لا نتائج إيجابية قريبة مع صندوق النقد والبدائل جاهزة…
} أحمد بهجة*
لم يحصل أيّ تقدّم حتى الآن في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والمعلومات المتداولة في هذا الشأن تؤكد أن لا نتائج تُذكر قبل نهاية العام الحالي، والأرجح أنّ المعنيّين بالأمر سيكون لسان حالهم مطلع العام المقبل أنه لا بدّ من انتظار انتهاء الانتخابات النيابية المرجح حصولها بين آذار وأيار 2022، وبعد الانتخابات لا بدّ من انتظار تشكيل حكومة جديدة… بما يعني أنّ علينا نسيان موضوع صندوق النقد الدولي وقروضه المرتقبة، على الأقلّ إلى ما بعد سنة من الآن.
وعليه… هل يستطيع لبنان بأوضاعه السيئة المعروفة حالياً والتي قد تزداد سوءاً أن ينتظر ويتحمّل هذه الأوضاع ريثما تحقق المفاوضات مع الصندوق النتائج المرجوّة، علماً أنّ الصندوق سيعطينا قروضاً وليس مساعدات، هذا إذا لم تأتِ الموانع والشروط السياسية لتجهض النتائج التقنية التي من الممكن أن يتمّ التوصّل إليها؟
إذن… لا بدّ من التفكير بنمط مختلف، واتخاذ القرار الحاسم ببدء إجراءات عاجلة وسريعة تداوي جروح الحاضر، وتؤسّس للعلاج الشافي على المديين المتوسط والبعيد.
وهناك ما يمكن فعله على الفور في ما يتعلق بقضايا الناس الاقتصادية والاجتماعية والمالية الضاغطة، ولا شكّ أنّ هذه الأمور تحتاج إلى حكومة فاعلة، ولذلك على الحكومة أن تحزم أمرها وتبادر إلى حلّ القضايا التي تعيق عملها بما يناسب مصلحة لبنان، وطبعاً مصلحة لبنان هي في عدم السماح لأيّ خارج كان بالتدخل في شؤوننا اللبنانية، سواء في ما يتعلق بسياستنا الخارجية أو في عمل الإدارة أو القضاء أو غير ذلك.
من هنا، فإنّ أوّل ما تقتضي المصلحة اللبنانية فعله هو منع أيّ كان من مجرد التفكير بالتآمر المباشر أو غير المباشر ضدّ المقاومة وناسها وجمهورها ومؤيّديها في كلّ لبنان، وليفهم القاصي والداني أنّ من دفع الدماء الغالية وقدّم التضحيات الكبيرة لدحر العدوّين الإرهابيّين الصهيوني والتكفيري، وحماية لبنان من كلّ تهديد، لن يعجز عن إيجاد الوسائل الكفيلة بأن تتوفر ليس فقط مقوّمات الصمود لجمهوره وناسه، بل مقّومات النهوض الاقتصادي والمالي للمجتمع اللبناني بأسره.
وإذا كانت الضغوط الخارجية تأخذ من الاقتصاد مطيّة لتحقيق أهداف سياسية، فإنّ حماية لبنان تقتضي اعتماد الخيارات البديلة المتاحة وهي كثيرة جداً… أولها منع استمرار سياسة الاستنزاف التي يعتمدها حاكم مصرف لبنان (ما غيره)، ووضع حدّ لأيّ تفريط بالعملات الصعبة الموجودة، وذلك من خلال اعتماد ما أسميناه في مقال سابق «الحلّ الإبداعي» باستيراد المحروقات من إيران وتسديد ثمنها بالليرة اللبنانية، وهو عرض لا يزال قائماً، ويحتاج تنفيذه إلى قرار حكومي جريء، خاصة أنّ وصول عدد من السفن المحمّلة بالمازوت الإيراني إلى لبنان عبر سورية أعطى الدليل الحسّي على أنّ لبنان قادر على استيراد ما يشاء من دون أن يخضع لأيّ حصار أو عقوبات من هنا وهناك.
والحلول نفسها متوفرة على صعيد الكهرباء والبيئة والطرقات والأنفاق ومصافي النفط بالتعاون مع سورية والعراق وإيران وروسيا والصين…
ويبدو من خلال معلومات متقاطعة أنّ ظروف اتخاذ مثل هذه القرارات قد نضجت خاصة أنّ استمرار الحال بات من المُحال، وها هي الحركة الكثيفة لكلّ من وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض ووزير الأشغال العامة والنقل الدكتور علي حمية ووزير العمل الدكتور مصطفى بيرم بدأت تؤشر إلى الإمكانيات الكبيرة التي يمكن للبنان الاستفادة منها في أكثر من قطاع، وبالتالي توفير الأمان والطمأنينة للمواطنين، خاصة أننا على أبواب الشتاء حيث تزداد الحاجات والمتطلبات التي لا بدّ من العمل الحثيث لتلبيتها…