تحدّيات تواجه سلامة الغذاء
نظام مارديني
دائماً ما يحدث خلط بين عبارتي سلامة الأغذية وجودة الأغذية. فالمقصود بسلامة الأغذية، الإشارة إلى جميع مصادر الأخطار التي قد تكون مزمنة أو حادة والتي قد تجعل الأغذية مضرّة بصحة المستهلكين. وسلامة الأغذية أمر لا يقبل التفاوض في شأنه. وأما جودة الأغذية فتعني جميع الصفات الأخرى التي تؤثر في تقييم المستهلكين للمنتجات، ومن هذه الصفات صفات سلبية مثل التلف، أو التلوث بأي أوساخ، أو تغير اللون، أو وجود رائحة، كما تشمل صفات إيجابية مثل المنشأ، واللون، والطعم، والرائحة، والنسجة، وطريقة التجهيز.
وفي معظم البلدان تقع المسؤولية عن الرقابة على الأغذية على عدة وكالات أو وزارات. وقد تكون أدوار هذه الوكالات ومسؤوليتها مختلفة تمام الاختلاف، وقد يكون هناك ازدواج كثير في نشاط التنظيم وقد يكون هناك تشتت في الرقابة وفي التنسيق. كما قد تكون هناك تباينات كبيرة في الخبرة وفي الموارد بين مختلف الوكالات، وربما تتعارض مسؤولية حماية الصحة العامة مع التزامات تيسير التجارة أو تطوير إحدى الصناعات أو أحد القطاعات.
ومن التحديات التي تواجه سلطات الرقابة، بحسب «منظمة الأغذية» و«الصحة العالمية»:
1 – زيادة عبء الأمراض التي تنقلها الأغذية ومصادر الأخطار الجديدة والناشئة المنقولة بواسطة الأغذية.
2 – سرعة تغيّر تقانات إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها.
3 – وضع نُظم للرقابة الغذائية تكون مستندة إلى العلم وتُركّز على حماية المستهلكين.
4 – التجارة العالمية في الأغذية وضرورة تنسيق مواصفات سلامة الأغذية وجودتها.
5 – تغير أنماط العيش، بما في ذلك سرعة توسع المدن.
6 – تزايد وعي المستهلكين بقضايا سلامة الأغذية وجودتها وتزايد الطلب على المعلومات الجيدة.
وبهذا التوجه لـ «منظمة الأغذية» و«الصحة العالمية»، تصبح النُظم الفعالة للرقابة على الأغذية في مختلف البلدان أمراً ضرورياً لحماية صحّة المستهلكين المحليين وضمان سلامتهم. وهذه النُظم أيضاً حاسمة في تمكين البلدان من ضمان سلامة وجودة الأغذية التي تدخل التجارة الدولية وضمان اتفاق الأغذية المستوردة مع الاشتراطات الوطنية. وتفرض بيئة تجارة المنتجات الغذائية العالمية في الوقت الحاضر التزامات كبيرة على كلّ من البلدان المستوردة والمصدِّرة لكي تُعزز نُظم الرقابة على الأغذية لديها، ولكي تُطبق وتُنفذ استراتيجيات للرقابة على الأغذية، استناداً إلى تقييم الأخطار، وخصوصاً بعدما أصبح المستهلكون يهتمون اهتماماً غير مسبوق بطريقة إنتاج الأغذية وتجهيزها وتسويقها، وتتزايد مطالباتهم بأن تتحمل الحكومات مسؤولية أكبر لحماية المستهلك وضمان سلامة الأغذية.
وتهتم منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية اهتماماً كبيراً بتعزيز النُظم الوطنية للرقابة على الأغذية التي تستند إلى المبادئ والخطوط التوجيهية العلمية، والتي تتناول جميع قطاعات السلسلة الغذائية، ولهذا أهمية خاصة في البلدان النامية في سعيها إلى تحسين سلامة الأغذية وجودتها ورفع مستوى التغذية، لكنّ هذا الأمر يتطلب مستوى عالياً من الالتزام السياسي.
ويمكن أن تكون الرقابة على الأغذية ضعيفة، في كثير من البلدان، بسبب كثرة التشريعات وتعدّد جهات الاختصاص وبسبب نقاط الضعف في الرقابة والرصد والإنفاذ. وتسعى الخطوط التوجيهية التالية إلى تقديم المشورة للسلطات الوطنية في شأن استراتيجيات تقوية نُظم الرقابة على الأغذية، بما يضمن حماية الصحة العامة ويمنع الغشّ والتحايل، ويتجنب تلويث الأغذية، ويساعد على تسهيل التجارة. ومن شأن هذه الخطوط التوجيهية أن تساعد السلطات على اختيار أنسب الخيارات في نُظم الرقابة على الأغذية، من حيث التشريع والبنية الأساسية وآليات الإنفاذ. وتوضح الوثيقة المبادئ الواسعة التي تحكم نُظم الرقابة على الأغذية، وتقدم أمثلة على البنية الأساسية والأساليب التي يمكن أن تسير عليها النُظم الوطنية. وتستهدف هذه الخطوط التوجيهية السلطات الوطنية المعنية بضمان سلامة الأغذية وجودتها من أجل مصلحة المستهلكين والصحة العامة. كما أنّ هذه الخطوط التوجيهية ستساعد كثيراً من أصحاب المصلحة ومنهم مجموعات المستهلكين، ومنظمات الصناعة والتجارة، ومجموعات المزارعين وأي مجموعات أو رابطات أخرى تؤثر في السياسة الوطنية في هذا المجال.