أولى

سورية السيدة الموحدة مصلحة دولية وإقليمية ومعادلة بوتين

– خلال سنوات بذل السوريون تضحيات جساماً لحماية بلدهم من مخاطر السيطرة والتجزئة، وواجهوا خطر تمدّد الإرهاب ودفعوا الكلفة عنهم وعن سواهم في المنطقة والعالم لمنع الإرهاب من التجذر والتمدّد عبر جغرافيا قد تكون الأخطر، فسورية ليست أفغانستان، وهي الواقعة على أخطر فوالق السياسة والاستراتيجية، بوجودها على ساحل البحر المتوسط المشاطئ لأوروبا وحدود آسيا الوسطى، وبوابة أفريقيا.

– مع تقدم انتصارات الدولة السورية بمساندة من حلفائها، لم يعد ثمة أمل لمشاريع التجزئة والإسقاط باستعادة زمام المبادرة، لكن المتورطين في سورية بقوا عالقين فيها، يعجزون عن التقدم وعن التراجع، فالأميركي والتركي والإسرائيلي ومعهم حلفاء عرب وأجانب من حكومات ومنظمات، يسلمون بفشل مشروعهم، لكنهم يستصعبون التسليم لخصومهم، سواء بما تمثله الدولة السورية من خيارات، أو لحلفائها الأقوياء وخصوصاً روسيا وإيران وقوى المقاومة، فانتصار هؤلاء له ترددات وتداعيات، بحكم موقع سورية الجغرافي والاستراتيجي.

– لأن التاريخ لا يتوقف، والجغرافيا لا تعرف الفراغ، وجد المتورطون في الحرب على سورية، مع فشلهم، أنهم عالقون بداية، لكنهم يجدون أنفسهم اليوم على أبواب التورط في حرب استنزاف ستدفعهم لخيارات شديدة الصعوبة حيث لم يعد بمستطاعهم الحفاظ على ستاتيكو الوقوف في منطقة وسطى، وتصير الخيارات بين انسحاب مهين أو تورط في حرب أوسع.

– الخيار الأمثل الذي يتقدم هو ما كان يمثل دائماً نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للأميركيين والأتراك والإسرائيليين وحكام دول الخليج، والنصيحة تقول أغمضوا عيونكم على هوية الدولة السورية وسياساتها وتحالفاتها، واستثمروا في تعافيها وقيامتها، وأقيموا معها معادلة القانون، سواء كنتم أعداء كحال إسرائيل فعودوا إلى اتفاق فك الاشتباك بدلاً من وهم الرهان على الغارات، أو جيران قلقين كحال تركيا فعودوا إلى اتفاقية أضنة بدلاً من وهم الرهان على الكانتونات، أو أشقاء لهم تطلعات وحسابات كحال دول الخليج  فعودوا مع سورية إلى إطار الجامعة العربية بدلاً من رهانات العزل والحصار، أو دولة عظمى لها سياسات كبرى كحال أميركا فعودوا مع سورية إلى معادلة الأمم المتحدة بدلاً من رهانات العقوبات والاستثمار في الميليشيات، وتقول معادلة بوتين لهؤلاء جميعاً، إن الوضع الناشئ عن استعادة الدولة السورية لسيطرتها على أراضيها وضمان وحدتها، مهما كان مقلقاً لكم وخسائركم بنتيجته، فهو أقل قلق وتسبب بالخسائر من الاستثمار في مواجهة الدولة السورية وإعاقة استعادتها لسيادتها ووحدتها.

– ما شهده جنوب سورية من توسيع نطاق السيادة السورية وتثبيت وحدة التراب السوري، ودعوة الأردن الرسمية لوزير الدفاع السوري تحت عنوان التنسيق والتعاون، علامات تفتح المجال للتساؤل عما إذا كان الآخرون قد بدأوا يقتنعون بنصيحة بوتين، ويرون أن وحدة سورية وسيادتها مصلحة دولية وإقليمية.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى