محاولات لتحالفات طائفية في وجه حزب الله…!
} د. وفيق إبراهيم
هناك من يسعى لتسعير تجربة قرية شويا في جنوب لبنان ونقلها الى قرى أخرى فيها طوائف جديدة، اما المهم بالنسبة لأصحاب عمليات النقل فهو التقاطعات بين طوائف جديدة تشكل عند تجمّعها تحالفاً طوائفياً لبنانياً مرتبطاً بجهات خارجية ولديه هدفان: السيطرة على السلطة في لبنان وإلغاء مشروع مقاومة العدو «الإسرائيلي».
الكاردينال الماروني الراعي هو صاحب هاتين النقطتين او الداعم الأساسي لهما، متوصلاً الى انّ لبنان يعترف بـ «إسرائيل» منذ اتفاق الهدنة في العام 1949، لافتاً إلى انّ اشتباكات كثيرة حدثت بين قوات من حزب الله وأبناء الكثير من القرى الجنوبية.
لا احد هنا يشكك بوطنية الكاردينال الراعي، لكن الكثيرين يربطون بينها وبين إصرار الراعي على الإمساك بسلطة لبنانية تشبه نموذج 1920، وهذا يتطلب تقليص حزب الله لجهة الدور العسكري والسياسي والقوة الاقتصادية التي يتمتع بها نتيجة للدعم الإيراني… محاولة الراعي الجديدة ليست الا محاولة لإعادة إنتاج لبنان القديم.
هذا ما يفرز حقيقة وهي انّ كامل الطوائف اللبنانية مصابة بقلق سياسي داخلي من قوّة حزب الله الإقليمية واللبنانية الداخلية السياسية، وتعرف انّ عودة الى سلطة 1920 يجب ان تمرّ بتقليص أدوار حزب الله الاقليمية واللبنانية، مع تحالف مع القوى الغربية الراعية الاساسية للبنان القديم.
كيف تتبدّى أعمال الطوائف المناهضة لحزب الله؟ الهجمات العسكرية من عرب خلدة المغطاة من السفارة السعودية ودور الإفتاء السنية واحدة منها، وهي تجربة واضحة لهجوم مذهبي يستهدف الدور الإقليمي لحزب الله، إذ كان يُفترض ان يجابه الحزب المعتدون في خلدة بهجمات مضادة لكنه لم يفعل مكتفياً بصمت الأقوياء والحكماء.
وما أحداث الجنوب في بلدة شويا إلا نموذج جديد في كيفية التعامل الراقي لحزب الله مع محاولات لإثارة الفتنة المذهبية بين الشيعة والدروز… وهي قابلة للتطور حتى تخوم خلدة حيث يتحرك عرب خلدة امام مجاميع أخرى حزبية من التقدمي الاشتراكي اعتادوا على دعم تحركات لعرب المسلخ وبدو خلدة بشكل لم يعد خفياً على أحد.
اما التحرك الثالث فصاحبه اثنان: سياسياً البطريرك الراعي وعسكرياً سمير جعجع قائد حزب القوات اللبنانية، هنا نرى الراعي مؤدّياً لأدوار في التحريض الدبلوماسي مع السفارات وسياسياً مع القوى اللبنانية التي يحاول الكاردينال سحبها الى تحالفاتت داخلية على النسق الماروني ـ السني ـ الدرزي مثل غيره… ما هو مهمّ هنا ان لا امكانية لوجود شيعة بين تحالفات مرتقبة نظراً لقوة الثنائي الشيعي.
وحتى الآن يبدو حزب الله الأكثر قوة في جنوب لبنان في تحالفاته السياسية مع المسيحيّين والسنة والدروز، مع استحالة التصدي من قبل أيّ كان من القوى الداخلية التي تحاول جرَّ «إسرائيل» أو قوى الخارج لدعمها في تحرّشها به، وهذا لا يعني انه قوة جنوبية بالإكراه لأنّ تاريخه في التحرير والتصدي تؤكد انه قوة جنوبية منبثقة من اهله في الجنوب ويعّبر عن مطالبهم في مجابهة «إسرائيل» والداخل اللبناني، وهذا لا يقتصر على الفريق الشيعي بل على التنوع الطوائفي المنتشر في زواياه وقراه.
يتضح انّ هذه المحاولات المعادية للحزب تحتاج الى دعم أكبر من «إسرائيل» وبعض القوى الأجنبية والداخلية مع محاولات لنسف التوازنات الطائفية المبني عليها لبنان الكبير الفرنسي ـ الماروني.
ويتضح أيضاً انّ حزب الله يتحالف مع أكبر قوى موجودة في طوائف لبنان، لكنه لا يستعملها لتتعميق الخلافات داخل المذاهب والطوائف، ويتعامل معه باحترام كبير لخصوصيات المذاهب والطوائف الكبيرة. وحزب الله لديه أكبر كتلة من التحالفاتت داخل الأحزاب المدنية اللبنانية لكنه لا يستعملها لكي لا يتسبّب بخروقات طوائفية ومذهبية، كما انّ حزب الله القادر على اختراق الدولة بكميات كبيرة من التوظيفات، له في مواقعه الشيعية، وعبر علاقاتته بالطوائف الأخرى، ينأى بنفسه عن الوصول الى هذا الدرك الذي قد يؤدّي الى داخلية، وتراجع في اهتماماته التحريرية.
فهل ينجح المخطط للتفجيرات الطوائفية في حصار حزب الله؟
الأمر صعب لأنّ اهتمامات الحزب ترتفع عن حدود المطالبة بتحاصصات مالية وتعيينات في الوظائف أو دعم قوى فساد في الدولة اللبنانية وهو أرسل الى كلّ من يعنيه الأمر انه لا يغطي ايّ فاسد وبإمكان القانون اللبناني وضع رقاب هؤلاء على المسالخ مع الفاسدين السياسيين من الطوائف الأخرى، بما يؤكد حرصه على سلامة البلاد من جهة والعلاقات الحسنة بين الطوائف من جهة أخرى.
فالى أين يذهب لبنان؟ حزب الله المقاوم هو الوحيد القادر على الاستمرار في التصدي للعدو «الإسرائيلي» مع الاحتفاظ بعلاقات حسنة بين الطوائف ولن يتخلى عن هذه الطريقة التي تحمي لبنان.