لماذا الآن… لبنان من جديد في دائرة التصعيد السعودي؟
} هشام الهبيشان
إنّ المتابع للضجة بعض الخليجية المفتعلة مع لبنان حول تصريحات وزير الإعلام اللبناني بما يخص العدوان والحرب على اليمن، وحالة التصعيد المفتعلة مع حزب الله من بعض قوى الداخل اللبناني، لا يمكن أن ينكر حقيقة أنّ حزب الله ساهم وبدور هامّ، في إسقاط معظم أهداف مشروع كبير كان يستهدف سورية والمنطقة بمجموعها، وبذلك وجد الحزب نفسه من جديد ضمن معادلة مركبة الأهداف والعناوين، فهو اليوم مستهدف داخلياً وخارجياً.
ومن الواضح أنّ هناك بعض القوى اللبنانية تتماهى مواقفها مع مواقف السعودية ثم مع مواقف «إسرائيل» سعياً لوضع حزب الله بين فكي كماشة داخلياً وخارجياً، وبدعم من بعض القوى الدولية، كأداة ضغط على حزب الله وقوى المقاومة لجلبها إلى ميزان التسويات في المنطقة. وعليه، من الطبيعي أن نجد حزب الله يتعرّض إلى هجمة سياسية وإعلامية شرسة، وما يتبعها من التحريض عليه شعبياً في شكل غير مسبوق، من قوى 14 آذار، واتهامه بأنّه يريد جرّ لبنان إلى دائرة النار الإقليمية، محمّلين إياه مسؤولية ما يجري وسيجري نتيجة وتأثيرات وقف الدعم وقطع العلاقات بعض الخليجية مع لبنان.
يعرف حزب الله، بدوره، مسار هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدفه داخلياً وإقليمياً ودولياً، فالحزب يعي اليوم وأكثر من أيّ وقت مضى أنّ لبنان أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات من اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهابية، فالمناخ العام للقوى المعادية له بدأ يشير بوضوح إلى أنّ حزب الله بات هدفاً لهذه القوى، ولكن كلّ هذا وذاك لا يعني بالمطلق أنّ حزب الله سيتأثر بحالة التصعيد هذه، فالحزب له تجارب عديدة للتعامل مع مثل هكذا تصعيد مفتعل، فالحزب تجاوز في حالات سابقة ملفات أكثر صعوبة واستطاع بحكمته وصبره الاستراتيجي تجيير هذه الملفات لصالحه.
مما لا شكّ فيه أنّ حزب الله كان يدرك حجم الحرب التي سوف تنهال عليه من كلّ حدب وصوب عندما اتخذ قراره بالتصدّي لأجندة المشروع الصهيو أميركي وأدواته في المنطقة، فالقرار البعض خليجي الأخير بقطع العلاقات مع لبنان والهدف هو رأس حزب الله، لن يكون القرار الأول ولا الأخير الذي يستهدف الحزب لا داخلياً ولا خارجياً. فللحزب حساباته السياسية والجغرافية والأمنية والأخلاقية التي يؤمن بها ويراها أكبر من كلّ الانتقادات التي وجهت إليه أو الحروب على تعدّد أشكالها التي تستهدفه، لأنّ الحزب استشعر، كغيره، حجم الخطورة الذي ستفرزه الأيام المقبلة على كلّ المنطقة، في حال نجح المشروع الصهيو أميركي بتنفيذ أجندته في المنطقة.
وتزامناً مع القرار البعض خليجي، بات واضحاً ومن دون أدنى شك أنّ هناك قوى داخلية في لبنان وخارجه تسعى إلى ضرب حزب الله، بمساعدة إقليمية ـ دولية، في محاولة للوصول إلى قرار إقليمي ـ دولي يسعى إلى ضرب منظومة الحزب واستغلال الوضع اللبناني الداخلي وما يحمله من أزمات متراكمة وملفات معقدة، وفي الوقت نفسه سهلة الحلّ، إنْ وجد قرار وطني لبناني حرّ، ولكن لكثرة وتعدّد المرجعيات الإقليمية والدولية نرى اليوم هذه الملفات تتحوّل تدريجياً إلى أزمات قد تعصف بالدولة اللبنانية في أيّ وقت، وفي الاتجاه نفسه تدّعي هذه القوى الداخلية اللبنانية والخارجية إقليمياً ودولياً أنّ مشاركة الحزب ومواقفه السياسية بمجمل قضايا المنطقة هي سبب عدم استقرار الوضع الداخلي اللبناني، ولهذا يسعى البعض اليوم لإلصاق قضية قطع العلاقات بعض الخليجية مع لبنان بحزب الله.
ختاماً، لا يمكن إنكار أنّ قرار بعض دول الخليج العربي قطع العلاقات مع لبنان ووقف دعمه، ستكون له تداعيات كبرى على لبنان وعلى عموم ملفات المنطقة بمجموعها وخصوصاً على ملفات الداخل اللبناني. وفي المحصلة، يمكن القول إنّ المرحلة صعبة ومعقدة وخصوصاً في ظلّ حالة التخبّط التي تعيشها السياسة السعودية في المنطقة، وما وراء الكواليس هناك تكهّنات بل يمكن القول إنها تأكيدات حول تطورات دراماتيكية سيعيشها لبنان والمنطقة بمجموعها، كجزء من حالة الاستقطاب في المنطقة والتي ستتأثر إلى حدّ ما بمسار حسم ملفات سورية وليبيا واليمن والعراق، والأهمّ الاتفاق النووي الإيراني.