دهشة النص
“السماء الزرقاء ترقص مع بجع الشمس المتلألئ وعيون الصيف تسكب شتاء اللوز في دنّ الكرز والعنب
وانا أفتح كفّي الإلهين وألتقط بلورات الزنابق الباكية..»
هل أكمل أم يكفي؟ ماذا شعرتم وأنتم تقرأون هذين السطرين الصغيرين من المجازات العصيّة عن الدهشة؟
بداية أريد ان اقول أن ما سأكتبه الآن ليس بداعي السخرية والاستهزاء إنّما مجرد إبداء لإحساس ينتابني كلّما قرأت نصًّا محشوًّا بالمجازات ولا يحمل أي معنى. أشعر وكأنه يصفع مخيّلتي ويشدّني بحبالها ومن ثم يرمي بي إلى أبعد منفى.
نحن لا نحتاج إلى التعليقات الإيجابية فحسب، بل نحتاج إلى من يضيء على أخطائنا ويصوّب مفاهيمنا اللغوية والأدبية الخاطئة حتى تنضج كتاباتنا وتستوي معانيها، فأنا مثلا حين أقرأ النصوص التي كنت أكتبها في الماضي أتمنى لو أنني أستطيع أن أعيد صياغتها من جديد أو أن أرميها جميعها في سلّة التاريخ، وربما غدا حين أعود إلى نصوصي التي أكتبها اليوم سينتابني شعور اللاإنتماء ذاته، وكل ذلك سببه الملاحظات التي أستمع إليها من أصحاب الاختصاص والخبرة حتى إنّ بعض الأصدقاء الغيورين على الأدب واللغة يرسلون لي عبر الخاص لإبداء ملاحظة ما أو للإشارة إلى هفوة لغوية ما بهدف تصويبها وكم يسعدني ويفرحني ذلك.
ما أريد أن أقوله، أن النص يفقد دهشته ومعانيه وكل حواسه حين يتكثّف بالمجازات التي ليس لها أيّ داعٍ.
فلا تضعوا معجم الاستعارات أمامكم وتصفّوا الكلمات وكأنّكم تزينون شجرة العيد.
فليكن للنص فكرة، حكمة، رسالة أو حتى صرخة تعيد ترتيب كل الفوضى التي في دواخلنا ودور القرّاء جداً مهم في عملية البناء والتطوير هذه، يكفي أن لا نصفّق للأغلاط وأن تكون التعليقات هادفة وبنّاءة.