19 موقوفاً في كمين الطيونة واستنابات للأجهزة الأمنية ومزيد من المواقف المندّدة بالمجزرة والمطالبة بسوق المتورطين إلى المحاكمة
ارتفعت حصيلة شهداء مجزرة الطيونة إلى سبعة بعد استشهاد جريح أمس، متأثراً بإصاباته البالغة، بحسب بيان لوزارة الصحة العامّة، مشيرةً إلى خروج العدد الأكبر من الجرحى من المستشفيات بعد تلقيهم الاسعافات اللازمة، فيما لا يزال أربعو في طور تلقي العلاج ويتوزعون على مستشفيات الساحل، الزهراء، اوتيل ديو وبهمن، وحالة الجميع جيدة.
التحقيقات ومسح الأضرار
أما على صعيد التحقيقات الأولية التي تجريها الأجهزة الأمنية في الجريمة، بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي وبالتنسيق مع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، فقد أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، بأنها «أسفرت عن توقيف 19 شخصاً ممن ثبت تورطهم في الاشتباك المسلح».
أضافت «وبعد تكليفه مخابرات الجيش بإجراء التحقيقات الأولية والميدانية إثر اندلاع الاشتباكات، سطر القاضي عقيقي أمس استنابات إلى كل من جهاز أمن الدولة، الأمن العام وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، كلفهم بموجبها إجراء التحريات والاستقصاءات وجمع المعلومات عما حصل، كما أمر بإجراء عملية مسح شاملة لكل كاميرات المراقبة الموجودة في المنطقة، لتحديد هويات جميع المسلحين من الطرفين».
وتفقّد الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمد خير، منطقة الطيونة بتكليف من الرئيس نجيب ميقاتي، واطّلع على الأضرار التي لحقت بالمنازل والمحال التجارية والسيارات، بحضور رئيس بلدية الغبيري معن الخليل.
وبعد الجولة قال خير «كلّفنا لجاناً من الهيئة العليا للإغاثة ومن الجيش اللبناني والمهندسين للكشف على الأضرار التي نتجت عن أحداث الطيونة، نهار الثلاثاء المقبل، وستعلن عن المستندات المطلوبة من أجل رفع الأضرار لمجلس الوزراء لتأمين المساعدات بأسرع وقت».
وأكد أن «تعويضات أضرار بيروت موجودة، وسيتم تحويل 75 مليار للجيش للدفع تدريجاً للمساكن أولاً، وأيضاً يتحضّر مشروع ثان للتعويض على المستشفيات والمؤسسات الرسمية مبدئياً، ونحن مستعدون للمساعدة المطلوبة من المواطنين ولن يكون أي مواطن خارج منزله».
استنكار المجزرة
في غضون ذلك، توالت المواقف المندّدة بالمجزرة. وفي هذا السياق، أعرب رؤساء الحكومة السابقون سعد الحريري، تمّام سلام وفؤاد السنيورة، في بيان عن «صدمتهم البالغة، وأسفهم الشديد، وإدانتهم الكاملة للأحداث المستنكرة، والتي ذهب ضحيتها عدد من الضحايا الأبرياء»، مؤكدين «التزام احترام الحريات العامّة وفي اولها حق التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي ضمن القوانين المرعية الإجراء وعدم التعرض لها وعدم جواز استخدام العنف بأي شكل من أشكاله وتحت أي ظرف من الظروف».
من جهته، استنكر رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي ما حصل في الطيونة من اعتداء على متظاهرين، وقال إن «هذه المجزرة الإجرامية استهدفت استقرار ووحدة المجتمع من خلال استهداف متظاهرين سلميين في عملية إجرامية منظّمة أراد مفتعلوها جرّ البلاد إلى اقتتال طائفي في سياق مخطط مشبوه». وتوجه في بيان «إلى أهالي الشهداء بأحرّ التعازي وإلى أهالي الجرحى والمصابين بالتمنيات الصادقة بالشفاء العاجل لأحبائهم»، محيياً «الموقف الوطني لهؤلاء الأهالي بضبط النفس ومنع ردود الفعل وإفشال مخطط إنزلاق البلاد إلى بؤرة الدم والدمار».
ولفت إلى أن «خطورة هذه الجريمة تستدعي الانعقاد الفوري لمجلس الوزراء لاتخاذ القرارات الحازمة على المستوى السياسي، خصوصاً أن الجيش قام بدوره الوطني على أكمل وجه على المستوى الأمني، ولكن الخطر الذي هدّد السلم الأهلي يستدعي قرارات سياسية ومعالجات حقيقية حيث لا يستقيم في هذا السياق مبدأ النأي بالنفس».
وتابع: «يبقى أن نقول لكل الذين عملوا وما زالوا يعملون على تبييض صفحة سمير جعجع، هذا ما جنته أيديكم منذ قرار العفو غير الدستوري وغير القانوني عن محكوم بالسجن المؤبد. حمى الله لبنان».
بدوره أكد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن تظاهرة أول من أمس «هي أمر طبيعي وتعبير عن رأي وهي من صلب نظامنا كأحد أوجه التعبير عن الرأي، لكن ما هو غير طبيعي واستثنائي ما تعرضت له التظاهرة من إطلاق نار».
وقال «كأن هنالك من أعدّ سلفاً لمجزرة أو لزرع فتنة أو لاعتداء وكان هنالك قنّاصة على أسطح الأبنية، حيث تمّ استهداف التظاهرة في مكانها الأساسي قبل أن تحصل عملية الدخول إلى منطقة عين الرمانة».
ودعا إلى ضرورة كشف ملابسات ما حصل لوأد الفتنة»، مشيراً إلى أنه كان هناك حكمة في التعاطي أول من أمس للململة الجراح وتطويق الذيول لمنع تفاقم الأمور.
وأضاف «ما حصلنا عليه من معلومات عن بعض الأسماء وانتماءاتهم تؤكدّ أنّهم ينتمون لـ»القوات»، وما نطلبه معاقبة كل من سوّلت له نفسه الاعتداء على الناس وكل من حرّض وساهم في هذا الاعتداء».
ودان الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد، «أعمال القنص والاشتباكات المسلحة التي جرت في منطقة الطيونة»، موجهاً «اللوم للحكومة التي تهرّبت من القيام بواجبها في معالجة الأزمة قبل انتقالها للشارع، وللمنظومة الحاكمة التي أمعنت في الشحن الطائفي وفي ممارساتها الميليشاوية المنافية لمنطق الدولة». وقال «كان يتوجب على الحكومة أن تقوم بمعالجة أزمة التحقيق في جريمة تفجير المرفأ، لكنها تهربت من القيام بواجبها. وكأن المطلوب أن ينفجر الشارع وتسقط الضحايا وأن تبقى الحكومة».
واستنكر رئيس «الحركة الشعبية اللبنانية» النائب مصطفى حسين الاعتداء المسلح على المتظاهرين، مشدّداً على «أن الجميع يرفضون العودة الى مشاهد الحرب التي تذكرها اللبنانيون اليوم وسط حال الهلع التي سادت»، معرباً عن أسفه لأن «البعض لم يتعلم من دروس الماضي، وأن من اعتاد منطق الميليشيات والقتل والقنص لم يخرج من عادة العنف». وطالب بـ «الإسراع في التحقيق وكشف المخططين والمنفذين ومن حرضهم ومن يقف خلفهم، ومحاسبة هؤلاء كي لا يجرؤ أحد في المستقبل على تكرار الأمر والعبث بالأمن وهز الاستقرار وجرّ البلد نحو الفتنة».
وتوقفت الأحزاب الوطنية والقومية في بعلبك خلال اجتماعها الدوري في مكتب حزب الاتحاد عند المستجدات الأمنية والسياسية، وأصدرت بياناً حمّلت فيه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع مسؤولية حوادث الطيونة.
ورأت أن «الجريمة امتداد طبيعي لسلسلة التحقيقات العشوائية الملتوية بقضية انفجار مرفأ بيروت، والتي يعمد المحقق الحالي طارق البيطار إلى توجيهها باتجاهات محدّدة وجلية، مصادرةً للحقيقة، وتزويراً متعمداً للوقائع خدمةً لمصالحه الخاصة ولمن يقف خلفه من أعداء المقاومة ولبنان، والرد الطبيعي على كل ما يجري لا يكون إلاّ بإزاحة المحقق بيطار والإتيان بقاض نزيه يعمل بوحي الثوابت الوطنية ولا يبغي سوى كشف الحقيقة كما هي ومن دون أي تزوير أو تحريف».
واستنكرت رابطة الشغيلة «الجريمة الدموية المروعة في الطيونة التي ارتكبتها «القوات اللبنانية» بحق المتظاهرين السلميين الذين كانوا يتجهون إلى قصر العدل للمطالبة بتصويب مسار التحقيق العدلي في انفجار المرفأ». وشددت في بيان على أن «هذه الجريمة يجب ألاّ تمر من دون معاقبة مرتكبيها والذين أعطوا الأمر بتنفيذها»، محذرةً من «أيّ تهاون أو تساهل في محاسبة القتلة».
ووصف الأمين العام لـ»التيار الأسعدي» المحامي معن الاسعد ما حصل في منطقة الطيونة «بالمجزرة الدموية المخطط والمحضر لها سلفاً»، لافتاً إلى أن «المعطيات ألتي ظهرت تؤكد وجود مجموعة من القنّاصين المحترفين تمركزت في أبنية وأماكن إستراتيجية محضرة مسبقاً بقصد القتل وافتعال فتنة طائفية». وقال «إن المطلوب إحالة حوادث الطيونة على المجلس العدلي وفضح المتورطين ومن خلفهم ومحاسبتهم»، متسائلاً «كيف لم تكتشف الأجهزة الأمنية انتشار المسلحين سلفاً، وكيف تم السماح لهؤلاء القنّاصين الاستمرار بفعلهم الجرمي من أماكن ثابتة لساعات طويلة؟». وختم بدعوة العقلاء إلى «عدم الانجرار إلى أي فتنة والى ضرورة الابتعاد عن اللجوء إلى الشارع وعدم رفع التفاوض والمواجهة بالدم».
وأكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب «أننا لن نسكت عن هذه المجزرة التي أريد بها قتل حرية التعبير والتحرك السلمي لكشف حقيقة مجزرة المرفأ ومنع تحريف المسار القضائي وطمس الحقيقة وتغييب المجرمين والمتورطين في جريمة المرفأ ومن يقف خلفهم»، فيما اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، أن «المطلوب، حماية لبنان الواحد، ومنع التقسيم مهما كان الثمن. وبهذا السياق يجب حماية القرار السياسي، والبيئة الأمنية، والطبيعة السياسية للبلد، لأن خونة البلد يعيشون على ضعف الدولة، وضرب الأمن، ولعبة الأقنعة، وفلتان الشوارع. وهنا لا بد من إكبار ناسنا الشرفاء، الذين هزموا مشروع هذا الفريق المتعامل مع الصهيوني منذ ما قبل العام 1982، وما زالوا يضحون بالغالي والنفيس من أجل هذا البلد العزيز».
وأكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمّود أنَّه «صدرت الأوامر الأميركية الإسرائيلية للعميل سمير جعجع بإحداث فتنة في لبنان، يستطيع جعجع أن يقدم أوراق اعتماد جديدة للمخططين من عرباً وأجانب، سيقول في أوراق اعتماده الجديدة هذه، لقد قمت بما لا يستطيع أن يقوم به فريق آخر، ممن عهد إليهم أن يحاربوا المقاومة، أو أن يشوّهوا صورتها أو أن يشغلوها بالفتن الداخلية، ويفترض أنه سيلاقي استحساناً من مشغليه».
وأشار إلى أن «من الواضح أن جعجع تعمّد أن يظهر هويته وألاّ يختفي خلف أسماء أو عناوين أخرى، هذا واضح من خلال مؤتمره الصحافي ومن خلال القنّاصة المدربين والمجهزين من الواضح أنه يريد أن يعلم الجميع أنه هو المسؤول عن هذه الفتنة، لأنه جزء من مؤامرة دولية – عربية، وبالتالي فإنه يتمتع بحماية كافية ليكشف عن هويته في هذا الأمر».
وغرّد رئيس حزب الوفاق الوطني بلال تقي الدين عبر حسابه على «تويتر» قائلاً «غليان طائفي يشعل الشارع وفوضى تضع لبنان على أعتاب حرب أهلية جديدة. حمى الله لبنان وشعبه من الآتي».
بدوره، استنكر رئيس حركة الإصلاح والوحدة الشيخ الدكتور ماهر عبد الرزاق ما حدث من مجزرة في الطيونة «، معتبراً أنها «مؤامرة خبيثة دُبّرت بليل من أجل ضرب السلم الأهلي والعبث بالوحدة الوطنية وتقديم خدمات للعدو الأميركي والصهيوني». ودعا الجيش والقوى الأمنية إلى الإسراع في كشف المحرضين والقتلة المجرمين وسوقهم للعدالة.
وندّدت «جبهة العمل الإسلامي» في بيان، بكمين الطيونة – بدارو، وحمّلت المسؤولية لـ»حزب القوات اللبنانية بدءاً من رئيسها سمير جعجع وبقية النواب لتعريضهم السلم الأهلي للخطر».
واستنكر الأمين العام لحركة «التوحيد الإسلامي» الشيخ بلال شعبان في بيان له المجزرة بحق المتظاهرين السلميين وطالب الأجهزة الأمنية بـ»توقيف من نفّذ وخطّط لهذه المجزرة والتي غايتها القتل العمد وضرب السلم الأهلي والعيش المشترك».
واعتبر رئيس «الحركة الإصلاحية اللبنانية» رائد الصايغ، أن «ما أقدم عليه حزب القوات هو إثم كبير وجريمة موصوفة ومكشوفة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال التنصّل منها». وشدد في بيان على «ضرورة أن يأخذ التحقيق مجراه الجدي إلى النهاية، لأنه لا يجوز التمييع في هذا النوع من القضايا، ولا سيما أن لا مجال لحصول ذلك في ضوء انكشاف كل شيء أمام الرأي العام، ومن غير الممكن تمويه الحقائق والوقائع الظاهرة والمثبتة بالصوت والصورة».
وختم الصايغ داعياً القاضي طارق البيطار الى أن «يأخذ العبرة مما حصل، لكي يصوّب مساره ويحصر عمله في الإطار القانوني البحت».