معركة تكريت لإخراج «داعش»: تصميم حكومي عراقي ومساندة إيرانية في الميدان

الجدل السياسي حول خطاب نتنياهو أمام جلسة مشتركة للكونغرس استحوذ الأسبوع الفائت على مجمل اهتمامات الوسائل الإعلامية وإصدارات مراكز الأبحاث والدراسات الأميركية.

سيستعرض قسم التحليل التطورات الميدانية في العراق لاستعادة السيطرة على الموصل والمدن والبلدات العراقية الأخرى في محافظتي صلاح الدين والأنبار، على ضوء اتضاح مشاركة إيران المباشرة في الجهد العسكري، إعداداً وتدريباً وتسليحاً. كما يتناول باختصار قراءة سريعة لخطاب نتنياهو أمام مجلسي الكونغرس.

الدول العربية: ازمة استراتيجية

استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ما آلت اليه شؤون الدول العربية بعد فصول الربيع الدموي، معتبراً أنّ أسّ الأزمة هو صراع على السلطة، لا سيما أنّ «تنامي جهود التركيز على مثالب تنظيم الإخوان المسلمين في دول عربية شتى يشير إلى استمرار احتدام المعركة الأهمّ منذ عام 2011… أي بجذريها: الشرعية وتسلم السلطة». وأوضح «أنّ تنظيم الإخوان سخر خلفيته الدينية للتهجم على شرعية الدول القائمة… والتي سخرت مكامن قوتها لتقويض الإخوان واتهامهم بالإرهاب وتوظيف السلطة الدينية ورجالاتها لدحض مزاعم الإخوان بالشرعية الدينية». وأضاف: إنّ المجموعات السلفية تباينت مواقفها في هذا الشأن، إذ اعتبر بعضها أنّ ما يجري من «مواجهات وصدامات دليل على الإقلاع عن الهدوء السياسي التقليدي وخطل التوجهات منذ عام 2011».

مصر

أعرب معهد كارنيغي عن شكوكه في صدقية التوجهات «النشطة» للسياسة المصرية، خاصة لما ترتب على زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى القاهرة، إذ «التزمت روسيا خلالها ببناء محطة للطاقة النووية في مصر»، وأطلقت صفقات لشراء أسلحة روسية، مما اعتبر في الداخل المصري أنها «تحركات تدلّ على توجه مستقلّ لمصر عن علاقاتها مع الولايات المتحدة». وأضاف المعهد أنّ مصر «تستعدّ للعب دور بارز خارج حدودها… واستئناف زعامتها الإقليمية»، إلا أنّ تلك الفرضيات «تبدو في غير محلها.» وأوضح أنّ الجهود السياسية الخارجية تبدو «مظهراً بلا مضمون، وهي مسخّرة، جزئياً على الأقلّ، لتشتيت انتباه المتابعين في الخارج والداخل عن تزايد المتاعب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في الداخل المصري».

في تغطية منفصلة، اتهم معهد كارنيغي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه مسكون بهاجس «الحكم الفردي،» وغير متحمّس لعقد انتخابات برلمانية، إذ فاز «بقرار المحكمة الإدارية تعليق الانتخابات كونها كانت ستؤدّي إلى انتقال السلطات من الرئيس الى مجلس النواب… فضلاً عن إصداره عدداً من القوانين المتعلقة بالاقتصاد المصري». وأوضح مرجّحاً أنّ ما يدور في خلد الرئيس السيسي «استخدام مجلس النواب كشكل من أشكال «إدارة النخبة» من أجل استرضاء رؤساء العائلات ورجال الأعمال والسياسيين، وضمان الحصول على مساعدتهم في بسط الاستقرار والحفاظ عليه، والحيلولة دون جهود مجلس النواب المنتخب… مراجعة كلّ القوانين التي أقرّت منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في تموز2013… ومراجعة كلّ التشريعات التي أقرّت على امتداد عامين تقريباً». وأضاف أنّ الرئيس السيسي يكن عداء للأحزاب السياسية ويمضي «لتحويل مجلس النواب الى مجرّد هيئة سياسية تتألف من لون واحد وتكتفي بدعم مشاريع الرئيس الوطنية».

اليمن

اعتبر المعهد الأميركي للسلام، الملحق بوزارة الخارجية الأميركية، أنّ اليمن ومنذ بدء أحداث الربيع الدموي «باتت تواجه تحديات أمنية خطيرة»، مستنداً بذلك إلى دراسة أجريت لحسابه حول نظام السجون في البلاد، تناول 37 سجناً ومراكز اعتقال موزعة على 6 محافظات يمنية، خلص منها بعدة استنتاجات أنّ السجون في حالتها الراهنة توفر أرضية خصبة لتجنيد المتشدّدين ونمو التطرف، وينبغي الالتفات إلى ضرورة إحداث إصلاحات عاجلة في إجراءاتها وممارساتها.

العراق

سعت مجموعة بحثية أميركية إلى سبر أغوار تحضيرات «داعش» للاشتباك مع القوات العراقية لاستعادة الموصل، خاصة بعد إعلان الجانب الأميركي عن نية القيام بذلك مع حلول شهر نيسان المقبل. وقالت منظمة «إيجاز أنباء الشرق الأوسط»، ومقرّها في واشنطن العاصمة، إنه تمّ رصد «تحرّكات وإمدادات هامة لمقاتلي داعش من أماكن تواجدهم في سورية باتجاه العراق خلال الشهر الماضي بأكمله، ضمّت قوافل عربات عسكرية محمّلة بالأسلحة وصل تعدادها في بعض الأحيان نحو 400 عربة وسيارة مختلفة». وأضاف انّ الإمدادات والتحركات المشار إليها «أسهمت في تعزيز دفاعات التنظيم في كلّ من الموصل وتكريت… وحوّلت الموصل الى مدينة مغلفة بالألغام والمتفجرات».

اعتبر معهد واشنطن أنّ معركة استعادة الموصل «تشكل تحدّياً فريداً للحكومة العراقية» وداعميها في الدول الغربية، خاصة أنّ الموعد الذي حدّدته «القيادة العسكرية الأميركية» يوم 19 من شهر شباط الماضي «لا يزال أمراً بعيد المنال… وهي ليست المرة الأولى» التي أعلن فيها نية استرداد الموصل إلى أن تنتهي بالإحباط بسبب عدم جاهزية القوى المطلوبة لأداء المهمة. وأوضح أنه في عام 2008، دفعت الولايات المتحدة وقوات الأمن العراقية بما مجموعه نحو 15.000 جندي لاستعادة السيطرة على الموصل من تنظيم «القاعدة»، ولم تنجز سوى «سيطرة محدودة… والتي تمّت بفضل قرار المقاتلين السنة المحليّين الحدّ من عملياتهم» ضدّ القوات الأميركية والحكومية.

إيران

حث معهد واشنطن الكونغرس الأميركي على اتخاذ إجراءات عاجلة لتقويض أيّ اتفاق محتمل يتمّ التوقيع عليه مع إيران «خاصة في ظلّ قرب موسم الانتخابات الرئاسية المقبل… منها الإبقاء على العقوبات المفروضة إلى حين تيقّنه من امتثال إيران للشروط المنصوص عليها»، كما يتعيّن على الكونغرس «النظر الجادّ بتوجيه ضربة عسكرية ضدّ إيران… بصرف النظر عن تحفظات البيت الأبيض». وأوضح نواياه بأنّ أيّ مواجهة مقبلة مع إيران اليوم «ستعدّ أخطر من المواجهة السابقة في 1987-1988، بيد أنه من شبه المؤكد لن تستوجب انخراط قوات برية اميركية…» وأضاف محرّضاً أنه لا ينبغي التقليل من شأن «قدرة الهيمنة والتصعيد الأميركية… وجهوزيتها للردّ على مكامن البنى التحتية للقيادة الإيرانية».

أعرب معهد كارنيغي عن شكوكه بأنّ التوصل إلى اتفاق مع إيران لن يسفر عن توفير ضمانات بشأن «عدم العودة لاستخدام مفاعل آراك لإنتاج البلوتونيوم المطلوب لبناء القنبلة… خاصة في ظلّ توفر تقارير وتحذيرات إسرائيلية وأطراف أخرى بأنّ ذاك المفاعل يشكل تهديداً خطراً للانتشار النووي». واستدرك بالقول «إنّ المعلومات الدقيقة غير متوفرة، وما بين أيدينا هو كمّ من الإيحاءات حول قدرة إيران على التخصيب التي ستتمتع بها بعد الاتفاق». في المقابل، أشار المعهد إلى «التحفظات الإيرانية الخاصة بعد اليقين من متى سيتمّ رفع العقوبات، بل كيف للإيرانيين أن يطمئنوا إلى تعاون الكونغرس في رفع العقوبات…»

مناورات «الرسول الأعظم 9» البحرية شكلت مصدر قلاقل لمعهد واشنطن، لا سيما تضمّنها لهجوم على نموذج طبيعي لحاملة طائرات أميركية. وقال: «إنّ المناورات جرى تصميمها لترعب سلاح البحرية الأميركية في ظلّ أجواء منخفضة من التوتر في منطقة الخليج… بل لم تشهد تلك المنطقة أيّ حوادث تصادم في الممرّ المائي منذ تسلّم الرئيس حسن روحاني لمهامّ منصبه عام 2013». وأضاف: «إن قوات الحرس الثوري الإيراني كانت ترقب بدقة اللحظة المناسبة لتذكير الغرب بالطرف المسيطر على الخليج… في أعقاب إدخال البحرية الأميركية سلاحاً مضادّاً لأسراب القوارب السريعة والدرونز العامل بأشعة الليزر…» وحذر بالقول: «إنّ توقيت المشهد يدلّ على تبلور تغيّرات استراتيجية لدى المرشد الأعلى السيّد علي خامنئي، أو، على الأرجح، توفر عامل ضاغط بقوة يقارب انهيار أسعار النفط الخام».

استعرض مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أيضاً ما اعتبره «تهديد إيران لخطوط الملاحة في مياه الخليج العربي الذي أضحى جزءاً من ساحة سباق تسلح ضخم، أثارته مخاوف الأطراف الاقليمية لنية إيران استخدام قوتها العسكرية لترويع او للهيمنة على جيرانها». وأضاف: «إنّ إعادة إيران بناء قدرات أسلحتها البحرية والجوية والصاروخية يشكل مجموعة واسعة من التهديدات لخطوط الملاحة البحرية عبر وخارج منطقة الخليج… خاصة في ظلّ ارتفاع معدلات التجارة البحرية المضطردة في مياه الخليج وبحر العرب وخليج عُمان والبحر الاحمر».

«سذاجة» السياسة الأميركية

فشل سياسة الرئيس أوباما في العراق، وامتداداً في سورية، لم يعد مجرّد ترف للتحليلات السياسية في المشهد الأميركي. سيل الاتهامات لم ينقطع كان أحدثها ما جاء في صحيفة «نيويورك تايمز،» 5 آذار الجاري، بأنّ «الرئيس أوباما أصبح يعتمد بشكل متزايد على المقاتلين الإيرانيين لاحتواء تمدّد «داعش» في العراق وسورية من دون المجازفة بمشاركة قوات برية أميركية».

كما عكست «الاتهامات» مدى تذمّر الحكومة العراقية من المماطلة الأميركية في تسليم الأسلحة التي تمّ التعاقد عليها ودفع ثمنها مقدّماً، من ناحية، و«إعلان القيادة العسكرية الأميركية من دون مبرّر او تنسيق مسبق موعد الهجوم المحتمل ضدّ داعش، من ناحية اخرى مما أسهم في بروز التوترات بين البلدين إلى العلن، ما قد تفسد الودّ بينهما».

أحد أهمّ المنابر المقرّبة من الإدارة الأميركية، صحيفة «واشنطن بوست،» 6 آذار، اتهمت السياسة الأميركية بـ«السذاجة»… بسماحها لإيران تصدّر المشهد العسكري المناهض لـ«داعش» في الحملة لاستعادة مدينة تكريت ومناطق أخرى من العراق… وتهيئة الفرصة لإيران للإقدام على خطوة تستبدل فيها «داعش» النظام الإرهابي بآخر يلبّي هيمنته الشريرة».

أهمية استرداد تكريت

استعرض «المرصد» في تحليل الأسبوع الماضي إعلان الاستعداد للبدء بالهجوم لاستعادة مدينة الموصل من قبضة «داعش»، والعقبات التي تعترض مهمة بذلك الحجم، لا سيما ضرورة استعادة السيطرة على عدد من المدن والبلدات الهامة على الطريق الرئيس بين بغداد والموصل، بغية إنشاء مركز إمداد وتموين آمن للقوات العراقية.

عقب «تسريبات» القادة العسكريين الأميركيين عن موعد الاستعداد للهجوم، أعلنت الحكومة العراقية تأجيله من جانب واحد، وانطلقت لتحاصر وتستعيد تكريت أولى المدن التي ينبغي استعادتها لتأمين طرق الإمداد. في الجانب الأميركي، اتُهِمت الإدارة الأميركية بأنها وقعت فريسة غطرستها وإصابتها الدهشة لبدء الحملة على تكريت، مؤكدة في جملة من التصريحات المتلاحقة انها «لا تُجري تنسيقاً للجهود مع إيران» في ذاك الشأن.

قادة البنتاغون أكدوا لصحيفة «نيويورك تايمز» انتظام إجراءات «مراقبة ومواكبة مكثفة للطيران الأميركي للجهود الإيرانية في الحرب ضدّ الدولة الإسلامية… عبر سلسلة من القنوات المتعدّدة والمتاحة». وأرجعت الصحيفة «نجاح الاستراتيجية الأميركية في العراق حتى اللحظة بفضل إيران… بدءاً من ضرب الحصار حول قوات داعش في آمرلي»، مروراً بنجاح الجهود لتحرير مدينة بيجي ذات الأهمية المركزية، وما نشهده راهناً من معارك واشتباكات مباشرة.

حشود المعركة

لفت قادة عسكريون الأنظار الى «تعديل داعش لخطة انتشاره وخوض القتال وعدم التمركز، حيث سعى داعش سريعاً إلى استغلال كثافة العنصر المدني في محيط مدينة تكريت واستخدامه درعاً بشرياً لحمايته، وذلك «بمداهمة مئات المنازل واختطاف أعداد كبيرة من أبناء العشائر العراقية المختلفة، وإرغام الأهالي على تسليم هواتفهم النقالة». عقب اطمئنانه إلى السدّ البشري الكبير، اصطحب نحو 100 شخص إلى منطقة نائية وقام بالكشف عن كافة المكالمات المدوّنة ومقارنتها بكشوفات جاهزة لديه بغية التيقّن من عدم إجراء أيّ منهم اتصالات مع عناصر يعتبرها معادية له.

على الجانب العراقي، حشدت الحكومة قوة قوامها 30.000 عنصر تدعمها 3 كتائب من قوات الشرطة للطوارئ وقوات الأمن ومنظمات «الحشد الشعبي»، بمساندة سلاح الجو ووحدات القوات الخاصة العراقية، استطاعت الدخول إلى حي القادسية شمالي مدينة تكريت والاشتباك مع عناصر «داعش» مكبّدة التنظيم خسائر بشرية كبيرة، وخسارة المنظمات لثمانية عناصر وجرح نحو 42 آخرين. أحد زعماء العشائر في محافظة صلاح الدين، وَنَس جبارة، أوضح أنّ نحو 4.500 مقاتل من أبناء محافظته يشتركون في القتال ضدّ «داعش».

العامل الإيراني

الحضور العسكري الإيراني المباشر في الحملة لاستعادة الموصل حفّز صحيفة «وول ستريت جورنال، 4 آذار، وصفه بأنه يشكل جزءاً من تحوّلات أشمل في السياسة الإيرانية الخارجية»، كثمرة لتوتر العلاقات العراقية الأميركية «وأزمة الثقة» بين الطرفين.

من اليقين غياب الدعم الأميركي عن هذه الحملة، لأسباب متباينة بين الطرفين. الناطق باسم البنتاغون، ستيف وورين، أرجع غياب الدور الأميركي إلى «مشاركة مكثفة من الإيرانيين في الهجوم». يومية «نيويورك تايمز» نقلت على لسان مسؤولين أميركيين كبار قولهم «إنّ الجانب العراقي لم يطلب دعماً أميركياً في تكريت » وربما كان الأمر كذلك نظراً إلى قناعة العراقيين بعدم استجابة الولايات المتحدة لذاك الطلب.

أما الموقف الأميركي من نتائج المعارك فهو ملتبس في أفضل الأحوال. نجاح القوات العراقية والقوى المساندة في الهجوم على تكريت واستعادتها السيطرة «تدريجياً» على بعض البلدات والمدن، ومن ثم الموصل، سيعزز من النزعة الاستقلالية عن الولايات المتحدة، وبدء هزيمة مشروعها للهيمنة عبر مناطق نفوذ تابعة ومقسّمة عرقياً وطائفياً، بصرف النظر عما تراه قيادات أميركية عليا من تسخير الإنجازات في خدمة استراتيجيتها العليا «حتى من دون مشاركة أميركية مباشرة».

استفادة إيران من أيّ تقدّم وإنجاز في الحملة الراهنة غنيّ عن التعريف، ولم يغفله الخطاب السياسي الأميركي الذي أعرب عن قلقه البالغ من أنباء موثقة تشير إلى مشاركة قائد قوات القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، في إدارة المعركة. واعتبر قائد هيئة الأركان الأميركية، مارتن ديمبسي، أنّ مشاركة إيران «عامل إيجابي،» محذراً من تقويض الإنجازات إنْ تغلب التوتر الطائفي.

وفقاً لتقارير الصحافة الاميركية فإن إمكانية الحشد لما يحسب على «الميليشيات الشيعية كبير، لا سيما أنّ التقديرات تشير إلى الى انخراط نحو 800.0000 عنصر تحت السلاح، وهو عدد أكبر من حجم القوات العراقية نفسها. المصادر العسكرية الأميركية ترجّح أنّ نحو 60 في المئة من مجموع القوات المشاركة تعود إلى الميليشيات مشيرة إلى تردّد الدول الإقليمية المشاركة في تحالف واشنطن في الانخراط المباشر خشية من أن تؤدّي المساهمة إلى تعاظم النفوذ الإيراني في العراق.

من غير الجائز القفز على عوامل الاحتقان الطائفي بين «السنة والشيعة» في العراق نتيجة للاحتلال الأميركي، وما تشكله من تهديد حقيقي لسير الهجوم على مواقع «داعش» إنّ لم تحسن «الميليشيات الشيعية» تقليص اندفاعاتها بوحي الحساسيات الطائفية وتغليبها عن توظيف الزخم الجماعي في مواجهة التنظيم.

إعطاء الأولوية للعامل الطائفي سيهدّد خطوط الإمداد الخلفية، لا سيما في المواقع التي تمّت استعادتها على طول الطريق بين بغداد والموصل، واضطرار القادة العسكريين إلى تخصيص قوات مدرّبة كبيرة لمهام حراسة الطريق وقوافل الإمداد على حساب المعركة الأساس وما ستفرزه الظروف من تنامي مشاعر عداء المواطنين ضدّ الحكومة المركزية وربما الاصطفاف إلى جانب تنظيم «داعش» نكاية بها.

الموصل كانت ولا تزال بؤرة أطماع تركية وكردية على السواء، لا سيما «أنّ منطقة الحكم الذاتي في كردستان العراق تتوثب للمشاركة في السيطرة على الموصل وحصد نتائج فورية، وفق منظور قياداتها المرتبطة تاريخياً بالقوى الأجنبية والمعادية للعراق والعالم العربي. في أسوأ الاحوال، تنتظر قيادة الإقليم الكردي مراكمة تنازلات إضافية من جانب الحكومة المركزية في بغداد، لا ترغب بها، لقاء الوقوف على الحياد في المعركة ضدّ «داعش».

الطريق إلى استعادة الموصل لا تزال في مراحلها الأولى، يعزز المضيّ بها الإنجازات التي تحرزها القوات العراقية والأخرى المشاركة. الانتصار الحقيقي هو خارج الدائرة العسكرية الصرف والقدرة على «استعادة ثقة» الأهالي كمواطنين وليس «كمكونات طائفية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى