الشيخ جراح واللدّ
في خبرين منفصلين صادرين عن وسائل الإعلام الرسمية في كيان الاحتلال، كشف عن عمق الأزمة التي خلفتها معركة سيف القدس وتداعياتها على الكيان، وتأثير المعادلات التي أنشأتها المقاومة وتلك التي لوّح بها محور المقاومة عبر معادلة السيد حسن نصرالله عن أنّ القدس تعادل حرباً إقليمية، أو تلك التي رسمتها مستجدات دخول سكان الأراضي المحتلة عام 48 على خط المواجهة.
الخبر الأول جاء من تحت قبة الكنيست على لسان نواب يمثلون المستوطنين في مدينة اللدّ، حيث كشف النقاب قبل أيام قليلة عن أنّ أربعمئة عائلة من المستوطنين غادرت اللدّ في أعقاب المواجهات التي شهدتها المدينة خلال معركة سيف القدس. وخلال جلسة في الكنيست للوبي البرلماني «من أجل أرض إسرائيل» دعا نواب من اليمين إلى إعادة النظر في الترتيبات القانونية في المدينة لضمان عدم حدوث المزيد من الهجرة . وقال رئيس اللوبي النائب الليكودي يواف كيش إنّ هذا التحدي يتطلب تضافر الجهود بين المعارضة والائتلاف الحكومي.
الخبر الثاني ورد أمس من المحكمة العليا في الكيان، وفيه تأجيل البت بقرارات الإخلاء الأربعة التي تنظر فيها المحكمة، بحقّ سكان حي الشيخ جراح في القدس، والتأجيل هذه المرة هو الرابع، ولأجل غير محدّد، بعدما عرضت المحكمة تسوية على الأهالي ببقائهم في المنازل كسكان محميين بموجب القانون مقابل تنازلهم عن حق الملكية والتسليم باعتبارها ملكاً للمستوطنين.
الخبران كافيان لمعرفة حجم المأزق الذي يترنح فيه الكيان، فهو يصعّد حماية هجمات المستوطنين في جبهتي المناطق المحتلة عام 48 والقدس من جهة، لكنه يخشى تبعات وتداعيات ذلك من جهة أخرى، فانفجار الموقف في القدس من بوابة إخلاء قسري للسكان قد يعني عودة المواجهة العسكرية واتساع نطاقها على مستوى المنطقة لتتحول أي حرب قادمة عنوانها القدس إلى حرب اقليمية، كما أنّ أي مواجهات جديدة في المناطق المحتلة عام 48 ستعني مزيداً من الهجرة للمستوطنين وعائلاتهم، وبالتالي مساهمة في تغليب السكان العرب على هوية مدن وبلدات المناطق المحتلة عام 48.
التوازنات الجديدة والمعادلات الجديدة التي خلفتها حرب سيف القدس ستتعمق أكثر وتتزايد تأثيراً، والمأزق الذي دخله الكيان لا يبدو مفتوحاً على غير المزيد من التعمُّق، دون آفاق لمخارج، بينما المقاومة تزداد قوة وتتسع أمامها الخيارات.