خطاب المعارضة السورية بعد أربع سنوات من الحرب!
جمال عفلق
أيام ونقترب من الذكرى الرابعة لبدء الحرب على سورية، وهذا في مفهومنا نحن الذين قرأنا الشعارات التي رفعت أثناء المظاهرات، وقلنا حينها إنها شعارات طائفية لا تحمل رياح التغيير الديمقراطي، بقدر ما تحمل سموم الحرب الطائفية. واليوم ونحن على أبواب السنة الخامسة لبدء العدوان العربي ـ الأميركي ـ الصهيوني على سورية ، نرغب وبشدّة أن نسمع خطاب المعارضة «السورية»، إن بقي منها أحد غير مرتبط بالمشروع الأميركي الصهيوني، عمداً أو من دون قصد، والثانية لا أعتقد أنها موجودة، فاليوم لا يمكن أن يتحدث أي مواطن سوري أو أي مراقب عربي أو دولي ويقول إنّ المشروع غير واضح المعالم، وإنّ لغة المؤامرة هي فقط في أذهان من يدافعون عن سورية وأن لا وجود لمؤامرة. تلك المؤامرة التي اعترف بها صانعوها، لكنّ المعارضة التلفزيونية لا تريد الاعتراف بها.
على أبواب السنة الخامسة، لا أرقام حقيقية لعدد الضحايا من المدنيين ولا حتى العسكريين، ولا إحصائيات دقيقة عن حجم الخسائر الاقتصادية، ولكن هناك رقم واحد واضح المعالم، وهو الجيش السوري الذي أصبح الرقم الأصعب الذي راهن كلّ أعداء سورية عليه، فاحتفلوا بالانشقاقات هنا وهناك وضخمتها قنواتهم الإعلامية، والنتيجة أنّ الجيش بقي صامداً وفتح كلّ الجبهات وأعلن مراراً أنّ النصر سيكون حليفه إذا ما أصرّ الطرف الآخر على الحرب. هذه الحرب التي فُرضت على السوريين بقرار دولي كان مصدره واشنطن وعواصم أوروبية، وجميعهم أعطوا سقفاً زمنياً من ستة أشهر حتى سنة، وتكون الأمور تحت سيطرتهم. وهذا ما لم يحدث.
فماذا خسر الطرف الآخر؟
إنّ فاتورة العدوان على سورية كلفت دافعي المال من العرب مليارات الدولارات، بين تسليح وشراء ذمم وتمويل للإرهاب، ومنذ عامين تقريباً قدّر الباحثون أنّ الأموال التي دفعت لهذا العدوان تكفي لإطعام سكان الأرض لمدة أربع سنوات، وأنّ أميركا تحملت كثيراً من تبعيات هذا الدعم من خلال إعطاء تسهيلات لتركيا مقابل تمرير المرتزقة وتحويل مطار أنقرة إلى محطة «ترانزيت» للإرهابيين القادمين من كلّ أنحاء العالم، كما أنّ الإعلام كانت له حصّة جيدة في هذه الحرب، حيث دفعت أموال للماكينة الإعلامية التي كانت وما زالت تصنع الأخبار وتزوّر الحقائق.
أما الكيان الصهيوني فكانت له حصّة في الخسائر بعد فشل مشروع الحزام الأمني الذي يبدو أنه اكتمل وأصبح هناك مرتزقة على طول الشريط الحدودي مع الجولان المحتلّ ومع فلسطين المحتلة يمنعون عنه خطر قيام سورية بشنّ أي حرب مستقبلاً.
هذه مقاربة بسيطة لا تعتمد على أرقام دقيقة، ولكنها قريبة من الواقع، فماذا سيكون خطاب المعارضة السورية، وبماذا ستتوجّه إلى الشعب السوري؟
هل ستعترف المعارضة بالخطأ التاريخي الذي ارتكبته في حقّ السوريين، بعد أن أدخلتهم في حرب تُدار من قبل أعداء سورية؟ وهل ستعترف بأنها خانت دماء السوريين عندما رفضت العروض بالتفاوض على مبدأ المواطنة؟ وهل ستقرُّ بأنها كانت أضعف من أن تعترض على قرارات اتخذها مشغلوها وأوصلت البلاد إلى هذه الحال؟
لا أعتقد أنّ لدى هذه المعارضة ما تقوله للشعب السوري الذي لا يستمع إليها أصلاً، لكنّ الأكيد أنها سوف تحاول أن تصنع صورة ما لتقول أنها هي من رسمتها.
يعلم من يدير الحرب على سورية أنّ المعارضة السورية، وخصوصاً تلك التي تعب على تلميعها وتنظيفها وأسكنها في فنادق تركيا، لا تمتلك حضوراً ولا قاعدة شعبية، لكنّ المشغل يريد إبقاء هذه الفئة لأنها قدّمت له كلّ فروض الطاعة والولاء، وحتى اليوم لم يجد من هو أسوء من تلك المعارضة ليقوم باستبدالها أو تغييرها. وإذا ما فُعِّلت القرارات الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب ومحاسبة المموّلين والمسهّلين له، فإنّ المعارضة السورية، وخصوصاً ما يسمى «ائتلاف الدوحة»، ستلاحق جنائياً.
إنّ ما تسعى إليه المعارضة السورية لا يتجاوز حدود الصورة الإعلامية فقط والكسب المادي الفردي، ولكن على الأرض يعلم المعارضون أنفسهم أنهم لا يملكون قرار إشعال عود كبريت.
وعلى من ينتظر خطاباً للمعارضة أن يستمع إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لأنّ لديه النصّ الأصلي للخطاب، لمعارضة سورية كان هناك أمل في يوم ما أن تكون معارضة وطنية تبني الوطن لا تهدمه، وتدافع عن الوطن لا تستدعي الأعداء إليه.