تقرير إخباري تخبط مملكة الحجاز في اليمن… إلى مسقط درّ
رئبال مرهج
لطالما كانت دولة اليمن الهاجس الأكبر للمملكة السعودية، فعلى رغم اهتمام مملكة الحجاز ببلاد الشام كعمق ونفوذ إقليمي يحسب لها، فإن اهتمامها باليمن ينبع من أهميتها اجتماعياً واقتصادياً وجيو سياسياً في التأثير على حكم الأمراء في صحراء الحجاز.
تحاول السعودية دائماً منع أي قوة أجنبية من بناء قواعد في اليمن لأن من شأن ذلك أن يؤثر على الأحداث في اليمن وشبه الجزيرة العربية ككل وتفضل لو كانت كل الأنظمة في شبه الجزيرة ملكية وأن تكون علاقتها باليمن كعلاقتها بالإمارات الصغيرة على الخليج العربي .
ربما هذا ما يفسر التخبط الذي تعيشه المملكة هذه الأيام نتيجة سيطرة «أنصار الله» الحوثي المدعومين من إيران على عاصمة اليمن صنعاء في الأشهر الأخيرة، ففي رحلتها في ابتداع نقاط قوة تمكنها من الدخول في مواجهة مع إيران في اليمن، قامت المملكة بدعم إعلان الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي في العدول عن الاستقالة والفرار إلى عدن حيث أعلن منذ أيام قليلة اعتبارها عاصمة للبلاد .
الإعلان سخر منه الحوثيون واعتبروه غير ذي قيمة ولا شرعية له، وقال علي أبو حليقة، رئيس اللجنة الدستورية في مجلس النواب أن إعلان الرئيس عبدربه منصور هادي عدن عاصمة لليمن ليس له أي وجه دستوري وقانوني، وأنه وفي حال صح هذا القرار، فأنه يتوجب محاكمة الرئيس هادي بتهمة الخيانة العظمى، كون ذلك يعد خرقاً واضحاً للدستور الأمر الذي دفع رئاسة الجمهورية اليمنية بنفي ما تردد في بعض وسائل الإعلام من أن الرئيس المستقيل منصور هادي قد أعلن عدن عاصمة لليمن لأنه يعلم جيداً أن ذلك يتطلب تعديلاً دستورياً، مبررين نشر القرار الملغى بأنه رد فعل على الأصوات النشاز التي تدافع عن الحوثيين وميليشياته إثر سيطرتهم على العاصمة صنعاء .
المراقبون يربطون انسحاب هادي والعدول عن قراره نتيجة الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى السعودية وما يحمله من نصوص الاتفاق النووي مع إيران ونصحه حكام المملكة بالحوار مع الحوثيين للوصول إلى نتيجة إيجابية توقف الفوضى في الخاصرة الجنوبية للمملكة، خصوصاً مع تمدد نفوذ القاعدة في جنوب اليمن، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأميركية إلى الامتناع عن نقل سفارتها إلى عدن حيث ثقل الرئيس الفار منصور هادي .
ومع توارد أنباء عن فرار وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي ووصوله إلى عدن قادماً من صنعاء، تتوضح الخطة السعودية أكثر وأكثر وذلك بالاعتماد على بقايا ألوية الجيش وبعض القيادات منفردة لتشكيل قوة موازية للحوثيين للبدء في مواجهة قد لا تكون متكافئة.
وبناء على هذا الخيار تحاول المملكة تعزيز أوراقها بالتحالف مع القائد العسكري علي محسن الأحمر الذي يسعى لقيادة حرب في محافظات اليمن الجنوبية ضد محافظات الشمال وحركة «أنصار الله» معتمداً على نفوذه ضمن القبائل اليمنية، الشيء الذي يتطابق مع سياسة السعودية الدائمة في اليمن التي تعمل على إضعاف الحكومة المركزية بأي شكل من الأشكال والاعتماد على مشايخ قبائل متنفذين لعرقلة مركزية الدولة وهذا ما أكده غريغوري غوس مدرس العلاقات الدولية في جامعة فرمونت بأن قال إن حكومة مركزية قوية في اليمن تعني إنهاء استقلالية القبائل وتمكين الحكومة من تحسين أنظمة الدخل، بالتالي قطع الاعتماد الاقتصادي على السعودية وهو ما لا تريده الرياض. فكيف إذا كانت القوة المركزية في صنعاء قد أصبحت بيد الحوثيين المقربين من إيران.
المراقبون للوضع اليمني وتعقيداته يؤكدون أن محاولة السعودية الأخيرة ستمنى بالفشل، حيث لم تستطع إلى الآن أن تشكل قوة مكافئة لقوة حركة «أنصار الله»، بالتالي فإن مصير تحركاتها هو التراجع والذهاب إلى حوار مع الحوثيين في مسقط عاصمة إيران التفاوضية وذلك من أجل تقسيم النفوذ بحسب مراكز ثقل القوى الحقيقية في البلاد، الأمر الذي سيلقى دعم المجتمع الدولي الذي يستعد ومن بوابة الاتفاق النووي للاعتراف والإقرار بقوة إيران ومدى نفوذها واعتبارها الدولة الإقليمية الأقوى في المنطقة.