فراغ بعبدا: أربعاء بلا نصاب… اجتماع السبعة ولكلّ مرشح جلسة؟ الإعلام ينتفض على المحكمة والنقابات إلى إضراب وتظاهر

كتب المحرر السياسي

بعد فشل جنيف الخاص بالأزمة السورية في وضع أيّ أسس لحوار وطني، كان السؤال عن مبرّر الاندفاعة الغربية والعربية نحوه في ظلّ اليقين بأنّ السقوف العالية التي رسمتها خطابات ومواقف المشاركين لا يمكن أن تفتح الطريق إلى الحلول الوسط، وبقي السؤال بلا جواب.

جاءت الحملة المنسّقة والشرسة على الاستحقاق الرئاسي في سورية لتكشف أسرار جنيف المخصص أصلاً لهدف واحد هو وضعه في وجه الاستحقاق الرئاسي، وصولاً إلى معادلة تخيير الدولة السورية بين جنيف والرئاسة، والرهان على نجاح الضغوط من بوابة جنيف لخطف الرئاسة.

لأنّ الذين كانوا يقولون في الداخل والخارج قبل ثلاث سنوات إنّ الانتخابات الرئاسية هي مدخل الحلّ، وإنّ انتظار ثلاث سنوات ليحين موعدها مستحيل فيطالبون بتنحي الرئيس تمهيداً لانتخابات مبكرة، ويرفضون كلّ دعوة لحوار سياسي ينتج حكومة موحدة ترعى صياغة دستور جديد وانتخابات نيابية جديدة، لوصول هادئ نحو انتخابات رئاسية تنافسية، هم أنفسهم الذي يقولون اليوم إنّ الحوار نحو حلّ سياسي يجب أن يبقى أولوية، وأنّ الانتخابات الرئاسية قريبة جداً فيجب تفادي إجرائها لأنها تفسد العملية السياسية، لم تحتج الدولة السورية إلى وقت أو جهد أو عناء لتكتشف أنّ عليها المضي في إرساء الوقائع من دون الالتفات إلى ما يقال، فالدولة التي يتحدثون عن عدم قدرتها على توفير ظروف إجراء انتخابات هي الدولة التي وقّعوا معها اتفاقية السلاح الكيماوي، ونجحت بإنجاز موجباتها الأشدّ تعقيداً والأقلّ شعبية من إنجاز الانتخابات، والذين يتذرّعون بالظروف الأمنية لسورية كانوا لا يعترفون بهذه الظروف عائقاً لعرقلة بعض التنفيذ، وهم يشيدون بانتخابات مشابهة تجري في بلدان أشدّ تعقيداً من سورية على الصعيد الأمني كأفغانستان والعراق.

مع تقدم الرئيس السوري بشار الأسد بطلب الترشح أمس دخلت الانتخابات الرئاسية مرحلة جديدة، يمكن تسميتها بالحسم الدستوري المواكب لحسم عسكري تتبلور مقدماته على جبهات حلب وكسب والغوطة وحمص في وقت واحد.

الحسم على جبهة الراموسة التي تربط مطار حلب بأحياء المدينة وصولاً إلى حي صلاح الدين يفتح الطريق مجدداً لتأمين الإمدادات نحو حلب المدينة، ويواكب استرداد الجيش السوري لبلدة السمرا البحرية في منطقة كسب، والتقدم نحو ما تبقى من أحياء حمص في ظلّ مفاوضات متصلة لتسليم المزيد من المجموعات المسلحة لسلاحها وتسوية أوضاعها، بينما التقدم على جبهتي المليحة وجوبر نوعي ويمهّد لإنجازات قريبة في ما تبقى من الغوطتين.

مقابل الوضوح السوري ضباب لبناني، فالضباب المحيط بمستقبل الرئاسة مستمرّ على رغم وضوح اللانصاب الذي ينتظر جلسة الأربعاء المخصصة للانتخابات الرئاسية، والنواب الذين سيحضرون والذين سيغيبون يشتركون في عدم القدرة على معرفة متى ومن سيكون الرئيس المقبل.

اقتراح لم يتبنّه أيّ من الكتل أو المراجع يجري تداوله بين المعنيين، يقوم على التحضير لاجتماع سبعة رؤساء كتل هم: الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون والنواب: محمد رعد وفؤاد السنيورة ووليد جنبلاط وجورج عدوان وسامي الجميّل، لبدء نقاش حول الاستحقاق الرئاسي يخرج بجواب على سؤال افتراضي، عن انسحاب مرشحين ثبت أنهم لن ينجحوا بتأمين النصاب أو إحداث اختراق بتوفير النصف زائداً واحداً للفوز إذا تأمّن النصاب، والمقصود حالة الدكتور سمير جعجع بالتحديد، وبالتالي التمهيد لفرصة أمام كلّ من الرئيس أمين الجميّل والعماد ميشال عون بالتتابع في جلستين تستعدّ لهما الكتل، على قاعدة ما بعد انسحاب جعجع منح كلّ مرشح افتراضي جلسة بالتسلسل، وصولاً إلى انتخاب الرئيس العتيد الذي يفترض أن يكون حظه قد اقترن بناء على هذا السيناريو، بتحريض الخارج المعنيّ على التحرك بسرعة أعلى وكشف أوراقه أمام المعنيين، للدخول على خط ترتيب تسلسل أسماء المرشحين والفرص الممنوحة لهم في الجلسات الانتخابية.

لم يؤكد ولم ينفِ أحد صحة هذا الاقتراح على رغم وجوده في التداول، ووفقاً له تكون آخر جولة لجعجع يوم غد الأربعاء، تليها جولة الجميّل في الأربعاء الذي يلي وجولة عون في الذي يليه ويبدأ بعدها التسلسل بأسماء المرشحين الوسطيين.

ضباب آخر خيّم على لبنان واللبنانيين أمام الحرب المفتوحة بين الإعلام اللبناني والمحكمة الخاصة بلبنان في قضية الرئيس رفيق الحريري، ومصدر الضباب وجود موقف حكومي عبّر عنه وزير الإعلام يدعو إلى المثول أمام المحكمة وارتضاء خرقها للسيادة اللبنانية، فيما يستعدّ الإعلاميون اللبنانيون لتحرك تصعيدي دفاعاً عن الحرية، وتتهرّب الحكومة من مسؤولياتها في الدفاع عن السيادة المطلقة للقضاء على القضايا الواقعة خارج نطاق اختصاص المحكمة المحدّدة بكشف الحقيقة، ومحاكمة المتهمين بقتل الرئيس رفيق الحريري حصراً وضمن النطاق الأضيق لمفهوم الصلاحية لأي محكمة استثنائية.

الضباب يطاول كذلك مستقبل سلسلة الرتب والرواتب التي يقترب موعد انتهاء مهلة اللجنة المكلفة إعداد التقرير النهائي حولها، من دون أن يبدو في الأفق طريق واضح لحلحلة عقدها وتركها في مهبّ رياح التأجيل، ما استدعى حرارة نقابية يبدو أنها سترتفع تباعاً في ضوء ما صدر من دعوات إلى التظاهر والإضراب.

أوسع حشد وطني إعلامي تضامناً مع الحريات و«الأخبار» و«الجديد»

في ظلّ هذه الأجواء انهمكت الساحة الداخلية بسلسلة ملفات ساخنة من الاتصالات عشية الجلسة النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية، إلى الحشد الوطني والإعلامي الذي تلاقى في نقابة الصحافة أمس تضامناً مع الحريات الإعلامية المتمثل بالتضامن مع «الجديد» و«الأخبار»، في مواجهة القرار التعسّفي للمحكمة الدولية الذي يريد ترهيب الإعلام وإخضاعه، وصولاً إلى الحَراك المطلبي والمعيشي الذي بدأ أمس بتحرك اتحادات السائقين العموميين، ويتوّج بالإضراب العام والتظاهرات التي دعت إليها هيئة التنسيق النقابية اليوم والإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام يوم غد.

بداية من نقابة الصحافة التي ضاقت قاعتها وأروقتها بالحشد الوطني والسياسي الذي حضر متضامناً مع حرية الإعلام، والحق في نشر المعلومات عن المحكمة الدولية التي من شأنها فضح ما يُحاك من تسييس لعملها واستخدامها في البازار السياسي الداخلي والخارجي.

وفي ما لوحظ غياب أي حضور سياسي أو إعلامي من فريق 14 آذار كانت لافتة دعوة وزير الإعلام رمزي جريج في رسالة توجّه بها إلى اللقاء التضامني كلّ من رئيس مجلس إدارة جريدة «الأخبار» ابراهيم الأمين ونائبة رئيس مجلس الإدارة في قناة «الجديد» كرمى خياط بصوابية مثولهما أمام المحكمة الدولية في 13 الشهر المقبل، لكن في الاجتماع الذي عقد عصر أمس بين الوزير جريج ووفَد من اللقاء التضامني دعا وزير الإعلام إلى الدفاع عن الحريات الإعلامية من ضمن آلية المحكمة الدولية!

وقد ألقيت كلمات في اللقاء التضامني أكدت على قدسية حرية الإعلام، وأنّ دعوى المحكمة ضدّ «الجديد» و«الأخبار» تمثل اعتداء على الدستور اللبناني الذي يصون الحريات، وهي اعتداء على السيادة الوطنية والحريات الإعلامية، وكانت مطالبات للحكومة ومجلس النواب بإصدار تشريعات تُلزم المحكمة الدولية احترام الحرية في لبنان، كما دُعي الإعلام للإضراب في 13 الشهر المقبل تضامناً مع «الأخبار» و«الجديد».

كذلك عقد لقاء تضامني في عكار حضره حشد سياسي وإعلامي وديني وسياسي رفض تعسّف المحكمة الدولية وأكد التضامن معهما.

حَراك مطلبي ومعيشي شامل

في السياق المطلبي والحياتي، انطلقت جملة تحركات نقابية اعتباراً من يوم أمس وتستمرّ اليوم وغداً احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية، وتلكؤ الحكومة ومجلس النواب في معالجة الأزمات المتفاقمة التي تعاني منها أكثرية الشعب اللبناني.

إضراب وتظاهرة لهيئة التنسيق اليوم

ففيما نفذت اتحادات النقل البري إضراباً أمس مع تظاهرة سيارة من الكولا والدورة إلى رياض الصلح احتجاجاً على عدم التزام الحكومات السابقة بتعهّداتها دعم جعالة البنزين ورفضاً لعمل آلاف السيارات غير الشرعية، تنفذ هيئة التنسيق النقابية إضراباً عاماً اليوم في القطاع التربوي الرسمي والخاص وفي الإدارات العامة، واحتجاجاً على مماطلة بعض الكتل النيابية خصوصاً كتلة «المستقبل» في إقرار سلسلة الرتب والرواتب وسعيها إلى فرض ضريبة تطاول الفئات الفقيرة وتخفيض أرقام السلسلة.

وأكدت هيئة التنسيق بعد اجتماعها عصر أمس رفضها لأي تمويل للسلسلة على حساب الفقراء أو على حساب الحقوق الموظفين والمعلمين والأساتذة والمتقاعدين.

وقالت: «إنّ السياسيين يريدون ضرب الحقوق المكتسبة». وقد حذّر نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض من الانفجار الاجتماعي ما لم يتمّ إقرار السلسلة وفق ما كان جرى الاتفاق عليها سابقاً.

وأمس عقدت اللجنة النيابية التي كانت شكلتها الجلسة النيابية العامة قبل نحو أسبوعين اجتماعاً بغياب النائبين علي فياض وياسين جابر، وأوضح عضو اللجنة النائب جورج عدوان بعد الاجتماع أنه سيتمّ قريباً رفع التقرير إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الوقت المحدد، ورأى أنّ ما يسرّب عن مداولات اللجنة غير صحيح، علماً أنّ بعض التسريبات أشارت إلى أنّ اللجنة خفضت أرقام السلسلة واقترحت رفع ضريبة القيمة المضافة على كلّ المواطنين.

… وإضراب تحذيري للاتحاد العمالي غداً

في السياق ذاته، دعا الاتحاد العمالي العام إلى تنفيذ الإضراب التحذيري يوم غد الأربعاء مع إقامة اعتصام مركزي في ساحة رياض الصلح، وحذر الاتحاد من لجوء الحكومة ومجلس النواب إلى فرض ضرائب ورسوم غير مباشرة، خصوصاً زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وقال: «إن محاولات بعض الكتل التسلل إلى جيوب العمال والأجراء والموظفين بحجة تمويل سلسلة الرتب والرواتب هو تهرّب من فرض الضرائب التصاعدية على أصحاب الأنشطة الريعية والمتهرّبين من دفع الضرائب وفرض الرسوم على ممثلي الأملاك البحرية والنهرية».

لا نصابَ في جلسة الانتخاب غداً

أما في شأن الاستحقاق الرئاسي، فعشية الجلسة النيابية الثانية المقررة ظهر غد لا تزال الأمور تراوح مكانها، على رغم الاتصالات التي يقوم بها الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط وكذلك الاتصالات غير المباشرة بين العماد ميشال عون ورئيس حزب «المستقبل» سعد الحريري.

وفيما تشير كلّ المعطيات إلى أن لا نصابَ في جلسة الغد، عاود رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع إصراره على الدفع باتجاه الفراغ في رئاسة الجمهورية، خصوصاً إذا واصلت كتلة «المستقبل» «مراعاة خاطره» من خلال التصويت لمصلحة ترشحه وهو ما ينتظر أن تعلن عنه الكتلة بعد اجتماعها اليوم.

كذلك بات من المؤكد أنّ الغد لن يحمل جديداً على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية بسبب عدم اكتمال صورة الاستحقاق الرئاسي، على رغم التحرك والاتصالات المكثفة التي تجرى على غير صعيد، وبحسب الأجواء فإنّ النصاب لن يكون متوافراً في الجلسة المقرّرة غداً، ما يعني أنّ الرئيس بري سيعيّن موعداً جديداً بانتظار المزيد من المداولات والمشاورات، عله يُصار إلى تنضيج الطبخة الرئاسية في الجلسة المقبلة، مع العلم أنّ المفاوضات بين التيار الوطني الحر وتيار «المستقبل» ستتضح نتائجها في غضون الأيام المقبلة.

لا نضوج للطبخة الرئاسية قبل أسبوعين

ووفق مصادر مطلعة لـ»البناء» فإنّ الحركة الناشطة ستتركز على محورين، الأول يتعلق بإيجاد المناخ الذي يمكن أن يؤدي إلى تحسين فرصة انتخاب العماد ميشال عون، والثاني سيكون بعد هذا الخيار منصبّاً على التوافق على شخصية وفاقية جامعة، مع العلم أنّ الأسماء المطروحة لا تزال هي نفسها غير أنّ الحسم لم يأتِ بعد.

تشير المعلومات إلى أنّ المناخ الإقليمي والدولي لم يرشح عنه أي جديد يوحي بقرب موعد الحسم وإن كان هناك سعي حثيث وواضح للمجيء برئيس جديد قبل 25 أيار المقبل.

وتضيف المعلومات أنّ الرئيس بري في صدد القيام بخطوات مهمة على هذا الصعيد الأسبوع المقبل، لكنه فضّل عدم الكشف عنها أمام زواره أمس الذين خرجوا بانطباع بأنّ الأسبوعين المقبلين سيكونان حاسمين لجهة تحديد ورسم معالم الاستحقاق الرئاسي.

وبحسب المعلومات فإنّ اجتماعاً مرجحاً أن يُعقد اليوم في جدّة بين سعد الحريري والوزير جبران باسيل حيث يوجد هناك أيضاً الوزير وائل أبو فاعور.

وكان جعجع أعلن في مؤتمر صحافي أمس عن إصراره على الاستمرار في الترشح، وادعى أنّ الورقة البيضاء كانت نتيجتها تعطيل جلسة انتخاب الرئيس في الدورتين الأولى والثانية وزعم أنّ تعطيل النصاب غير ديمقراطي وغير دستوري، مدعياً أنّ «الفريق المقاطع يستجلب القوى الإقليمية والدولية للضغط للإتيان برئيس ليس «برئيس» ولا يمثل أي مصلحة لبنانية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى