أمسية شعريّة دمشقيّة
غلب النثر الحديث على الأمسية الشعرية التي أقامها المركز الثقافي في المزة وشاركت فيها الشاعرتان ليندا عبد الباقي ورينيت محمد، والشاعر أوس غريب، أما المواضيع فتنوّع بين إنساني اجتماعي ورؤى فلسفية وقضايا عاطفية.
اعتمدت الشاعرة ليندا عبد الباقي في القصائد التي ألقتها على الومضة الشعرية والإيحاء المطابق الذي حاولت أن تبعده عن الرمز، متوسّلة نغمة موسيقية ذاتية تفضي إلى معان إنسانية تنطلق من الذات وتنتهي بالمجتمع والإنسان. تقول في قصيدتها «ومضات»: ما بال كحل عيني… يتوضأ بملح دمعي… وينثره على مائدة الفجر تعاويذ تتضرع… رافعة راياتها… لغد لا يحمل دمعاً». فإلى قصيدة عن الوطن، مستخدمة أسمى المعاني وأرق الكلمات، بدءاً بـ«الروح المبعثرة فوق تلال الوطن وروابيه»، قارئة نصاً شعرياً مفعماً بالشوق والوجدان ومتسامياً إلى حب الوطن الذي لا يعادله حب. تقول في ومضة «أيها الوطن»: «عارية أنا إلا منك… كف عن بعثرة روحي فوق روابيك أحتاج حضنك أيها الوطن».
كما اعتمدت عبد الباقي في قصيدتها «أحلام بيضاء» أسلوب الشطرين الذي أبحرت فيه بتفعيلات البسيط منتقية الألفاظ الطالعة من أعماقها ومعبّرة عن مكوناتها النفسية وبنيتها الثقافية الأصيلة التي جمعت خلالها بين التراث والمعاصرة. تقول: «بالأمس هامت صقور الحب صادية… بالحب سكرى وبالأشواق تكتحل واليوم تغفو على أوتار ساقيتي… وتترك الموج دمعا فيك يغتسل».
الشاعر أوس غريب اعتمد الرمزية الدالة ولم يهمل الموسيقى، كما استغرق في الحداثة إلى حدّ الضبابية أحياناً، في حين ظل محافظا على مستوى التعبير الفني وعلى النص الدرامي. يقول في قصيدته «ريشة الحب»: «مثلما تأخذ الريح…عطر الزهور يأخذني الحلم… أمشي على وقع نفسي… أنا كائن الأنجم المسرجات… والقمر الملتهي بعناق الغيوم… أعدد ما في الطريق من الورد… والنقر تائقات لري العصافير».
في دلالاته الرمزية يدعو غريب الإنسان إلى البحث عن ذاته وقول ما يختلج في نفسه من دون أن يرهقه الصمت الذي يحتاج دوماً إلى كسر، فالأشياء لا تأخذ أماكنها إلا بالمبادرة وحركة الإنسان وتحوّلاته الاجتماعية، يقول في «الصمت»: لا شيء يصدر… كلما أصغيت أكثر… زاد صمت الوقت أكثر… تتلقف الأشياء أسماء… فتخرج عن مواقعها وتدخل في الكلام».
أما الشاعرة رينيت محمد فذهبت إلى موضوعها العاطفي بنزعة ذاتية تعبر عن حالة إنسانية قوامها العاطفة والحب، ما جعلها تفكر في تدوين هذه الحالات الخلابة في النفس والمغرية للشعور، محاولة أن تحط على شجرة الشعر عبر قصيدة الشطرين. تقول في «سفير الأمل»: «يا من أشعرتني بأن للحياة معنى مختلفاً… وأيقظت فيني الأنثى… من خلال نظراتك جعلتني أعيش أجمل قصة حب… فلا تسرق نفسك مني… ولا تسدل خيوط السواد على وسامتك».