مدارات العراق ينتفض ضد «داعش» بدعم إيراني
نيبال هنيدي
كل الأنظار تتجه هذه الأيام إلى العراق. فبعد إعلان رئيس الحكومة حيدر العبادي بدء عملية «ثأر سبايكر»، شن نحو ثلاثين ألفاً من عناصر القوات العراقية وقوات الحشد الشبعي، عملية واسعة بدعم من الطيران العراقي والمدفعية، لاستعادة مدينة تكريت، في واحدة من أكبر العمليات الهجومية ضد تنظيم «داعش» منذ سيطرته على مناطق واسعة من البلاد في حزيران الماضي.
فإيران التي سلّحت ومولت ودربت القوات الأمنية العراقية وقوات الحشد الشعبي، يبدو أنها بدأت بالحسم ضد «داعش» بالعراق حيث تزامن بدء الهجوم مع وجود قائد فيلق القدس في الجيش الإيراني الجنرال قاسم سليماني مجتمعاً وموجهاً للقوات العراقية المشتركة، وهكذا وعلى طريق تحرير الموصل نجح الجيش العراقي بتحرير بلدة العلم وبالتقدم في بلدة الدور بعد معارك شرسة مع «داعش» بعيداً من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية والمعزز بالدعم الإيراني.
ويجمع المحللون العسكريون على أن تقدم القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي في تكريت سيؤدي إلى محاصرة تنظيم «داعش» من قبل القوات العراقية وقطع جميع طرق الإمدادات عنه.
وفيما أعلنت قوات التحالف الدولي تأجيل هجومها على الموصل للخريف المقبل، أعلنت الحكومة العراقية – ومن جانب واحد – بدء الهجوم على «داعش» شمال العاصمة بغداد وسامراء، وانطلقت من دون التغطية الأميركية لتحاصر تكريت أولى المدن التي تنبغي استعادتها لتأمين طرق الإمداد. فما الذي تغيّر في العراق بعد وصول حيدر العبادي لرئاسة الحكومة؟ بدء الحملة على تكريت أصاب الإدارة الأميركية بالدهشة، لا بل إن صحيفة «نيويورك تايمز» القريبة من الإدارة ذهبت إلى القول إن الرئيس أوباما أصبح يعتمد بشكل متزايد على من سمتهم «المقاتلين الإيرانيين لاحتواء تمدد داعش»، فيما أرجع الناطق باسم البنتاغون ستيف وورين غياب الدور الأميركي إلى مشاركة مكثفة من الإيرانيين في الهجوم. وبعيداً مما تقوله الأوساط الأميركية، فإن المؤكد أن نجاح القوات العراقية والقوى المساندة في الهجوم على تكريت واستعادتها السيطرة تدريجياً على بعض البلدات والمدن، وصولاً إلى الموصل من دون مشاركة أميركية مباشرة، سيعزز بحسب المراقبين، من النزعة الاستقلالية عن الولايات المتحدة في العراق، وبدء هزيمة مشروعها للهيمنة عبر مناطق نفوذ تابعة ومقسمة عرقياً وطائفياً في هذا البلد. الأمر الذي لم يكن أيام رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي أبقى على صلات أمنية مع الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً مع وجود قواتها في العراق طيلة تسع سنوات.
في حين أكدت إيران مراراً أهمية العلاقات الإيرانية ـ العراقية، فقد شدد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي للمالكي في الخامس من كانون الثاني عام 2013، على ضرورة تمتين العلاقات بين بغداد وطهران في المجالات كافة، بخاصة التعاون الاقتصادي والسياسي، مؤكداً أن أبواب إيران مفتوحة لبناء أقوى العلاقات مع العراق الذي لعب دوراً مهماً في المنطقة، بحسب الخامنئي.
ومع استمرار نجاحات القوات العراقية المشتركة تبدو واضحة مواقف دول الخليج الممتعضة من النجاحات العراقية التي بلغت ذروتها في هذيان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل أثناء اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري حيث قال الفيصل إن إيران تستولي على العراق!
العراق الذي وقع بين مخالب القوى التكفيرية المدعومة من الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة الأميركية من تركيا إلى دول الخليج لاستنزاف شعبه وجيشه، بدأ الآن بأخذ زمام المبادرة واستعادة السيطرة على أراضيه بدءاً من شمال بغداد مروراً بتكريت وصولاً إلى الموصل، نتيجة الدعم الإيراني الذي لم يتوقف على مدى السنوات القليلة الماضية.