مدارات قطر تدفع لاستبدال «القاعدة» بـ«جبهة النصرة»
ناديا شحادة
بعد فشل تجربة «الإخوان المسلمين» التي سعت دولة قطر إلى دعمهم لوجستياً ومادّياً بعد تسلمّهم السلطة في بلدان ما يسمّى «الربيع العربي»، وجدت قطر نفسها في موقف حرج جرّاء خسارتها في رهانها على جماعة «الإخوان المسلمين».
قطر التي اختارت الانحياز إلى الجماعات الإرهابية ضدّ الشعب السوري منذ بداية الأزمة قبل أربع سنوات، وراهنت على جماعة «الإخوان المسلمين» في كلّ من تونس ومصر وخسرت في رهانها، بالإضافة إلى خسارتها معركة إسقاط سورية ونظامها، تحاول بشتى الطرق توسّل أساليب أخرى علّها تعينها في كسب رهاناتها التي لم تتخلّ عنها بعد.
ويؤكد المراقبون أنّ قطر التي تتمتع بعلاقة جيدة مع «جبهة النصرة» وتسعى إلى تقوية نفوذها وحلفائها في الحملة الرامية لمحاربة نظام الرئيس بشار الأسد، تمارس ضغوطاً على قادة الجبهة لتعلن انفصالها عن تنظيم «القاعدة» التابع لأيمن الظواهري، الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد، حيث أكدت مصادر من داخل «جبهة النصرة» أنّ مسؤولين من أجهزة الاستخبارات من دولة قطر اجتمعوا مع الجولاني أمير الجبهة مرات عدة في الأشهر القليلة الماضية لتشجيعه على التخلي عن تنظيم «القاعدة»، ولمناقشة الدعم الذي يمكن أن تقدّمه لهم لتصبح «النصرة» قوة لا تربطها صلة بتنظيم «القاعدة». إضافة إلى صحيفة «جيروزاليم بوست الإسرائيلية» التي أوردت في تقرير في 4 آذار 2015 «أنّ جبهة النصرة تسعى إلى التخلص من تبعيتها لتنظيم «القاعدة» للحصول على تمويل خليجي يسمح لها أن تحتلّ مكانة عسكرية أقوى بين المجموعات المسلحة في سورية».
ويؤكد المراقبون أنّ هذه الضغوط ليست جديدة، وهي تمارس على «جبهة النصرة» منذ إعلان الجولاني تجديد بيعته للظواهري في نيسان عام 2013، للمحافظة على نفسها بعد الهجمات الجوية التي يشنّها التحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش» في سورية والعراق، خصوصاً أنه لا يمكن أن يُنظر إلى الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في التحالف على أنهم يصطفون بشكل غير مباشر إلى جانب «القاعدة» إذا عمدوا إلى حصر هجماتهم على تنظيم «داعش» الذي يوسّع من انتشاره وسيطرته على مناطق عدة، الأمر الذي أثار قلق مجلس الأمن الروسي، وأعلن باتروشيف في 5 آذار 2015 أنه تأكدت لدينا معطيات تشير إلى إقامة اتصالات بين «داعش» وتنظيمات إرهابية في شمال القوقاز، ولم يستبعد باتروشيف زيادة نشاط الإرهابيين في مناطق أخرى من العالم.
ومع حالة الفوضى والتخبّط التي تشهدها هذه التنظيمات الإرهابية والاقتتال الشرس والكبير في ما بينها وانشقاقها عن تنظيم «القاعدة»، ومع نجاح تنظيم «داعش، في إقامة معاقل جهادية تمتدّ بين غرب العراق وشمال سورية وليبيا وتحقيق بعض المكاسب على الأرض، وباتت تجتذب المقاتلين الشباب بشكل أكبر، في وقت فشل تنظيم «القاعدة» في شنّ هجوم كبير على المغرب منذ أكثر من عشر سنوات الذي يعدّ أحد الفصائل المتشدّدة في شمال أفريقيا، والذي كان مصدراً لتجنيد آلاف الشبان الذين سافروا من ليبيا وتونس والمغرب إلى سورية والعراق، وبالمقارنة مع تطوّر صلات «داعش» بالإرهاب في جنوب روسيا، ومع زيادة المنافسة بين قيادة تنظيم «القاعدة» والدولة الإسلامية على زعامة حركة التطرف الإسلامي العابرة للحدود، يرى الخبراء أنّ مرحلة انحلال تنظيم «القاعدة» ربما باتت قريبة ليظهر مكانها تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» في البلدان الذي نشط فيه تنظيم «القاعدة» في كلّ من العراق والمغرب والقوقاز وليبيا والسعودية. ولكن بقاءهم لن يدوم طويلاً لأنهم سيقومون بالأخطاء الاستراتيجية نفسها التي قام بها تنظيم «القاعدة» الذي يمرّ الآن بأضعف مراحل تاريخه بعد انشقاق «داعش» عنه، ومحاولة انفصال «جبهة النصرة»، بالإضافة إلى الهزائم التي مُني بها في كلّ من سورية والعراق، ويرى المتابعون أنّ تنظيم «القاعدة» يحاول تعويض هذه الخسارة والنكسة في اليمن لإحياء نفوذه من جديد ولتوسيع انتشاره وإعلان إمارة إسلامية، الأمر الذي ربما سيكون سبباً للتدخل الخارجي في اليمن.