إنقاذ الدولة من مصلحة اللبنانيّين وحزب الله وحلفائه فقط
} د.وفيق إبراهيم
أصبح جلياً أن السلطة اللبنانية بمراكزها المتعددة في الرئاسات والمؤسسات من أكبر المعادين للدولة وتعمل بطريقة عشوائية تؤدي حسب اعتقادها الى ثباتها في مواقعها بدعم من المنفذ الخارجي الفرنسي والأميركي والسعودي.
هذه الآليات الداخلية التي أدى إمساكها بالسلطة الى وقوع البلاد تحت ديون داخلية تنيف على مئة وعشرين مليار دولار لا تزال تتوهّم بواحد من أمرين إما الفرار من البلاد بتغطية من الخارج الدولي والإقليمي مع ما جنت يداها من مسروقات تحتفظ بمعظمها مصارف سويسرا والجزر التائهة في أعماق المحيطات، واما ان يؤدي تطور الأوضاع الإقليمية الى محافظة داعميها الخارجيين عليها تحت وطأة صراعه مع المحور السوري الإيراني والتدحرج الروسي نحو الشرق الاوسط وتسلل السلع الصينية الى الإقليم تلبية للتراجعات الاقتصادية المتواصلة.
يتبين اذاً ان المحور الحاكم لا يزال مراهناً على الصراعات الإقليمية كوسيلة للاستمرار بإمساك لبنان السياسي، وذلك لاحتمال توصل محاور الإقليم الى حياد لبنان عن صراعاته، فتقود “اسرائيل” محورها اللبناني بشكل غير مباشر وعبر الحلول العسكرية فيما يجابهها بالمقابل المحور السوري الإيراني وحزب الله.
ولأن التسوية السياسية الداخلية تتطلّب وجود ممثلين في السلطة السياسية يعبرون عن المحور السوري الإيراني بشكل مراقب له مهمة مراقبة تطور الحركة السياسية الداخلية واقتسام المغانم، فينبثق فريق من المحور السوري الإيراني لأداء هذا الدور بنشاط وعميق انتماء مقابل فريق آخر يجسد الصراع العربي الإسرائيلي مع ضرورة تصدي لبنان لاي اعتداء إسرائيلي ومنع الهيمنة الاميركية – الفرنسية من الإمساك بلبنان.
بمثل هذه الصيغة يستطيع لبنان أن يعاود إنتاج نظامه السياسي فلا يخرج منه إلا – حزب الله والأحزاب الوطنية المتحالفة معه.
فيخرج بطريقة غير حربية، يكتفي فيها بالتعبير عن حجمه السياسي وقوته العسكرية بطريقة يؤكد فيها انه جزء من المنظومة السياسية وخارج عنها في آن معاً. فهو معها في تهدئة الوضع الداخلي والتعبير عن التعددية المذهبية والمناطقية التي يسكنها بوقوفه مع الصيغة المفروضة، ولكنه يعترض عليها في آن معاً لانها صيغة متخلفة لا تعكس ابداً ضرورات بناء وطن وهو غير موجود إلا نظرياً ودولة تستطيع توفير الحاجات الأساسية لأبنائها من دون ربط البلاد بديون لا تحتملها حتى الدول الكبرى.
هذه هي أدوار حزب الله ومعه الحلفاء الوطنيون، فهؤلاء مؤمنون بضرورات التغيير على مستوى الادارة الداخلية والتصدّي لإسرائيل اقليمياً، لكنهم يصطدمون بالهيمنة المزدوجة للخارج الفرنسي الأميركي وأحزاب القوات والمستقبل والكتائب وغيرها من الآليات الموالية للأميركيين والفرنسيين والسعوديين.
فهل ينسى اللبنانيون أن هذه القوى أيدت الاجتياح الاسرائيلي للبنان في الثمانينيات ولم تتركه الا بعد هزيمة مدوية لقنتها إياها القوى الوطنية.
نحن اذاً في بلد عجيب تجد فيه أحزابه الوطنية نفسها مكرهة على تشكيل جزء من نظام سياسي مهترئ مستعد للفرار نحو “اسرائيل” والغرب عند كل هزيمة يتعرّض لها.
إلا ان الموضوعية تقتضي الإقرار بأن وجود حزب الله بشكل متناقض ضمن النظام السياسي وخارجه في آن معاً له مبرراته وأبعاده.
وهذه على علاقة بالسيطرة الغربية على لبنان منذ القرن التاسع عشر وصولاً الى التحول من الهيمنة الفرنسية الى الأميركية والغربية العامة والسعودية الخليجية في معظم الأحيان.
وجاء طابع التعدد الطائفي للبنان ليزيد على همومه مزيداً من الشقاء حتى أصبح التغيير نحو الحداثة مستحيلاً، فهناك طوائف مستنفرة في المساجد والكنائس والسفارات والتلقين الثقافي في كل مكان تقريباً مع حاجة لبنان الى الاغتراب الذي يزيد من مستوى الارتباط بالغرب ولواحقه في الخليج. هذا من دون نسيان أموال الخليج الشديدة التسييس.
هذه العناصر فرضت تعددية طائفية مستنفرة في وجه بعضها البعض، وهذا أدى الى إضعاف الدولة نتيجة صراعات ما كان ممكناً ان تكون إلا طائفية لان كل المؤسسات السياسية اللبنانية وادارات الدولة منقسمة حسب الطوائف وصولاً الى مناطق لبنان المنقسمة جغرافياً حسب الطوائف.
تشي هذه المعطيات بضرورة استمرار حزب الله ضمن المنظومة السياسية وخارجها في آن معاً، فهو ضمنها ليهدئ من طائفيتها ونهبها للدولة وهو خارجها ايضاً ليمنع عنها التسلط الخارجي من جهة واستعداد احزاب الطوائف اللبنانية لاستقدام قوى خارجية الى مناطقها.
وللحزب دور مع حلفائه في التصدي للعدو الاسرائيلي، ومنع الانفجار السياسي والكياني للبنان الذي عملت عليه السياسة الاميركية منذ مرحلة وزير خارجيتها كسينجر وتمنع في الوقت الحاضر تغيير فعلي لسياساته المتخلفة.