وداعاً… جورج قيصر
} يكتبها الياس عشّي
جورج قيصر صديق من الزمن الجميل، وجار يوم كانت البيوت تتجاور، وتتزاور، وتتحلق حول موقد شتائي، وجدّة تحكي حكايا ما زال طعمها في عيوننا.
وجورج قيصر رفيق ملتزم آمن بقضية تساوي وجوده يوم كان الحزب السوري القومي الاجتماعي ملاحقاً في الشام بتهمة اغتيال العقيد عدنان المالكي.
ويوم استقرّ الراحل جورج قيصر في لبنان بعد حصوله على إجازة في السياسة والاقتصاد من الجامعة اللبنانية، لم يتخلَّ عن مبادئه، وكان أن أودع السجن، وتعرّض للتعذيب من قبل السلطات الأمنية لاتهامه بتأسيس خلية للحزب السوري القومي الاجتماعي بعد أن حُلَّ إثر الانقلاب الذي قام به القوميون في اليوم الأول من عام 1962. وبعد خروجه من السجن أبعد عن لبنان، وعاد إلى الشام، ودخل ميدان الصحافة، ومارس مهنة المتاعب بوقفات عزّ لا تنسى.
ودعوني أفتح قوسين لأروي لكم تفاصيل القبض عليه في لبنان كما رواها لي الراحل الرفيق والصديق والجار جورج قيصر:
«في تلك الأثناء كنت مدرّساً في إحدى مدارس صيدا، وبينما كنت في أحد الصفوف، جاءني مدير المدرسة، وطلب منّي المغادرة للحال من باب خلفي لأنّ ثمة مذكرة توقيف بحقّي، وفي مكتبه عناصر أمنية جاءت للقبض عليّ.
قلت للمدير:
ـ لو هربت، ستدخل عناصر الأمن إلى غرفتي، ويقومون بتفتيشها، وثمّة أسماء لرفقاء لي، وملفات، لو وقعت في أيديهم لتورّط الكثيرون. أنا سأسلّم نفسي، ولي رجاء عندك أن تدخل الغرفة، بعد مرافقتي لهم، وتلملم كلّ الأوراق والملفات وتحرقها.
وهذا ما حصل، يا رفيقي الياس، فدخلتُ السجن مع بعض من رفقائي في الخلية، ومورست علينا فنون من التعذيب، وكانت الصورة التي نشرتها الصحف لي وأنا متورّم الوجه دليلاً على ما حدث».
البقاء للأمة يا رفيقي وجاري وصديقي جورج…