ميركل تقنع أوباما بعدم تسليح أوكرانيا حالياً

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كييف بعرقلة تنفيذ اتفاقات مينسك ومحاولة تجنب الإصلاحات السياسية.

وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإسباني خوسيه مانويل غارسيا مارغاليو في موسكو أمس إن «سلطات كييف ترفض قطعاً تشكيل لجان العمل، وهو البند الذي اتفقت عليه رباعية النورماندي، وكذلك التوصل إلى اتفاق مع دونيتسك ولوغانسك حول إجراء انتخابات محلية».

وأضاف الوزير الروسي أن كييف تحاول كذلك إعاقة عمل مجموعة الاتصال الثلاثية الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية في محاولة، على ما يبدو، للتشكيك في تنفيذ البنود العسكرية من الاتفاقات وبالتالي تجنب إجراء إصلاحات سياسية، مشيراً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قادرة على فرض عقوبات على كييف لإجبارها على تنفيذ ما تم التوصل إليه.

كما دعا لافروف مجدداً إلى تنفيذ الإجراءات كافة الخاصة باتفاقات مينسك، وقال: «إن موسكو ومدريد متفقتان على ضرورة تنفيذ كل بنود مجموعة الإجراءات الخاصة بالتسوية السلمية التي جرى التوصل إليها في 12 شباط في مينسك»، مضيفاً أن إسبانيا تتفق مع موسكو على عدم إمكان حل الأزمة الأوكرانية بالقوة وأن الحوار السياسي هو الحل المقبول.

وأكد الوزير الروسي أن زيادة النشاط العسكري على حدود روسيا لا تساعد في إعادة الثقة في منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، مشيراً إلى أن رد موسكو على ذلك سيكون مناسباً. وقال: «سنضطر للرد على ذلك بشكل مناسب، إلا أننا على قناعة بضرورة حل هذه القضايا من خلال الحوار على أساس المساواة والاحترام المتبادل».

وأكد لافروف أن مسؤولين في بروكسيل يقومون عن عمد بتأجيج التوتر في العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى ضرورة تحديد المصالح الحقيقية لدول الاتحاد الأوروبي ومنع أي تدخل خارجي فيها.

وأعرب عن استغرابه لتصريحات دونالد توسك رئيس مجلس أوروبا، الذي قال بعد محادثاته مع الرئيس الأميركي إن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع اتخاذ قرارات بشأن روسيا بسرعة، كما تريد الولايات المتحدة ذلك.

واتهم الوزير الروسي بروكسيل بزيادة حدة المواجهة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا من خلال إهمال تحقيق تقدم في تنفيذ البنود العسكرية لاتفاقات مينسك وتأجيل تنفيذ القسم السياسي منها، وبالتالي تطبيع العلاقات بين موسكو وبروكسيل، على رغم رغبة معظم الدول الأوروبية بذلك.

وفي ما يتعلق بمبادئ القانون الدولي دعا لافروف شركاء موسكو في الغرب إلى إيلاء اهتمام أكبر بقصف يوغوسلافيا وقضية كوسوفو وتفكك ليبيا، وليس فقط بالقرم، مذكراً بأن إقليم كوسوفو أعلن استقلاله من جانب واحد ومن دون إجراء أي استفتاء، وأن غزو العراق جرى بذرائع وهمية.

وأكد وزير الخارجية الإسباني أن الاتحاد الأوروبي وروسيا يجب أن يكونا حليفين لا خصمين، داعياً إلى العودة إلى الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وأشار إلى ضرورة طرح إطار أوسع يسمح بالعودة إلى التعاون الاستراتيجي الذي كان يربط روسيا والاتحاد الأوروبي زمناً طويلاً، مؤكداً أنه لا يمكن إعمار أوكرانيا من دون مشاركة روسيا.

وفي السياق، اعتبر رئيس مجلس الدوما الروسي أن واشنطن لا تتقبل بقاءها على هامش عملية السلام في أوكرانيا، لذلك تحاول إعادة تفسير اتفاقات مينسك، بحيث أصبحت «طابوراً خامساً» لإطار «النورماندي».

وقال سيرغي ناريشكين إن اتفاقات مينسك خلقت الأمل لدى كثيرين بقرب التسوية السلمية في أوكرانيا خصوصاً بعد مصادقة مجلس الأمن عليها. غير أن الطريق إلى تسوية كاملة ما زالت بعيدة، وذلك ليس بسبب استمرار خرق نظام الهدنة فقط، مشيراً أن «التهديد الأساسي للسلام يأتي مجدداً من وراء المحيط، إذ تجرأ الأوروبيون على الاستغناء عن مشاركة الأميركيين، فيما لا يستطيع هؤلاء تقبل أنهم فجأة باتوا على هامش العملية السلمية».

وتابع أن «هذا لا يتناسب مع الخطط المستقبلية للمجمع الأميركي الصناعي العسكري، ولا مع «الاستثنائية» المتغطرسة التي تلف القيادة العليا لهذا البلد»، مشيراً إلى أن «اتفاقات الرباعية النورماندية تحطم خطط اللاعب الخامس الموجود وراء الكواليس».

وكتب المسؤول الروسي: «يعمل تحت سقف ما يسمى بالمنظمات الأوروبية – الأطلسية جيش كبير من المسؤولين الأميركيين، يدفعون قرارات مفيدة لوزارة الخارجية الأميركية، ناسين أن رواتبهم تأتي من دافعي الضرائب الأوروبيين. أقول ذلك وقد اصطدمت غير مرة بثمار عملهم في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وغيرها من المؤسسات المشابهة. وأرى الآن شيئاً مماثلاً في محاولات إعادة تفسير وإعادة النظر في نتائج اتفاقات مينسك. إذاً، هو الطابور الخامس الشهير».

كذلك وجه سيرغي ناريشكين انتقاداته لأوروبا معلناً أن محاولة دولها تقليد الولايات المتحدة في خططها الفاشلة للاستيلاء على «مناطق نفوذ» تثير الدهشة.

وأكد أن النخبة الأميركية الحاكمة، وبغض النظر عن الانتماء الحزبي، تتعمد إظهار استعدادها لتنفيذ الأعمال العسكرية في أي منطقة بالعالم. ولفت إلى أن «القارة الأوروبية باتت «منطقة ساخنة» بفضل مساعيهم. وحتى لو لم تقرر الولايات المتحدة التدخل مباشرة بالأزمة الأوكرانية الداخلية، إلا أنها سعت بقوة لكي تحصل، وتثور بسرعة من دون أن تخمد طويلاً. وفي الوقت نفسه، ومن جديد، حاولت إلصاق صفتها العدوانية بدولة أخرى»، قاصداً روسيا.

واختتم ناريشكين مقاله كاتباً: «ما يثير الدهشة هو شيء آخر، محاولتهم تقليد الولايات المتحدة في خططها التي فشلت فعلاً في الاستيلاء على «مناطق نفوذ». وافقوا على أنه من الصعب عدم ملاحظة مثل هذه الطموحات بحق أوكرانيا القريبة. ربما نسوا أن مثل هذا التكتيك يعمل فقط من مسافة بعيدة وآمنة… لكن مستشاروي السيد أوباما اعتبروا ذلك لحظة مناسبة للمخاطرة بجعل كل أوروبا منطقة نفوذ لهم».

الى ذلك، أعلن السفير الألماني في واشنطن بيتر فيتيغ أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أقنعت الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدم تزويد أوكرانيا بالسلاح في الوقت الراهن. وقال إن «الزعيمين تبادلا الآراء بهذا الشأن وتوصلا إلى اتفاق أنه لا ينبغي توريد الأسلحة القاتلة في الوقت الراهن».

وعلى حد قول السفير، فإن أوباما اتفق مع ميركل على ضرورة إعطاء فرصة للجهود الدبلوماسية والسياسية لتسوية الأزمة الأوكرانية.

من جهة أخرى، اعتبر رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف أن نتائج مؤتمر ميونيخ لشؤون الأمن لعبت دورها في إقناع الولايات المتحدة بالتخلي عن فكرة توريد أسلحة قاتلة لأوكرانيا.

وقال السيناتور الروسي أمس إنه في ميونيخ «حاول الأميركيون ممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي والمستشارة الألمانية لفرض قرار بشأن تسليح أوكرانيا، لكنهم واجهوا رفضاً لا يقبل التشكيك. ومن ثم قام الأميركيون بتحليل الوضع واقتنعوا بأن هذا الضغط لا جدوى منه».

وتابع قائلاً إن الكثير من الأوروبيين «لا يؤمنون بوجود حل عسكري لهذا النزاع، الأمر الذي يفسر شدة مقاومتهم لفكرة تزويد كييف بالأسلحة».

جاء ذلك في وقت، أعلنت القوات الأوكرانية أمس أنها سحبت كل مدفعيتها الثقيلة من خط التماس في شرق أوكرانيا. ومن جهة أخرى، تبادلت كييف ودونيتسك الاتهامات بخرق الهدنة.

وقال أناتولي ستيلماخ المتحدث باسم العملية الأمنية الأوكرانية: «نحن سحبنا في الوقت الراهن جميع المنظومات المدفعية الثقيلة»، مشيراً إلى أن ذلك يشمل صواريخ «غراد» و«أوراغان» وغيرها. وأشار إلى أن قوات «الدفاع الشعبي» في شرق البلاد تسحب أسلحتها الثقيلة جزئياً، لكنها أيضاً تقوم بإعادة نشرها، بحسب معطيات الاستخبارات الأوكرانية.

و كان إدوارد باسورين نائب قائد قوات «دونيتسك الشعبية» أعلن أن إعلان كييف سحب أسلحتها عار عن الصحة لأن مسافة 20 أو 30 كيلومتراً تسمح بإعادة المدفعية خلال ساعات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى