الاتفاق النووي… بين الحاجة الأميركية والخوف «الإسرائيلي»
توفيق المحمود
يبذل البيت الأبيض جهوداً كبيرة لحلّ الأزمة التي اصطنعها السياسيون الأميركيون وحلفاؤهم الغربيون والصهاينة حول الملف النووي الإيراني، ما يثير سخط الصهاينة الذين يشعرون بالإحباط بعد فشل مساعيهم الخبيثة.
فقد أعلنت وسائل الإعلام الصهيونية تضاؤل تبادل المعلومات بين واشنطن وتل أبيب حول المحادثات النووية بين طهران ومجموعة السداسية الدولية، إذ أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال اتصاله هاتفياً برئيس وزراء كيان الاحتلال نتنياهو ذلك ويعتقد باراك أوباما أن تحقيق حل نهائي للملف النووي الإيراني يعد أكبر إنجاز دبلوماسي لحكومته، بحيث أنه طلب من نتنياهو سابقاً بأن يقلل من الهجمة الدبلوماسية ضد النشاطات النووية الإيرانية كي لا تسبب إحراجاً للسياسيين الأميركيين في المحادثات الجارية، في حين أن وسائل الإعلام أكدت في الوقت ذاته أن نتنياهو أعرب عن رغبته بتعطيل النشاطات النووية الإيرانية بالكامل، وهذا أمر متوقع منه وليس بالأمر الجديد.
فقد أقر حزب الليكود «الإسرائيلي» في الـ22 من شباط استمرار الخلافات الجوهرية في مواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية من الاتفاق قيد التفاوض بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي وأكد الليكود تمسك رئيس الوزراء بمعارضته الاتفاق، مطالباً أقطاب المعارضة بالتسامي عن الاعتبارات الحزبية والشخصية والوقوف إلى جانب نتنياهو في هذه القضية، ودعم قراره بالذهاب إلى واشنطن وإلقاء خطابه المثير للجدال أمام الكونغرس فقد أعلن الرئيس الأميركي بارك أوباما خلال مؤتمر صحافي جمعه بالمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالبيت الأبيض في التاسع من شباط أن زيارة نتنياهو غير مرغوب بها، وأكد أن الإدارة الأميركية لديها سياسة واضحة وهي أنه لا يتم استقبال رؤساء الدول إلا بعد إجراء الانتخابات، ونتنياهو يريد السفر إلى واشنطن قبل الانتخابات البرلمانية بأسبوعين تقريباً، فكيف ذلك؟
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أن زيارة نتنياهو الكونغرس ستكون فرصة سانحة لأشد خصومه وهو يتسحاق هرتسوغ زعيم المعسكر الصهيوني بالفوز بأكبر مقاعد الانتخابات المقبلة، وتشكيل الحكومة المقبلة ولقاء نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، في لقاء غير رسمي، مع زعيم المعسكر الصهيوني يتسحاق هرتسوغ والمنافس الرئيسي لنتنياهو في الانتخابات «الإسرائيلية» على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ ربما يكون للضغط على نتنياهو وإيصال رسالة له على دعم الإدارة الأميركية للمرشح الآخر في الانتخابات «الإسرائيلية» المقبلة.
ومع اقتراب موعد إلقاء نتنياهو كلمته أمام الكونغرس أعلنت منظمات يهودية أميركية، وعلى رأسها «إيباك» تنصلها من زيارة نتنياهو، وأبلغت الإدارة الأميركية أن لا علاقة لها بترتيب الزيارة ولم تبلغ بها مسبقاً ويعود حرص «إيباك» على إظهار تنصّلها ممّا جرى من أجل المحافظة على علاقاتها الوثيقة مع الحزبين الجمهوري والديموقراطي في آون واحدة، وأن لا تبدو كما لو أنها تناصر أحدهما على الآخر.
أخيراً إنّ الولايات المتحدة الأميركية ترى إصرار «إسرائيل» على الخيار العسكري للجم الطموحات النووية الإيرانية هو غير وارد، لا ميدانياً بسبب قدرة إيران العالية على المواجهة، ولا مالياً، لأنّ أيّ حرب على هذا المستوى وفي هذه المنطقة الحسّاسة نفطياً من العالم، ستُشكّل خطراً على استقرار الاقتصاد العالمي.