المغرب يتلقى نكسة من القضاء الأوروبي وجبهة البوليساريو تصف القرار الأوروبي بالنصر الكبير
تلقى المغرب نكسة أمس الأربعاء، إذ ألغت محكمة العدل الأوروبية اتفاقيتين تجاريتين بين المملكة والاتحاد الأوروبي تشملان منتجات آتية من الصحراء الغربية، بناء على دعوى قدمتها من جبهة بوليساريو المطالبة باستقلال الإقليم.
ووصفت الجبهة المدعومة من الجزائر الحكم بأنه “نصر كبير للشعب الصحراوي”، كما كتب ممثلها في الاتحاد الأوروبي أبي البشير على تويتر.
في المقابل أكدت الرباط وبروكسل في تصريح مشترك إثر إعلان القرار التزامهما بمواصلة شراكتهما التجارية، واتخاذ “الإجراءات الضرورية من أجل تأمين الإطار القانوني الذي يضمن استمرارية واستقرار العلاقات” بينهما.
ونصّ الحكم على “إلغاء قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي المتعلقة باتفاقيتين مبرمتين مع المغرب حول المنتجات المغربية من جهة، والصيد البحري من جهة ثانية”.
لكن المحكمة أشارت إلى أن “هذا القرار سيدخل حيز التنفيذ في غضون شهرين، وسيستمر العمل بالاتفاقيتين التجاريتين خلال هذه المدة”.
واعتبرت أن الاتفاقيتين “لم تراعيا ضرورة الحصول على موافقة شعب الصحراء الغربية باعتباره طرفاً معنياً بهما”، وأنهما “لا تمنحانه حقوقاً بل تفرضان عليه واجبات”.
كما استندت في قرارها إلى أن جبهة بوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية “معترف بها على الصعيد الدولي كممثل لشعب الصحراء الغربية”.
من جهته قال مسؤول دبلوماسي مغربي في الرباط إن “قرار المحكمة الأوروبية انبنى على معطيات مغلوطة واعتبارات أيديولوجية”.
وأضاف معلقاً على مسألة اعترافها بتمثيل بوليساريو لشعب الصحراء الغربية، “ماذا يكون إذن موقع المنتخبين الذين اختارهم سكان الأقاليم الجنوبية لتمثيلهم، وشاركوا في جلسات المفاوضات برعاية الأمم المتحدة؟”.
وأبرم المغرب والاتحاد الأوروبي عقد شراكة موسعة عام 1996 دخل حيز النفاذ أربعة أعوام بعد ذلك ويشمل عدة جوانب أهمها بالنسبة للمغرب تصدير المنتجات الزراعية بما فيها المتأتية من الصحراء الغربية، وقد تم تجديده آخر مرة عام 2012، وفق معطيات رسمية.
تتضمن هذه الشراكة أيضاً اتفاقاً للصيد البحري تم تجديده آخر مرة في 2019 ويسمح لـ128 سفينة أوروبية بالصيد في المياه المغربية لمدة أربعة أعوام، مقابل 52.2 مليون يورو يمنحها الاتحاد الأوروبي سنويا للمغرب، وفق معطيات رسمية.
لكن جبهة بوليساريو المطالبة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، تعترض على كون اتفاقي التبادلات الزراعية والصيد البحري يشملان الصحراء الغربية، وعلى هذا الأساس لجأت إلى محكمة العدل الأوروبية لطلب إلغائهما.
بعد القرار، حرص وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة والممثل السامي للاتحاد الأوروبي المكلف بالسياسة الخارجية جوزيف بوريل على التأكيد في تصريح مشترك “سنظل على أتمّ الاستعداد من أجل مواصلة التعاون… في مناخ من الهدوء والالتزام لتوطيد الشراكة الأوروبية – المغربية”.
وأوضح مسؤول دبلوماسي مغربي أن “المغرب والاتحاد الأوروبي يقفان موحدين في صف واحد لمواجهة أعداء شراكتهما أي الجزائر والبوليساريو”.
وأضاف “الحكومة المغربية ليست طرفاً في الدعوى، لذلك ننتظر من الاتحاد الأوروبي أن يقدم طعناً في قرار المحكمة الأوروبية”، مؤكداً أن “هذا القرار لن يؤثر في سير التبادلات التجارية بين الطرفين”.
بدورها أعربت نقابة رجال الأعمال المغاربة “الكونفيدرالية العامة للمقاولات” في بيان صادر ببروكسيل عن أسفها لقرار المحكمة الأوروبية، “الذي يخلق جواً من عدم الثقة ويضر بمناخ الأعمال والاستثمار”.
الصحراء الغربية موضوع نزاع منذ عقود بين المغرب وجبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر، وهي منطقة تصنفها الأمم المتحدة بين “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”.
وتطالب جبهة بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية بإشراف الأمم المتحدة التي أقرته عند توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أيلول 1991 بعد نزاع مسلح اندلع في 1975.
في المقابل، يعتبر المغرب الصحراء الغربية جزءاً لا يتجزّأ من أراضيه ويقترح منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته، وهو يسيطر على ما يقرب من 80 في المئة من مساحتها.
وتدعو الأمم المتحدة أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات من أجل “حل سياسي” للنزاع. غير أن كل محاولاتها باءت بالفشل حتى الآن. ومنذ استقالة آخر مبعوث للأمم المتحدة، توقفت المفاوضات الرباعية بين المغرب وبوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وأعلن المغرب قبل أسبوعين موافقته على تعيين الدبلوماسي الإيطالي السويدي ستافان دي ميستورا مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة للصحراء الغربية، وهو منصب شاغر منذ 2019.