الجامعة العربية وتسويق الأمن الإسرائيلي: انسحاب حزب الله من سورية ينهي الأزمة
ناصر قنديل
– لم تعد استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي موضوعاً في التصعيد السعودي على لبنان، بمقدار ما هي مطلوبة لإثبات اليد السعودية العليا في لي الذراع اللبنانية، بقبول التنازل عن شأن سيادي طلباً للرضا، ضمن معادلة ترويض وتطويع لبنان لتقبل البحث في طلبات تنتمي إلى حزمة التدخلات في شؤون لبنانية، ومثل استقالة الوزير قرداحي قضية الموقف من حرب اليمن، فالخارجية اللبنانية سابقاً وحالياً لا تنسى مناسبة إلا وتستنكر فيها أي عملية تطال العمق السعودي وتعلن التضامن من خلالها مع السعودية، وعندما تطلب السعودية موقفاً ببيان مخصص للحرب في اليمن يجاهر بالانضباط اللبناني مع الموقف السعودي فهي تفعل ذلك من باب الإذلال لا من باب وهم تأثير هذا الموقف على الحرب، ويبقى الهدف هو تثمير هذا الاستضعاف لوضع القضية الرئيسية على الطاولة، وهذا ما جاء يمهد له معاون الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي، فما هي الوجبة الرئيسية لمائدة الجامعة إذا قبل لبنان تناول المقبلات؟
– عندما صدر كلام وزير الخارجية السعودية كانت القضية المركزية فيه ما يتصل بحزب الله، وخلافاً لما يعتقده كثيرون، وعلى رغم أهمية حرب اليمن بالنسبة للسعودية، فإن الرياض تعلم أن لا وجود عسكرياً لحزب الله في اليمن، يمكن للمطالبة بسحبه أن تؤثر في مجرى المعركة، أما حديث تهريب المخدرات، فقد أجاب عليه بمسؤولية وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، بقوله إن هناك مصدراً ومستورداً والتعاون في تتبعهما بين الأجهزة الأمنية وحده يفكك شبكات التهريب، وهذا التعاون الذي يطلبه لبنان دائماً ولا يجد أذناً سعودية صاغية، والتصعيد السعودي المفتعل لربط النزاع ووضع العلاقة السعودية- اللبنانية بكل مفرداتها على الطاولة، لتصبح واحدة من مفردات مشاكل المنطقة، التي تستدعي معالجتها عند أي انعقاد لطاولات التفاوض، والهدف الذي يجب وضعه للتصعيد يجب أن يحقق جملة شروط فما هي؟
– الهدف السعودي يجب أن يتصل بحزب الله لأنه عدو مشترك مع الأميركي والإسرائيلي وبعض الأوروبي، ومقايضة ما يعتقده اللبنانيون حاجة حيوية للعلاقة مع السعودية بثمن يسدده حزب الله، يجب أن يشكل الشرط الأول في رسم الهدف، والشرط الثاني هو أن لا يخرق هذا الهدف السقف الأميركي لإدارة الأزمة اللبنانية، ومن ضمنها بقاء الحكومة، وضبط جرعات التصعيد بما لا يؤدي لانهيارات مالية لبنانية تخرج الوضع عن السيطرة وتفتح الباب لخطوات تشبه سفن كسر الحصار من جانب حزب الله، وما نتج منها من تموضع أميركي جديد عبرت عنه عملية استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية وتجاوز العقوبات عليها، أما الشرط الثالث فهو أن يكون الهدف جزءاً من جدول الأعمال الأميركي لخريطة الأمن الإقليمي لمرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي، والشرط الرابع أن يكون الهدف قابلاً للتسويق لبنانياً بما يسهم بخلق حراك سياسي وشعبي يلاقي السعي لتحقيق هذا الهدف، من شرائح لا تتموضع عند العداء لحزب الله، وتربك تحالفاته خصوصاً مع التيار الوطني الحر، كما فعل التحقيق العدلي الذي يقوده القاضي طارق بيطار.
– زيارة نائب الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي إلى بيروت، بنت رأس جسر للمهمة، وهو التبشير بأن استقالة الوزير قرداحي مجرد مقبلات، أما الوجبة فهي عودة حزب الله إلى داخل الحدود، مقابل التسليم بأن على الحوار اللبناني الانتهاء من وضع استراتيجية دفاعية تنظر بمستقبل سلاحه، وحيث أن لا وجود عسكرياً لحزب الله خارج لبنان إلا في سورية، وحيث أن إنهاء هذا الوجود كان عنوان العرض الذي قدمه المبعوث الأميركي إلى سورية جيمس جيفري كمقابل للانسحاب الأميركي تحت عنوان العودة إلى ما قبل العام 2011، وحيث أن «اسرائيل» تقول إن كل غاراتها على سورية تستهدف هذا الوجود لأنها تراه التهديد الأبرز لأمنها، خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي من المنطقة، لتصير المعادلة يخرج حزب الله من سورية وتعود السعودية إلى لبنان، وتنعم «إسرئيل» بالأمن، لكن حزب الله يقول تحدثوا مع سورية فنحن نبقى ما دامت الدولة السورية تطلب بقاءنا، ونعود عندما تنتفي حاجة الدولة السورية لوجودنا، وعندما عرض الأميركيون مقايضتهم ونقلتها موسكو كان الجواب السلبي سورياً، وسورية تقول إن من حقها تعزيز عناصر قوتها بوجه إسرائيل ما دام الجولان محتلاً ويخضع لقرار الضم الإسرائيلي، وما دامت أميركا لم تتراجع عن تبني قرار الضم الإسرائيلي، وما دامت استعادة الجولان غائبة عن كل المبادرات الدولية حول سورية والمنطقة.