قطر حين تتشفّى وتعاير مصر بعلاقاتها بواشنطن و«تل أبيب»!

د. رفعت سيد أحمد

لا تفتأ قطر، عبر قناة «الجزيرة»، أن تنكأ الجراح، ليس مع مصر فحسب، لكن مع أغلب البلاد العربية، لا تثبت على اتفاق مصالحة، وتصرّ على أن تدخل في الألعاب الصغيرة وبعناد لا تحسد عليه، علّ «الأخ الأكبر» يردّ عليها، وكلما تجاهلها كلما زادت طفولة واندفاعاً، ومن أمثلة ذلك الاندفاع الصبياني، قضية «التسريبات» التي أقامت بها الدنيا ولم تقعدها ثم إذ بالأمر ينقلب عليها وعلى الهدف مما أرادته الدولة التي تدير قطر، و«الجزيرة» معاً، نقصد واشنطن، فإذا بأطراف التسجيلات، خاصة من دول خليجية، يصدمونها بأنّ هذه اللعبة، لن تؤثر على العلاقات مع مصر بل حققت على النقيض مما هدفت قطر، وخرج من ادّعت إساءة «التسريبات» لهم ليؤكدوا صلابة العلاقات مع مصر.

ما سرّ كل هذه الرعونة، من قطر وإعلامها تجاه مصر؟ وما سرّ كلّ هذا التأييد لـ«الإخوان» وتصوير تظاهراتهم الصغيرة البائسة بأنها لملايين المصريين الذين خرجوا ينتفضون ضدّ ما تصرّ قطر على تسميته بالانقلاب؟! ما سرّ هذه «الشماتة» في عملية ذبح المصريين في ليبيا وقتلهم في العريش ومن قبل في كرم القواديس؟ واضح أنّ السرّ يكمن في أنّ لقطر دوراً ووظيفة تماماً كالشركات في إطار استراتيجية «إسرائيلية» وأميركية تريد تركيع مصر وعودتها إلى ما قبل 30/6/2013 لتتحوّل إلى مجرّد رقم في شرق أوسط أميركي/إخواني يريد تدمير المنطقة وتفكيكها من سورية إلى ليبيا مروراً بمصر!

ولأنّ هذا هو الهدف، ولأنه لم يتحقق رغم شدة القصف الإعلامي، والسياسي المصاحب لعمليات إرهاب من «أنصار بيت المقدس» المموّلة من أجهزة مخابرات غربية وعربية، فلذلك فقدت إدارة الشركة قطر صوابها وبدأت تطيش سهامها وتشتط في مواقفها وحملاتها، وخرجت على حدود الأدب، وهو أمر يستدعي أن يعالج، ومن أساليب العلاج النفسي لمثل هذه الحالات هو أن نعيد فتح بعض الملفات المسكوت عنها عن علاقات قطر التاريخية السرية مع «تل أبيب» وواشنطن، تلك العلاقات التي تعاير قطر، الشعب المصري بها، وعندما ثار عليها إذ بها تشتط في ذبحه بالإعلام والتسريبات وأسلحة القتل السياسي والعسكري لخوارج هذا العصر من «داعش» و«الإخوان» ومن لفّ لفّهم، وإذا بها تعيد نشر فيديوات ذبح المصريين في ليبيا وتشمت فيهم وفي نظام الحكم في بلادهم.

دعونا نفتح الملف… ونأخذ بعض أوراقه السرية العلنية، لعلّ في إظهارها، ما يكوي الجرح القطري ويعالجه نفسياً… ولو قليلاً.

وطن قاعدة «العيديد» لقتل العرب

أولاً: معروف الآن للكافة أنّ قطر التي تدّعي الاستقلال، ومساندة ثورات الاستقلال والحرية «الإخوانية» في المنطقة، هي على النقيض واقعياً وليس ادّعاء، لهذا الاستقلال حيث تحتلّ أرضها قاعدة «العيديد» الأميركية، وهي أكبر أداة قتل للعرب والمسلمين منذ 2002 وحتى اليوم 2015، ولنقرأ هذه الحقائق التي يذكرها الكاتب الأميركي وليم أركِن في دراسة استراتيجية له نشرت قبل فترة وجاء فيها نصاً: تستضيف قطر أهمّ بنية تحتية عسكرية أميركية في عموم المنطقة، وفيها يوجد المقرّ الميداني للقيادة العسكرية المركزية للمنطقة الوسطى من العالم CENT COM الممتدّة من آسيا الوسطى للقرن الأفريقي، بينما المقرّ الرئيسي لتلك القيادة في قاعدة ماك دِل MacDill الجوية في ولاية فلوريدا الأميركية.

وكانت قد انتقلت القيادة الجوية للقيادة العسكرية المركزية الأميركية CENTCOM إلى قطر ما بين عامي 2002 و2003، ومقرّها قاعدة «العيديد» الجوية التي تفتخر بأطول وأفضل المدرّجات في عموم المنطقة. ويزعم أركِن أنّ قطر أنفقت ما يزيد عن أربعمائة مليون دولار لتحديث «العيديد» وغيرها من القواعد مقابل «الحماية» العسكرية الأميركية للدولة الخليجية الصغيرة.

وبدأت قطر منذ 1995 تستضيف بعضاً من القوات الجوية المكلفة بالإشراف على منطقة حظر الطيران في جنوب العراق. وتحوّلت الجزيرة خلال التسعينات إلى واحدة من أكبر مخازن الأسلحة والعتاد الأميركي في المنطقة، وبنت على نفقتها مجمعاً يضمّ سبعاً وعشرين مبنىً لتخزين الآليات والقوات الأميركية استعداداً للعدوان على العراق.

انتقل المقرّ الميداني للقوات الخاصة، التابعة للقيادة العسكرية المركزية الأميركية للمنطقة الوسطى، إلى قاعدة السيلية القطرية عام 2001. وحضنت السيلية بعدها المقرّ الميداني للقيادة المركزية الأميركية للمنطقة الوسطى المذكورة أعلاه، وقد تمّت عملية نقل المقرّ الميداني حسب أركِن تحت ستار التمرين العسكري «نظرة داخلية» Internal Look، الذي كان في الواقع تمريناً على خطة قيادة العدوان على العراق Operation Iraqi Freedom، وليلاحظ القارئ الكريم أنّ هذا التمرين جرى عام 2002، أيّ بغضّ النظر عن أية خطوات سياسية قامت أو لم تقم بها القيادة العراقية آنذاك، فقد كانت خطة العدوان رهن التنفيذ.

وكانت للقيادة المركزية الأميركية في المنطقة الوسطى CENTCOM قبل أحداث 11 ايلول أربعة مرافق خاصة بها في قطر، بالإضافة إلى «حقها» في استخدام 24 مرفقاً تابعة للقوات المسلحة القطرية، وكانت معدات فرقة مدرّعة ثقيلة قد خزنت في موقعين منفصلين، الأول في السيلية، والثاني في مكانٍ ما على بعد 531 ميلاً جنوب غرب الدوحة.

والطريف أنّ الرمز العسكري المشفّر للنشاطات العسكرية الأميركية في قطر هو «معسكر سنوبي» Camp Snoopy، وسنوبي شخصية كرتونية مألوفة تمثل كلباً أبيض ظريفاً جداً، تجده في المسلسلات والرسوم الكرتونية في الصحف والمجلات، ويأتي أحياناً على شكل ألعاب للأطفال. ويضمّ معسكر سنوبي اليوم: 1 ـ مطار الدوحة الدولي، 2 ـ معسكر السيلية، 3 ـ قاعدة العيديد الجوية، 4 ـ نقطة تخزين ذخيرة في قاعدة فالكون-78، تقول مراجع على الإنترنت أنها موجودة في منطقة تسمّى صلنة، أو صلنح، وأخيراً، 5 ـ محطة أم سعيد للدعم اللوجستي، وأم سعيد اسم مكان بالطبع لا اسم إنسان…

هذا، وقد سبق أن استضافت قاعدتا مطار الدوحة الدولي والعيديد الجويتين، على ذمة أركِن، أسراباً كثيرة من الطائرات الأميركية المقاتلة وطائرات الشحن والحاملة للدبابات وغيرها. فالدوحة تعتبر محور النقل الجوي العسكري الأميركي إلى دجيبوتي، ودوشنبي في طاجيكستان، والمصيرة في عمان، وقندهار في أفغانستان، وشمسي في باكستان .

هذه هي أبرز الحقائق عن الوجود أو قلّ الاحتلال الأميركي لقطر «زعيمة» ما يُسمّى بـ«ربيع الثورات العربية»، وفقاً لدراسة أميركية جادة وليس وفقاً لأيّ آراء أخرى مصرية والسؤال: هل يجوز أخلاقياً وسياسياً وإعلامياً، أن يتحدث عن الاستقلال والثورة من يفتقدهما فعلياً؟! وإذا افترضنا أنّ تسريباتهم المزعومة عن السيسي ضدّ دول الخليج صحيحة وليست مزوّرة وهي في الغالب كذلك كما هي أغلب برامج «الجزيرة» عن «ثورات الربيع العربي» فهل فقدان الاستقلال الوطني أخطر أم طلب المعونة من أشقاء؟

«علاقات أخوّة مع إسرائيل»!

ثانياً: ثم نأتي إلى القضية التي تلحّ عليها قطر و«إخوانها» من «داعش» و«القاعدة» و«الإخوان المسلمين»، والتي تصف من خلالها القيادة المصرية الحالية بأقبح الألفاظ بشأنها وهي العلاقات مع «إسرائيل»، هنا دعونا نأخذ أحدث مشهد في السياسة القطرية الذي يؤكد حميمية وتاريخية العلاقة مع العدو الصهيوني، إنه المشهد الذي يتمثل في حرارة لقاء وزير خارجية قطر بالوفد «الإسرائيلي» في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ الألمانية، ثم هذا الوصف الجارح لمشاعر المسلمين «إخواناً» كانوا أم غير «إخوان»، عندما يصف العلاقات مع «إسرائيل» بأنها علاقات أخوّة ، فلقد قال الصحافي «الإسرائيلي» رفائيل أهرين، في تقرير له على موقع «ذي تايمز أوف إسرائيل»، إنّ وزير الخارجية القطري صافحه مصافحة دافئة وطويلة استمرّت حتى بعد أن عرف أنّه من «إسرائيل».

وعبّر أهرين عن سعادته بردّ فعل الوزير القطري الذي ردّ عليه بالقول «بالطبع، نحن أخوة».

وقال: إنّ وزير الخارجية القطري وعده بالاتصال به وتحديد موعد، بعد أن طلب منه مناقشة القضايا الجوهرية «حتى نستطيع مناقشة هذه المسألة بعمق أكثر».

وأكد أنّ الوزير القطري خالد بن محمد العطية قال له إنّه لن يكون قادراً على التحدّث في الوقت الحالي «ثق بكلامي، سنقوم بالاتصال بك» وطلب من مساعدته الحصول على بطاقة العمل الخاصة بالصحافي «الإسرائيلي» للاتصال به وتحديد موعد.

ويحدّثنا التاريخ أنه سبق لوزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني أن صرّح، بعد اجتماعه بوزير الخارجية «الإسرائيلي» الأسبق سيلفان شالوم في باريس، أنّ «العلاقات بين قطر وإسرائيل علاقات استراتيجية».

وكانت البعثة التجارية «الإسرائيلية» التي بدأت أعمالها في العاصمة القطرية العام 1996، قد أغلقت أبوابها قبيل قمّة منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقدة في قطر العام 2000، غير أنّ الدبلوماسيّين «الإسرائيليين» المكلفين بالعمل في هذه البعثة التجارية بقوا في الدوحة ولا يزالون يعملون حتى اليوم 2015 !

وتؤكد حقائق التاريخ لعلاقات قطر بـ«إسرائيل» أنها أقوى بكثير من علاقات الأخيرة بمصر، حيث تعود هذه العلاقات السرية الاقتصادية والعسكرية والنفطية في نشأتها إلى مؤتمر مدريد أوائل التسعينات حيث كان أول لقاء قطري ـ «إسرائيلي» علنياً وتمّ مع شمعون بيريز الذي افتتح المكتب التجاري «الإسرائيلي» في الدوحة عام 1996، والذي أخبر فيه بيريز وزير خارجية قطر وقتها، بأنه كانت له لقاءات سابقة مع عرب ولكنها غير معلنة، وأنّ كلّ اللقاءات القطرية ـ «الإسرائيلية» كانت معلنة. كما استهدفت العلاقة وقتها ترشيح قطر لعضوية غير دائمة في مجلس الأمن الدولي.

وقد اعترفت قطر بالفعل بـ«إسرائيل» في ظلّ اتفاقية التجارة الحرة «الغات»، فهذه الاتفاقية لها شروطها ومنها أنه لا توجد مقاطعة، والعلاقات القطرية ـ «الإسرائيلية» «طبيعية»، والعلاقات مع الولايات المتحدة مبنية على أسس سليمة واستراتيجية.

وتجدر الإشارة إلى أنّ قطر قد قرّرت التبرّع بستة ملايين دولار لبناء مجمع رياضي في بلدة سخنين في داخل الخط الأخضر في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، كما أجريت لقاءات عديدة بين مسؤولين قطريين و«إسرائيليين»، ومن أهمّها اللقاء الذي تمّ بين وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني ووزير خارجية «إسرائيل» سيلفان شالوم عام 2005، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. حيث أثنى المسؤول القطري أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك على الانسحاب «الإسرائيلي» من غزة وطالب الدول العربية بالاستجابة للمبادرة، وقبيل لقائه بنظيره «الإسرائيلي» سيلفان شالوم في اجتماع مغلق فقد استبعد آل ثاني إقامة علاقات ديبلوماسية مع «إسرائيل» قبل إعلان الدولة الفلسطينية.

إلا أنه عاد وأشار أمام حشد من الصحافيين قائلاً: «من الممكن أن يتمّ ذلك… لكننا نحتاج إلى جدول زمني… كيف سنبدأ العملية السلمية وكيف سننتهي؟ ثم تعدّدت اللقاءات مع تسيبي ليفني وغيرها من مسؤولي المخابرات والسياسة «الإسرائيليين» طيلة الفترة من 1995 حتى 2015.

هذا وشهدت العلاقات القطرية ـ «الإسرائيلية» قطيعة في الإعلام بينما شهدت علاقات وطيدة في السرّ حيث نشرت صحيفة «معاريف» «الإسرائيلية» نقلاً عن إحدى الصحف الفرنسية الأسبوعية قبل عدة سنوات أنّ رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتنياهو التقى سراً مع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم في باريس.

وقد بحث الجانبان وفقاً للمصدر موضوع السلام الفلسطيني وكذلك صفقة التبادل لإطلاق جلعاد شاليط، وأضافت الصحيفة أنّ العلاقات بين قطر و«إسرائيل» قطعت في أعقاب الحرب على قطاع غزة أواخر عام 2009، ومنذ ذلك الوقت بعثت قطر رسالتين إلى «إسرائيل» تعبّر فيهما عن رغبتها في تجديد العلاقات مع «إسرائيل»، ولكنها رفضت من قبل رئيس الحكومة «الإسرائيلية» ووزير خارجيته ليبرمان.

كسر قرارات المقاطعة الاقتصادية!

هذا وقد قامت قطر بتزويد «إسرائيل» بالغاز ولمدد غير محدودة وبأسعار رمزية، بعد توقف إمدادات الغاز الطبيعي إلى «إسرائيل» من خلال خط الأنابيب المصري الواقع في سيناء بعد أن فجره مجهولون في بداية ثورة كانون الثاني 2011، قامت السلطات القطرية بعملية تزويد سريعة لـ«إسرائيل» من خلال ضخ الغاز الطبيعي لها عوضاً عن توقف الغاز المصري.

وعندما أعلن مجلس التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في «إسرائيل» أو معها!

وفي عام 2013 نقلت مجموعة من حوالى 60 من اليهود من اليمن إلى «إسرائيل» عبر الدوحة على الخطوط الجوية القطرية. وقد أجريت العملية تحت رعاية «إسرائيل»، ثم تلتها عمليات طيران قطرية مستمرّة لنقل حوالى 400 يهودي يمني خاصة بعد تدهور الأوضاع في اليمن.

ثالثاً: لقد وردت معلومات مهمة جداً عن العلاقات القطرية الإسرائيلية السرية في كتاب يحمل عنوان «قطر وإسرائيل… ملف العلاقات السرية» الصادر بنسخته العريية عن دار نشر «جزيرة الورد» في القاهرة، مؤلفه سامي ريفيل هو أحد أبرز مهندسي التطبيع بين «إسرائيل» والعديد من الدول العربية، وقد عمل مديراً لمكتب مدير عام وزارة الخارجية «الإسرائيلية» وترأس الفريق الذي كانت مهمته دفع علاقات التطبيع الرسمية الأولى بين «إسرائيل» ودول الخليج العربي، وتنمية التعاون الاقتصادي بين الكيان الصهيوني والعالم العربي بأسره. وفي السنوات الأخيرة ترأس سامي ريفيل قسم العلاقات «الإسرائيلية» مع حلف «الناتو» في وزارة الخارجية «الإسرائيلية». هذا «الناتو» الذي قادت قطر مسرح عملياته في ليبيا وسورية التي دمّرتها قطر بتعاونها المشبوه مع جماعات المرتزقة الذين أسمتهم بـ«الثوار» ومع المخابرات التركية والغربية منذ 2011 حتى 2015.

اختار الديبلوماسي الأمني «الإسرائيلي» الولوج الى أسرار العلاقة «الإسرائيلية» القطرية من بوابة القواعد الأميركية الموجودة في قطر، والتي تعدّ عاصمة القواعد العسكرية الأميركية ليس على مستوى الشرق بل في العالم. ففهم العلاقة بين دول العالم، وخاصة العرب و«إسرائيل» غير ممكن بحسب ريفيل إلاّ من البوابة الاميركية. وهذا تحليل منطقي وسليم!

يستشهد ريفيل في كتابه بالتصريح الأول الذي أدلى به الأمير القطري لقناة «إم بي سي»، بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه الحكم عام 1995، ويقول فيه: «هناك خطة لمشروع غاز بين قطر و«إسرائيل» والأردن يجري تنفيذها»، وطالب الأمير بإلغاء الحصار الاقتصادي المفروض من جانب العرب على «إسرائيل»، ومن مدخل القواعد العسكرية الأميركية والانفتاح الاقتصادي على «إسرائيل» بدأت العلاقة، وفتح ملف إحدى أقوى علاقات الصداقة «الإسرائيلية» مع دولة عربية. فرغم اتفاقية «كامب ديفيد» بقيت العلاقات «الاسرائيلية» المصرية خجولة التطبيع.

يؤكد ريفيل صعوبة نسج العلاقات القطرية «الإسرائيلية» التي شارك فيها هو بنفسه، لولا المساعدة التي حظي بها من مسؤولين كبار في قصر الأمير ووزارة الخارجية القطرية وشركات قطرية كبرى خاصة وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم الأكثر حماسة لتلك العلاقة وتطويرها.

ويكشف ريفيل أنّ التوترات التي شهدتها العلاقات المصرية القطرية ترجع إلى الضغوط التي مارستها مصر على قطر لكبح جماح علاقاتها المتسارعة باتجاه «إسرائيل» التي تضرّ بالأمن القومي العربي وفقاً لمصر.

ويعود ريفيل إلى أيلول 1994 حين أعلن مجلس دول التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في «إسرائيل» أو معها، وتلت ذلك إقامة علاقات بين «إسرائيل» وهيئات ومؤسسات وشركات طيران عربية، مثل الخطوط الجوية الأردنية «رويال جوردنيان»، و«جلف إير» ومقرّها في البحرين، والخطوط الجوية القطرية، وغيرها من الشركات التي خففت من القيود المفروضة على المسافرين والبضائع القادمة من «إسرائيل» إلى الدول العربية. وكلها برعاية قطرية!

يذهب ريفيل في كتابه إلى الحديث عن تحريض قطري على السعودية والإمارات لدى «إسرائيل»، مستشهداً بالاتفاق القطري «الإسرائيلي» لإقامة مزرعة حديثة تضمّ مصنعاً لإنتاج الألبان والأجبان اعتماداً على أبحاث علمية تمّ تطويرها في مزارع «إسرائيلية» في وادي عربة، لأجل منافسة منتجات السعودية والإمارات.

فشل سيناريو «الربيع العربي»…

رابعاً: نخلص هنا إلى التأكيد على أنّ تناقض الأدوار القطرية الحالية في المنطقة وتوترها وشماتتها في الدماء المصرية وبأنها قد فقدت صوابها نتيجة ثورة 30/6/2013، لأنّ ما جرى في مصر أفشل السيناريو القطري الأميركي «الإسرائيلي» من خلق خلافة إسلامية على الهوى «الإسرائيلي»، وأن يكون لحكام قطر الدور الرئيس فيها، وعندما ثار الشعب والجيش في مصر على مخطط «أخونة» مصر وتحويلها إلى دولة تابعة لقطر في هذا المشروع التدميري للمنطقة، انقلب حكام قطر، ورغم محاولات السعودية فى عهد ملكها الراحل عبد الله بن عبد العزيز بناء مصالحة مصرية ـ قطرية إلا أنّ قطر نقضتها فور وفاة الملك، وانقلبت إلى النقيض تماماً في العداء والكراهية لكلّ ما هو مصري، وإلى الشماتة في أيّ عملية قتل للمصريين سواء من الجيش أو من المسيحيين كما حدث في ليبيا وإصرارها عبر «الجزيرة» وضيوفها من المتأخونين المطرودين من مصر على نسبة كلّ هذه الجرائم إلى فشل النظام المصري وليس إلى الإرهابيين، لقد تعدّى الهجوم القطري كلّ أخلاقيات السياسية فلم يعد خلافاً مع نظام حكم، بل مع الشعب المصري ذاته، وما التسريبات وغيرها من الأعمال الصبيانية التي تمارسها قطر عبر «جزيرتها» إلا دليل اندفاع وحماقة سياسية قد ترتدّ سريعاً إليها، وهي أيضاً دليل آخر على أنّ واشنطن و«تل أبيب» كانتا هناك وأنهما حاضرتان في الانقلابات القطرية والعداء الدائم ضدّ مصر، خاصة بعد زيارة بوتين وتحوّلات السياسة المصرية ناحية الاستقلال الوطني التسليحي والاقتصادي الحقيقي، ويبدو أنه كلما مضت مصر على هذا الطريق كلما ازدادت عصبية واندفاع قطر و«جزيرتها»… لا بأس!

E mail : yafafr hotmail. com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى