لبنان يحيي اليوم ذكرى تفجير المرفأ الكارثي ومواقف حثّت على كشف الحقيقة
برّي: العدالة ليست عريضة أو عراضة ومدخلها معرفة من أدخل نيترات الموت وأسباب الانفجار
يُحيي لبنان اليوم الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت الكارثي، الذي حصل في الرابع من شهر آب الماضي وأوقع مئات القتلى والجرحى وشرّد الآلاف. وللمناسبة سُجّلت سلسلة مواقف حثّت على الإسراع في التحقيق وكشف طبيعة التفجير وخلفياته والمسؤولين عن الجريمة.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي أن «أنفس الشهداء لن تطمئن وترجع إلى باريها راضيةً مرضية، ولن يلتئم الجرح الوطني الذي أحدثه انفجار مرفأ بيروت إلاّ بإحقاق الحق وكشف الحقيقة كاملة من دون زيادة أو نقصان».
واعتبر في بيان «أن العدالة ليست عريضة أو عراضة، العدالة استحقاق يومي تتكرس باستقلالية القضاء وتطبيق الدستور والقانون والسمو بقضية الشهداء ودمائهم فوق أي اعتبار سياسي أو انتخابي أو طائفي بغيض»، مؤكداً أنه من موقعه السياسي والتشريعي لن يرضى «بأقل من العدالة والاقتصاص من المتورطين بأي موقع كانوا ولأي جهة انتموا». ورأى أن المدخل إلى ذلك معرفة الجهة التي أدخلت نيترات الموت إلى العاصمة بيروت والأسباب الكامنة وراء الانفجار، مؤكداً أنه «حتى انقطاع النفس لا حصانة ولا حماية ولا غطاء إلاّ للشهداء وللقانون والدستور. وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «.
من جهته، رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في بيان، أن الانفجار «كشف عورات البلد. انكشف جانب من الفساد الذي ينهش لبنان، وظهرت معالم الدولة العميقة، دولة الفساد، ليتبين أن العنبر رقم 12 يختصر صورة الواقع اللبناني الذي يقوم على اجتماع مكونات وعناصر الإفساد التي استسلم البلد لإرادتها وقوة سطوتها»، مؤكداً أنه «لن تكون عدالة حقيقية في لبنان إن لم تتحقق العدالة الحقيقية في انفجار مرفأ بيروت. لا يمكن للبنانيين الشعور بالأمان إذا لم تنكشف الحقائق الكاملة لتلك الكارثة التي لا يمكن تجاوز آثارها الإنسانية والنفسية والاجتماعية، فضلاً عن الدمار الذي أصاب العاصمة ومحيطها».
وقال «لا يُمكن أن تنكشف الحقائق الكاملة لتلك الكارثة من دون أجوبة واضحة على أسئلة جوهرية: من أتى بهذه المواد ولماذا؟ كيف ولماذا بقيت سنوات؟ كيف حصل الانفجار؟».
وأشار الرئيس سعد الحريري، إلى أنّ «البركان الذي عصف ببيروت ليس منصة للاستثمار السياسي في أحزان المواطنين»، لافتاً إلى أنّ «4 آب يوم لتحرير العدالة من المبارزات وليس لإطلاق الحملات الانتخابية».
من جهته، أكد الرئيس تمام سلام في تصريح أن «الفاجعة التي أدت إلى سقوط عشرات الشهداء وآلاف الجرحى وخسائر مادية هائلة في الممتلكات في بيروت الحبيبة، هي بالدرجة الأولى نتيجة للتفلت الأمني والإداري المزمن في أهم مرفق اقتصادي في لبنان، فضلاً عن الفساد المتجذّر في مفاصل الدولة على جميع المستويات. إن جميع اللبنانيين الأحرار الرافضين لهذا الواقع ولممارسات أهل السياسة التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، مدعوون للاستمرار في سياسة الضغط لمعرفة المخطط والمنفذ والشريك والمتدخل في جريمة المرفأ وعدم جرف التحقيق القضائي في اتجاهات ثانوية. كما انهم مدعوون إلى المضي في انتفاضتهم لتحقيق التغيير بوجوه جديدة وطاقات واعدة وأيد نظيفة كي يعود النصاب إلى نظامنا الديمقراطي وآلياته وتستقيم الحياة السياسية ويتفعّل عمل المؤسسات في إطار احترام والقوانين والدستور».
وبدعوة من وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال الدكتورة منال عبد الصمد نجد، نُفّذت وقفة في مكتبها في الوزارة، شارك فيها المدير العام للوزارة الدكتور حسان فلحة ورئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ ومدير «الوكالة الوطنية للاعلام» زياد حرفوش وكبار الموظفين في الوزارة و»تلفزين لبنان».
وألقت عبد الصمد كلمة بالمناسبة قالت فيها: «نقف هنا في وزارة الإعلام وهذا المكان الشاهد العيان على حجم الكارثة المأسوية التي هزت لبنان والعالم جراء انفجار المرفأ في 4 آب 2020». وقالت «لعلّ العزاء والأمل الوحيد هو وحدة اللبنانيين جميعاً أمام هذا المصاب الأليم، ولتكن للعدالة الكلمة الفصل في هذا الملف، وليتوحد اللبنانيون على كلمة الحق والحقيقة».
من جهته، غرّد النائب علي حسن خليل عبر «تويتر»، قائلاً «في ذكرى كارثة انفجار المرفأ، نقف بإجلال أمام دماء الشهداء، ننحني أمام آلام الجرحى، ونتطلع بعين الحق للوصول إلى العدالة الكاملة من خلال المسار الدستوري والقانوني بعيداً عن رُكّاب أمواج المصالح السياسية الخاصة ومنتفعي الصناديق الإنتخابية ومستثمري اللغة الطائفية». وأضاف «عملية تحقيق العدالة، ونحن تحت سقفها، بابها معرفة الجهة التي أدخلت نيترات الموت إلى بيروت وحجزتها على مدى سنوات… وأساسها الأسباب الكامنة وراء الإنفجار… أما الحصانة فهي لدماء الشهداء فقط».
بدوره، غرّد النائب فريد الخازن عبر «تويتر»، كاتباً «لا لطمس الحقيقة وإخفائها، لا لعرقلة مسار العدالة، لا للإفلات من العقاب، لا لبيروت مهزومة. نعم لإنصاف الشهداء، نعم لإحقاق الحق، نعم للمحاسبة وكشف الفاعلين، نعم لقلب لبنان ينبض مجدداً بالحياة».
ورأى النائب جميل السيد عبر حسابه على «تويتر»، أن «ما دخلت السياسة شيئاً إلاّ أفسدته». وقال «إلى أهالي ضحايا المرفأ: قضيتكم عادلة وحقكم واضح والمشتبه فيهم معروفون، لذلك ليس لنا فضل عليكم في موقفنا برفع الحصانات وخضوع الكل للتحقيق، ولكن أرى قوى سياسية تريد أن تستثمر تحرككم غداً، ارفضوا مشاركتهم ومزايداتهم وإلاّ ضاع حقكم».
وتقدم حزب الله مجدداً بـ «أحرّ التعازي وأصدق آيات المواساة لعوائل الشهداء الأعزاء، وإلى كل الجرحى الذين يأمل أن ينالوا نعمة الشفاء الكامل»، معبّراً عن تضامنه «الصادق مع كل المتضررين»، مستذكراً «بألم شديد معاناة اللبنانيين في تلك الساعات العصيبة والغيمة السوداء التي عبرت سماء بلدنا وتركت آثارها وأضرارها على المستويات كافة».
وشدّد على «ضرورة تكاتف اللبنانيين وتماسكهم لتجاوز المحنة الأليمة، والعمل الجاد للوصول إلى الحقيقة الكاملة غير المنقوصة بكل شفافية وصدق، بعيداً عن الاستغلال السياسي الرخيص وتصفية الحسابات والصراعات الداخلية الضيقة التي تخفي في طياتها الكثير من الأهداف الخبيثة وأهمها تغييب الحقيقة وتضييع المسؤوليات، وبالتالي منع المحاسبة ومحاكمة المقصّرين والمرتكبين لهذه الجريمة البشعة».
وطالب «الجهات القضائية المعنية بأن تتعامل مع هذه المسألة الوطنية الكبرى بما تستحق من العناية والجدية والمسؤولية بعيداً عن الاستنساب والضغوط والمصالح وأن تكشف الحقائق بكل شفافية أمام الرأي العام اللبناني وأمام العالم، وأن نضع بالتالي حداً نهائياً وقاطعاً أمام التلاعب الداخلي والاستغلال الخارجي وتوجيه الاتهامات وتشويه الحقائق على حساب الحقيقة والعدالة وآلام اللبنانيين ومصيرهم».
بدورها، طالبت لجنة متابعة لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، بـ»ضرورة كشف كامل الحقيقة في جريمة انفجار مرفأ بيروت وصولاً إلى تحقيق العدالة غير المنقوصة، بدءاً من طريقة إدخال النيترات والمسؤولين عن تخزينها وإبقائها طوال 7 أعوام في المرفأ، وتهريب كمية كبيرة منها، وصولاً إلى المسؤولين عن التقصير والإهمال». وحذّر من «عمليات استغلال معاناة أهالي الشهداء تحقيقاً لمآرب سياسية».
وقال حزب «الاتحاد» في بيان «تحلّ ذكرى مرور سنة على انفجار المرفأ والذي أودى بحياة المئات من اللبنانيين وجرح الالاف منهم، وأحدث تخريباً في بيوتهم ومنشآتهم في انفجار غير مسبوق، كشف بوضوح عورات النظام السياسي والطبقة التي يحتمي وراء هذا النظام، والذي لم تكشف حتى الآن أسبابه والضالعين فيه والمقصّرين في واجباتهم الوظيفية لمنع حصول هذه الكارثة».
أضاف «وهذا الانفجار الكارثي يدلّ على أن النظام السياسي يحمي الفاسدين والمقصّرين ويمنع المحاسبة الموضوعية، ولا يسمح بإدارة وطنية تتحكم بمسار إدارات الدولة ومؤسساتها. فالرابع من آب هو فاجعة وطنية كبرى يقتضي محاسبة كل من يقف وراء هذا الحدث المؤلم مهما علا شأنه، وعدم اعتماد نظرية لا غالب ولا مغلوب والتوازنات الطائفية في إطار المحاسبة بعيداً عن الاستغلال السياسي والتوظيف الحزبي لأن دماء اللبنانيين وأرزاقهم ليست عرضة للمساومة».
وختم «العقاب العادل هو إنقاذ للوطن من بؤر الفساد والمحسوبيات وعلى ضوء هذه المحاسبة لتبنى مداميك الوطن على أسس سليمة ومحاسبة الفاسدين والمتلاعبين بمصير الوطن والمواطن. تحية إلى شهداء الرابع من آب. تحية الى الساعين من أجل خلاص الوطن».
واعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في تصريح «أن إنفجار المرفأ كارثة بحجم أزمة لبنان ونكبة وطنية تضاف إلى نكبات هذا الوطن «المصلوب فوق خشبة المشاريع الدولية والإقليمية». ونصح المعنيين بالشأن الوطني، بفصل «هذه الكارثة المدوية عن بازار السياسة، والقضاء قضاء ما لم يدخل بالسياسة فإذا دخل بالسياسة فسد».