يا لبؤس السياسة اللبنانية والإعراب فيها!
} د. جمال شهاب المحسن*
فتَّشتُ عن الإعرابِ في السياسة اللبنانية فلم أجدْها إلاّ عندَ القلّةِ النادرة… وهنا أقصدُ حصراً الإعراب السياسي! حيث يصبح هذا «الإعراب» صعباً في التطبيقي والعملي أكثر منه في النظري بكثير، وفي البحث عن المطابقة أو عدمها بين النظري والتطبيقي… فيا لبؤس السياسة اللبنانية والإعراب فيها!
كثيرٌ من المقولات والمصطلحات والمفاهيم المغلوطة التي تُطلَق بسرعةٍ قياسيةٍ دونَ تدقيقٍ وتمحيص وفي أغلبِ الأحيان دونَ فهمٍ واعتبارٍ لقواعد وعلوم السياسة والاجتماع والجيوبوليتيك والاستراتيجيات وأصول ومبادئ العلاقات الدولية والبيْنية والثنائية لا سيّما العلاقات الأخوية المميّزة بين سورية ولبنان، حتى أنه ليس عند البعض أيّ استغراب لتدخل السفراء الأجانب والقناصل الذين يعملون لصالح المشروع الأميركي الصهيوني القذر في لبنان والمنطقة في الشؤون الداخلية اللبنانية على المكشوف (وعلى عينك يا تاجر)، فنشهد فوضى لا حدود لها في التوصيفات وإطلاق الأحكام العشوائية والمسبَقة في التداول الإعلامي في ظلّ صراعٍ سياسي خطير، يتداخل فيه المحلي والإقليمي والدولي وفي ظلّ حالة انفجار شعبي كبير بفعل تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية والمعيشية وحتى الثقافية والتربوية في لبنان…
وفي موضوع الحكومة «الحيادية» والحكومة «التكنوقراطية» والحكومة «نصف السياسية» كنت سابقاً قد بحثتُ في المفهومين والمصطلحين الملتبسيْن لمفهوم التكنوقراطية (بالانجليزية: Technocracy) ( أو التقنقراطية) كلمة أصلها يوناني من كلمتين هما تِكني τέχνη «فني وتقني» وكراتُس κράτος «سلطة وحكم»، وباعتبارها شكلاً من أشكال الحكومة، تعني حرفياً حكومة التقنية ويُقال حكومة الكفاءات، وبناءً على ذلك فإنّ الحكومة التكنوقراطية تتشكل من الفئات العلمية الفنية المثقّفة، وهي حكومة متخصّصة في الاقتصاد والصناعة والتجارة…
هنا نسأل هل الذين يطرحون هذا الموضوع كحزب سبعة وحزب «القوات اللبنانية» وغيرهما هم «حياديون» في الصراع السياسي الاجتماعي الكبير الذي يعيشه اللبنانيون ويتخوّفون من تداعياته على كل المستويات؟! علماً أنّ الأميركيين وحلفاءهم في الإقليم يتدخّلون في الشؤون الداخلية اللبنانية على مدار الساعة لمصلحة العدو الوجودي للبنان ألا وهو الكيان الصهيوني، وهنا نشير الى الأميركيين والفرنسيين وحتى «الإسرائيليين» الذين يدسُّون السُّم في الدّسَم من خلال تصريحاتهم التي تغطي أعمالهم التأزيمية والإستثمارية في سياق تأجيج الفوضى اللبنانية لا سيّما الاستثمار في تشكيل حكومة جديدة يُدخلون إليها مَن هو «حيادي»، حيث أنّ «الحياديين» والنائين بأنفسهم كالرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي الذي عاد إلى «الميدان» بقرار فرنسي ووافق عليه الأميركيون وذهبت السفيرتان الأميركية والفرنسية إلى السعودية لتسهيل عملية تكليفه الجديد…!
وأتمنّى أن لا يُضاف موضوع «الحيادية والتكنوقراطية» الى السجال السياسي العنيف في لبنان.
وكيف تكون الحكومة «نصف سياسية» وهي في الدستور في موقع السلطة التنفيذية حيث أناط دستور الطائف بالحكومة مجتمعةً السلطة التنفيذية كلها…
ولمعالجة المشكلات المتراكمة أشدّد على ضرورة الحوار الإنقاذي من أجل حاضر الشعب اللبناني ومستقبله حيث أنّ انسداد الأفق الحواري الديمقراطي يؤدّي الى أمور لا تُحمدُ عُقباها خصوصاً أنّ أزمات معيشية أكبر بدأت تهدّد لبنان في الصميم أكثر فأكثر… وهنا أعود إلى التركيز على ضرورة عدم التساهل مع الذين يعملون سرّاً وعلانيةً في استغلال المطالب الشعبية المحقّة ومعاناة المواطنين لصالح أصحاب الأجندات المشبوهة خاصةً «جماعات ومنظمات المجتمع المدني» الـ NGO’S عفواً في التعبير هم في الحقيقة والواقع جماعات الاحتلال المدني، علماً أنَّ الأميركيين والفرنسيين والسعوديين والإماراتيين أصبحوا على خطِّ الأزمة بعد عملهم في افتعال الفوضى منذ سنوات… وهذا لا يعني أننا لا نحمّلُّ مسؤولية الفساد للفاسدين الذين أثروا الى درجة التُّخمة على حساب اللبنانيين ووضعهم المعيشي الصعب وبالتالي ضرورة التطبيق الفوري لقانون من أين لك هذا؟