«سيف القدس» تدحرج عقيدة جنرالات تل أبيب للهاوية…
محمد صادق الحسيني
كثيرة هي المقالات والتحليلات التي كتبت ونشرت حول فشل عقيدة رئيس أركان جيش العدو، الجنرال أڤيڤ كوخاڤي، والتي أطلق عليها اسم: نظرية تنوڤا – أو الزخم بالعربية. والمقصود بهذا الاسم هو استخدام النيران الفتاكة بشكل كثيف جداً، لتحقيق هدفين هما:
1 ـ تدمير قوات العدو، المقصود قوات حزب الله في لبنان وقوات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، بشكل كامل وشامل وإلحاق هزيمة واضحة لا جدال فيها بالعدو وقواته وحاضنته الشعبية، وفي أقصر مدة زمنية ممكنة.
2 ـ عدم إعطاء القيادة السياسية (الإسرائيلية) أيّ فرصةٍ للتدخل ووقف إطلاق النار قبل اكتمال أهداف عقيدة كوخاڤي، ايّ قبل اكتمال عمليات تدمير منازل المدنيين على رؤوس ساكنيها وقتل الأطفال والنساء، كما حصل في العدوان الأخير على قطاع غزة.
وفي ظلّ هذا الفشل الاستراتيجي، الاستخباري والعسكري الميداني، ونجاح المقاومة الفلسطينية في انتزاع زمام المبادرة الميدانية، من أيدي جيش العدو الصهيوني، وذلك من خلال قيامها هي بتوجيه الضربة الأولى لعمق العدو بالصواريخ المختلفة، وما تلى ذلك من إخفاقات صهيونية، وحتى الدقيقة الأخيرة من العمليات العسكرية، فإنّ قادة العدو العسكريين والسياسيين، قد بدأوا رحلة البحث عن تبريرات وتفسيرات، لفشلهم المدوّي، في هزيمة قوات المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وفي هذا الإطار قام وزير حرب العدو، مجرم الحرب الفاشل، الجنرال بني غانتيس، الذي قاد جيش العدو كرئيس أركان لهذا الجيش، إبان عدوانه على قطاع غزة، سنة 2014، بتشكيل 14 لجنة تحقيق للوقوف على الأسباب الكامنة وراء فشل جيشه، في تحقيق أي هدف، خلال عدوانه الأخير على غزة، هذا إذا ما استثنينا نجاحه في قتل الأطفال والنساء.
أما رئيس أركانه، مجرم الحرب الآخر، الجنرال كوخافي، فقد اخترع ما يشبه عقيدة الهروب الى الأمام، حيث سافر يوم السبت 19/6/2021، ولمدة ستة أيام، الى واشنطن، بحجة بحث مجالات تعزيز «التنسيق العسكريّ» بين جيش العدو الصهيونيّ والقيادة المركزيّة الأميركيّة من جهة، وبين دول التطبيع/ الخيانة/ في الخليج من جهة أخرى، كما جاء في خبر نشره موقع «جيروساليم بوست» الإسرائيلي، وذلك بهدف مواجهة ما يطلقون عليه «التهديد الإيراني».
علماً انّ كوخافي، وفي إطار البحث عن وسيلة للهروب الى الأمام، قد اجتمع في تل أبيب، بتاريخ 14/6/2021، مع الجنرال جوزيف دانفورد، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، والذي زار الكيان الصهيوني في إطار وفد من منظمة «المعهد اليهودي للأمن الوطني الأميركي، والتي تسمّى بالانجليزية: Jewish Institute for National Security of America JINSA، وبحث معهم ما أسماه: العبر والدروس المستخلصة من عملية حارس الأسوار في غزة، وتأثير ذلك على الوضع في لبنان وإيران، في ظلّ مفاوضات العودة الى الاتفاق النووي.
وهذا يعني أنّ كوخاڤي يبحث في كلّ مكان، ومع أيّ كان، عن وسيلة للهروب الى الأمام والتنصّل من مسؤولية فشله الذريع في عدوانه الأخير على قطاع غزة. اذ انّ الوفد الأميركي، الذي اجتمع به في تل أبيب هو وفد لمنظمة تتعامل مع السياسات الأميركية العامة وقريبة من الإدارة الحالية.
لكن التصريح الذي أدلى به قائد القيادة المركزية الأميركية، جنرال البحرية كينيث ماكّينزي، لصحيفة «ديفينس نيوز» الأميركية، قبل وصول كوخاڤي الى واشنطن بأيام قليلة، وقال فيه: «صحيح انّ اتفاقيات أبراهام تفتح الآفاق للتعاون العسكري المباشر، بين «إسرائيل» ودول عربية، ولكنني لا أريد رفع سقف التوقعات المتعلقة بسرعة حصول هذا الأمر، الذي يحتاج الى مزيد من الوقت ليصبح حقيقة… سيستغرق ذلك بعض الوقت».
وهذا يعني، من الناحية الفعلية، انّ الجنرال الأميركي يقول لكوخاڤي: انّ ما تطرحه ليس أكثر من أضغاث أحلام. وهو في رأينا تقدير واقعي للوضع الاستراتيجي الإقليمي، في منطقتنا، وأهمّ سماته هي التالية:
ـ فشل كامل لمشروع تدمير وتفتيت الدول العربية، من خلال ما سُمّي بالربيع العربي، والذي صمّمته الإدارة الأميركية السابقة، في عهد أوباما.
ـ فشل الوكيل السعودي في السيطرة على اليمن وإخضاعه بالكامل للنفوذ الأميركي الصهيوني وتحويله الى قاعدة مركزيه للتمركز الاحتلالي الأميركي، في آسيا وأفريقيا.
ـ قيام البنتاغون الأميركي ببدء الانسحاب الاستراتيجي لقواته من «الشرق الأوسط»، حيث بدأت القيادة العسكرية الأميركية، ومنذ أكثر من شهر، في سحب العديد من وحداتها الجوية ووحدات الدفاع الجوي والقطع البحرية من المنطقة وذلك بالتوازي مع سحب قواتها من أفغانستان.
ـ اضطرار الإدارة الأميركية العودة الى الاتفاق النووي الإيراني، لأسباب عديدة، لا مجال للخوض فيها في هذا المقام، وهي عودة ستضطر واشنطن لتقديم تنازلات كبرى لصالح إيران حتى تقبل بها، لكونها ستوقع مع حكومة رئيس إيراني ثوري جديد، هو الرئيس إبراهيم رئيسي، وليس مع حكومة الرئيس المنتهية ولايته، حسن روحاني الذي كان الغرب يراهن على اختراق عقيدته «الاعتداليّة» ويظنّ أنّ بمقدوره ان يستغلّ ليونته واعتداله للتآمر ضدّ إيران، وهو ما سعى إليه الغرب بكلّ جهده منذ بداية العام الحالي، وحيث كانت المؤامرة (حسب تقديرات إيرانية داخلية) تهدف الى خلق حالة من الفوضى العامة، في كافة أنحاء إيران، تفضي الى وضع شبيه بما حصل عام 2009، بحيث تتمكّن القوى الرخوة والموالية للغرب في إيران بتسلم السلطة وتوجيه سياساتها بما يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الأميركية الأطلسية…!
هذه هي الأسباب المسبقة لفشل استراتيجية الهروب الى الأمام، التي يتبعها رئيس أركان جيش العدو، الجنرال كوخاڤي. إنها إدارة ظهر ديبلوماسية من جانب الإدارة الاميركية الجديدة المضطربة، لكيان العدو، الأمر الذي يعني مزيداً من الانكشاف الاستراتيجي، لأيتام ترامب في «الشرق الاوسط»، من أعراب وصهاينة، خاصة أنّ تل أبيب لم تعُد حسب العقيدة العسكرية الأميركية الجديدة ليست جزءاً من أوروبا (اويروكوم، كما كانت) وإنما باتت جزءاً من (السينت كوم) ايّ مثلها مثل البحرين والإمارات والكيان السعودي…!
بعدنا طيبين قولوا الله…