تونس: تصحيح مسار أم انقلاب؟
ينطلق الرئيس التونسي قيس سعيّد من خلفيته كأستاذ للقانون الدستوريّ ليجعل النقاش حول دستورية قراراته بتجميد البرلمان ورفع الحصانات وحل الحكومة غير قابل للحسم، بين كون ما وصفه بعدم ممانعة الدستور لما قام به رغم عدم وجود نصوص تشرّع ذلك، مشيراً الى الفارق بين الشرعية والمشروعية، بينما يستند خصومه وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة النهضة التي تمثل الإخوان المسلمين في تونس، راشد الغنوشي، الى عدم دستورية خطوات الرئيس سعيّد، فيما ينقسم رجال القانون في تونس بين الرأيين، ما ينقل النقاش من البعد الدستوري إلى البعد السياسي.
في السياسة يحفل سجل حركة النهضة بما يكفي لوصفها بواحدة من عناوين تصدير الإرهاب الى سورية، ووقوفها مع التدخل التركي في ليبيا، ومسؤوليتها عن اغتيال قادة ورموز نضالية وطنية في تونس، وتكوينها لميليشيات مسلحة تمارس الإرهاب على معارضيها، بينما يمثل الرئيس قيس سعيّد النخب التونسية المعتدلة التي لم تستطع التأقلم مع تطلعات النهضة وشهوة السلطة التي تدفعها لوضع اليد على تونس بطرق غير مشروعة، وصولاً لتصفية الخصوم، وارتباطها بالمشروع الذي بدأ مع ما عُرف بالربيع العربي وما تركه من مشاريع حروب أهلية وخراب في كثير من البلاد العربية، رغم محاولة الرئيس سعيّد البحث عن نقاط وسط للتعايش مع النهضة، التي دأبت بقيادة الغنوشي على إسقاط كل فرص الحلول الوسط.
يمثل موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أكبر تجمع شعبي وطني تونسي، تعبيراً عن موقف مؤيّد للرئيس سعيد بالتوازي مع مطالبته بضمانات للمسار الديمقراطي، وبقياس الموقف من قضيتي الحرب على سورية والتطبيع مع كيان الاحتلال، يتفوق قيس سعيّد على النهضة بأشواط، ما يجعل الأمل بنجاحه في إعادة الاستقرار إلى تونس ورد الاعتبار لموقع تونس العربيّ من القضايا الكبرى وفي مقدمتها العلاقات التونسية السورية وموقع تونس من القضية الفلسطينية، حيث هناك غالبية تونسية دافعة بالاتجاهين، يلمس حضورها كل من يزور تونس متفاعلاً مع نخبها وشارعها، بمثل ما يلمس النقمة على النهضة وسياساتها والمخاطر التي جلبتها على الشعب التونسي، وفشلها في تقديم إدارة ناجحة لمشاكل تونس الصحية والاجتماعية والاقتصادية في الحكومات المتعاقبة التي شكلت قوتها الرئيسية والمهيمنة.