طال أمد البدء بالحملة، كلّما اشتدّ عود «داعش» وقويَت «خلافته» في الموصل.
سارع المدافعون عن القيادة المركزية الأميركية إلى التأكيد على أهمية إعلان وجود جيش عراقي موحّد، لا جيشاً عراقياً شيعياً.
فلطالما كانت الموصل محفوفة بالمخاطر منذ الأيام الأولى للغزو الأميركي على العراق للقوات الأميركية والعراقية، الذين سرعان ما اكتشفوا مكان اختباء عدي وقصي ـ ابنا صدّام حسين ـ في الموصل، وبعد قتلهما أصبحت الموصل مرتعاً لـ«القاعدة» في العراق، والتي تحوّلت إلى «داعش» في نهاية المطاف.
أطلقت الولايات المتحدة حملتها الأولى لاستعادة الموصل عام 2004، ثم عام 2008 جنباً إلى جنب مع القوات العراقية، ودامت المعارك شهوراً عدّة في كرّ وفرّ. ويطرح المسؤول الأميركي احتمال تأخير بدء الحملة العسكرية بسبب عدم استعداد الجيش العراقي، غير أنّ هارفي يقول إنّ مجرّد الإعلان عن هذه الحملة مكلفٌ للغاية. «أسوأ ما يمكن القيام به أن نبدأ بهذا ونفشل بعدئذٍ». ويضيف قائلاً: «إن البيشمركة والقوات العراقية جيدون في هذا النوع من القتال».
انسحاب أميركي من «العيديد»
تزامنًا مع وصول أمير قطر تميم بن حمد، إلى واشنطن، في زيارة للبيت الأبيض، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس باراك أوباما، حشد بعض أعضاء مجلس الأمن القومي للضغط من أجل سحب سرب أميركي مقاتل من قاعدة «العيديد» الجوية في قطر احتجاجًا على دعم الدوحة للجماعات المتشدّدة في الشرق الأوسط.
فبحسب مسؤولين سابقين في الإدارة الأميركية كانوا على صلة بالمناقشات، فإنّ البنتاغون عمل على التراجع عن تلك الخطوة، قائلا إنّ القيادة العسكرية الإقليمية التي تحتفظ بها الولايات المتحدة في قاعدتها على الأراضي القطرية، هي حيوية للعمليات الأميركية في المنطقة.
وتوضح الصحيفة أنّ تلك القضية قد اتخذ القرار بشأنها في أواخر عام 2013 عندما مدّدت الولايات المتحدة عقد استئجار القاعدة الجوية ولم تسحب أيّ من طائراتها. وتقول الصحيفة إنّ أمراً كهذا يعكس انقسامات وطيدة الأمد داخل إدارة أوباما بشأن توسيع تحالف واشنطن مع الدوحة. فالسمات التي تجعل تلك الإمارة الخليجية حليفًا قيّمًا للولايات المتحدة هي أيضاً مصدر للقلق بسبب العلاقات الوثيقة التي تجمعها بالجماعات الإسلامية المتطرفة. ويقول مسؤولون من وزارة الخارجية الأميركية، إنّ وزير الخارجية، جون كيري، شكّل شراكة وثيقة مع الدبلوماسيين القطريين، واستخدمها كقنوات لبثّ رسائل لحماس وطالبان والجماعات «الجهادية» المتمرّدة في سورية وليبيا. وقد أشاد كيري بدور قطر في السعي إلى «التفاوض لإنهاء القتال بين «إسرائيل» وحماس الصيف الماضي».
كما أشاد مسؤولون أميركيون بدور قطر لاستخدام قنواتها للتوسط من أجل إطلاق سراح غربيين كانوا رهائن لدى جماعات إرهابية مختلفة، حيث طالبان في أفغانستان و«داعش» في العراق. وتؤيد وزارتا الدفاع والخارجية الأميركية التحالف الأميركي ـ القطري، قائلين إنه لا غنى عن الدوحة في النضال ضدّ تنظيم «داعش». وتطلق الولايات المتحدة أغلب غاراتها الجوية ضدّ التنظيم في العراق وسورية من قاعدة «العيديد» في قطر، ويشير مسؤولون إلى توفير القوات الجوية القطرية الدعم اللوجستي والمراقبة للقوات الأميركية. لكن على الجانب الآخر، يشكو مسؤولون آخرون في واشنطن والدول العربية فضلاً عن دبلوماسين غربيين في المنطقة، من الدعم المالي أو الديبلوماسي الذي تقدّمه الدولة الخليجية الصغيرة لجماعات التمرّد الإسلامية. وتنقل الصحيفة عن متمرّدين ومسؤولين من الخليج قولهم: «استطاع مقاتلون إسلاميون من ليبيا وسورية السفر إلى قطر على مدى سنوات والعودة محمّلين بحقائب معبأة بالمال». ويقول مسؤولون أميركيون إنّ الولايات المتحدة كشفت عن صلات قطرية، تورّط في بعضها أعضاء من نخبة رجال الأعمال القطريين والأكاديميين ورجال الدين، بتمويل «داعش»، فضلاً عن حماس.
وأشارت إلى تقرير لوزارة الخزانة الأميركية، أيلول الماضي، بشأن تلقي أحد قيادات تنظيم «داعش» مليوني دولار نقداً من رجل أعمال قطري. وفي أعقاب ذلك قامت الوزارة الأميركية بانتقاد قطر علنًا لفشلها في التحرك ضدّ مموّلي الإرهاب لديها. ولفتت «وول ستريت جورنال» إلى احتجاج قطر ضدّ الغارات الجوية المصرية التي تستهدف تنظيم «داعش» في ليبيا، في أعقاب مقتل نحو 20 عاملاً مصريًا. وهو ما أسفر عن ردّ دبلوماسي مصري يتهم الدوحة بدعم الإرهاب. ووصف مسؤول حكومي خليجي «فندق شيراتون» في الدوحة بنقطة استراحة للإسلاميين من ليبيا وسورية ومصر وغزة.
فيما ردّ المتحدث باسم مالك مجموعة فنادق شيراتون أنهم لا يتعاملون مع الإرهابيين ولا يعملون على تسهيل أي نشاط يتناقض مع قيم الشركة حيث يعملون تبعًا للقواعد بما في ذلك الاحتفاظ بمعلومات جوازات سفر جميع الضيوف. ووفقًا لمسؤولين أميركيين وعرب، فإنّ قادة جماعة «جبهة النصرة، ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية، بدأوا زيارة الدوحة عام 2012 للقاء كبار القادة العسكريين القطريين ومموّلين. وقال متمرّدون سوريون ومسؤولون من الخليج أنّ قطر توطد علاقتها بـ«جبهة النصرة» كجزء من الحفاظ على دورها في المفاوضات الخاصة بتحرير الرهائن الذين يجري احتجازهم في سورية ولبنان. فيما يرى بعض المسؤولين القطريين دوراً حاسمًا لـ«النصرة» ضد الرئيس بشار الأسد ولا يعتبرون الجماعة الجهادية «إرهابية». وأشارت الصحيفة إلى الجدل الخاص باثنين من أكبر مموّلي تنظيم «القاعدة»، ممن يتمتعون بحصانة قطر، على الرغم من وضع أسمائهم على القائمة السوداء العالمية للإرهاب. إذ أنّ القطريين خليفة محمد ترك السباعي، الموظف في البنك المركزي القطري، وعبد الرحمن بن عمر النعيمي، الذي يعمل مستشاراً للحكومة القطرية وعلى علاقة وثيقة بالأسرة الحاكمة، معروفون بصلتهم بتمويل تنظيم «القاعدة» لـ«داعش». وبحسب الصحيفة فإنّ مسؤولين قطريين قالوا إنّ السباعي والنعيمي موضوعان تحت المراقبة، وقد جُمّدت حساباتهم المصرفية. ونقلت عن محمد الكواري، السفير القطري لدى واشنطن، قوله: «نعلم أنّ هناك مشكلة، ونعمل على رفع دعوى قضائية لكي يمثل المتورّطون أمام المحكمة»، مؤكدًا «نحن ملتزمون بالعمل مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضايا».
انقسام في الكونغرس حول طرق مواجهة «داعش»
أوردت صحيفة «واشنطن بوست»، أنّ هناك انقساماً في الكونغرس حول كيفية محاربة «داعش»، وأشارت في تقرير على صدر صفحتها الرئيسية إلى أنّ الكونغرس يعود إلى العمل هذا الأسبوع بعد فترة استراحة دامت 10 أيام، ليواجه العمل الصعب والمتعلق بكيفية شنّ الولايات المتحدة حربًا على المنظمات الإرهابية مثل «داعش». والمهمة الرسمية هي الموافقة على تفويض باستخدام القوة العسكرية، إلا أنّ الهدف الأكبر هو أن يدرك العالم أهمية وجود دعم موحّد بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي للتدخل العسكري الأميركي ضدّ عدوّ جديد أكثر غموضاً من الذين واجهتهم الولايات المتحدة عندما وافق الكونغرس على قرارات مشابهة عامي 2001 و2002. وحتى الآن هناك اتفاق واحد فقط حول حاجة الكونغرس إلى لعب دورٍ أكثر قوة في النقاش حول الشؤون الخارجية.
فقد وجدت إدارة أوباما نفسها محاصرة في الموقف الذي يدقّ أجراس القلق من احتمال وقوع هجمات إرهابية، مثلما قال وزير الأمن الداخلي جيه جونسون الأحد الماضي، عن تسليط الضوء على معلومات استخبارية تشير إلى احتمال وقوع هجمات على مراكز التسوّق، لكنه يقترح قرار الحرب الذي يشتمل على حدود على حجم المعركة ضدّ «داعش». وتابعت الصحيفة قائلة، إنّ المعارضين من اليمين صعّدوا حملتهم لإعادة تشكيل طلب أوباما بالتفويض باستخدام القوة للسماح بمزيد من الهجمات الموسعة، حتى لو شمل وجود قوات أميركية برية.
وقال السيناتور ليندسي غراهام، أحد أبرز الجمهوريين في مجلس الشيوخ، إنه يريد من الحزب الجمهوري أن يتحدّث صراحة عن الأشياء الصعبة مقابل وجود قوات برية أميركية في سورية والعراق. وأضاف أنه ليس لديه شك من الناحية العسكرية حول إمكانية النجاح في مهمة تدمير «داعش»، بغضّ النظر عن وجود عناصر أميركية بينما يشعر معارضون من اليسار بالقلق من أن طلب أوباما بالتفويض يفتقر إلى الدقة، وقد يمنح البنتاغون مزيداً من السلطة لتوسيع نطاق الحرب في مناطق أخرى. حتى أنّ السيناتور جاك ريد، حليف الرئيس القوي في مجال الأمن القومي داخل الكونغرس، يجد في مشروع القرار شيئاً من المواربة.
وأضاف أنه يعتقد أنّ تحديد القرار زمنياً بثلاث سنوات ليس مناسبًا، فيقول: «نحن لا نريد أن نظهر للعالم أننا سنمكث هناك لسنوات عديدة. لكن للأسف – ستستغرق تلك المعركة وقتاً طويلا». وجدير بالذكر أنّ العمل الرسمي سيجري في لجنتي الشؤون الخارجية والعلاقات الخارجية بمجلسي النواب والشيوخ، وهما المختصتان بالتفويض بالتحركات العسكرية في الخارج.
تطرف تنظيم «داعش» يحمل بذور هلاكه
نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» مقالاً لمراسلها في بغداد «بورزو دراجاهي» حول التطورات في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» في العراق.
يقول الكاتب إنّ العمليات الوحشية للتنظيم ضدّ السنة تزداد، وإنّ التنظيم أعدم حرقًا العشرات من السنة في مدينة البغدادي في محافظة الأنبار ممّن يشتبه في مساعدتهم للحكومة المركزية.
كما أنّ التنظيم اختطف بالأمس 100 من رجال العشائر السنة بالقرب من مدينة تكريت.
ويقول الكاتب إنّ معظم ضحايا التنظيم من السنة. وينقل عن الشيخ وسام حردان، أحد اثنين ممن أسّسا حركة الصحوات التي قاتلت ضدّ تنظيم «القاعدة» من 2006 وحتى عام 2012، القول إنّ »تنظيم الدولة ليس سنيًا. هم يرتدون ألبسة السنّة لكنهم ليسوا سنّة. لقد جاؤوا لتدمير السنّة وقد دمّروا مدنهم بالفعل».
يقول الكاتب إنّ التنظيم ضمّ اليه كلّ القوى المتمرّدة السابقة حتى أصبح ضخمًا لدرجة يبدو معها تنظيم «القاعدة» بالنسبة له كيانًا متوسطًا.
وللتنظيم رؤية في إبادة نحو ثلثي العراقيين غير المتدنيّين إما بالقتل أو بالاستعباد.
كما أنّ التنظيم يلقى مقاومة من معظم الجيوش في الدول المجاورة والقوى العظمى.
ويرى الشيخ حردان أنّ التنظيم استخدم التطرف إلى درجة شديدة صار نواة لتدميره هو ذاته. كما يرى أنّ هذا يخلق بيئة ملائمة لتجنيد الشباب للحرب ضدّ التنظيم.
ويضيف الشيخ حردان الذي ألّف كتابين حول تجربة الصحوات إنّ «الولايات المتحدة والحكومة العراقية تدركان جيدا إنه ليس بإمكان أحد قصم ظهر داعش سوى السنة. نحن نعرف أسرار داعش، وأين يتحركون، وكيف يعملون، كما نعرف نقاط ضعفهم».
ويرى الكاتب أنّ تطرف التنظيم أدّى إلى انصراف الكثيرين من السنة عن التعاطف معه. وينقل الكاتب رأي الشيخ حردان أنّ الكثير من الشباب الآن لديهم مشاعر بالرغبة في الانتقام من التنظيم وأنّ هناك الكثير من جماعات الصحوات الصغيرة متناثرة في العديد من المناطق.