الدراما المختلطة تعيد الروح إلى الممثّلين اللبنانيّين
هنادي عيسى
كانت الدراما التلفزيونية اللبنانية في الستينات ومطلع السبعينات تحتل المرتبة الأولى في العالم العربي، تحديداً في الخليج، إذ كان أبطال هذه المسلسلات نجوماً ذوي شعبية كبيرة، بدءاً بالراحل محمود سعيد وسميرة توفيق في «فارس ونجود»، وصولاً الى هند ابي اللمع وعبد المجيد عبد الله في «ألو حياتي». لكن لدى اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام ١٩٧٥ تدهورت القطاعات كافة وبينها قطاع الدراما التلفزيونية. في تلك الفترة استطاعت الأعمال المصرية أن تقتحم كل بيت عربي، وأمسى النجوم المصريّون هم الأكثر انتشاراً عند المشاهدين العرب. وفي مطلع التسعينات استطاعت الدراما السورية أن تحقق نجاحاً لافتاً عبر أعمال تاريخية أو من البيئة الشامية، فكان مسلسل «باب الحارة» نقطة تحوّل في مسار نجاح الدراما السورية، وبات الممثلون السوريون محط إعجاب معظم المواطنين العرب. في تلك المرحلة عانى الممثل اللبناني من ندرة الأعمال والفرص، رغم أن البعض كان يشارك في أعمال سورية، مثل ورد الخال وفادي ابراهيم ونادين الراسي وأحمد الزين وآخرين. بيد أنّ هذه المشاركات لم تفتح لهم آفاق واسعة في العالم العربي، وكان المتجون اللبنانيون يشكون من قلة الموارد، ما جعلهم يقلصون في موازنات إنتاجاتهم، لأن العمل اللبناني الصرف لم يكن معترفاً به. حتى جاء المنتج اللبناني القدير صادق صباح، صاحب التجربة العريقة في الانتاج السينمائي والتلفزيوني في مصر، وأصرّ على تقديم سيرة الشحرورة صباح مع مع بطلة لبنانية أدّت الشخصية الفنانة الشابة كارول سماحة ويقول الصباح إنه عانى كثيراً حتى أقنع المحطات التلفزيونية المصرية بشراء عمل درامي بطلته فنانة لبنانية، فهم يرغبون دوماً في أن تكون البطلة مصرية، رغم أن الصبوحة لبنانية. وبفضل إصراره نجحت التجربة، وعرض المسلسل الذي ضم ممثلين من لبنان ومصر عبر معظم المحطات المصرية. ويؤكد صاحب شركة صباح للإعلام على إكمال المسيرة وتقديم أعمال درامية تشارك فيها عناصر من لبنان ومصر وسورية، فهذا الاختلاط ساهم في إدخال الممثل اللبناني إلى كل بيت عربي بعدما أثبت أن قدراته لا تقل عن النجوم السوريين والمصريين. وبعد تجربة الشحرورة سُجّل نجاح مسلسل «روبي» الذي أدّت بطولته سيرين عبد النور الى جانب مكسيم خليل من سورية وأمير كرارة من مصر، ومشاركة ممثلين من لبنان ومصر وسورية، وكان دافعاً للمنتجين كي يمضوا في هذه الخطوة التي اقتنع بها المنتج السوري الراحل أديب خير. وتوالت المسلسلات المشتركة وبينها «لعبة الموت» و«الأخوة» و«علاقات خاصة» وغيرها، ورغم نجاح هذه الأعمال إلا أن الأخطاء في السيناريوات كانت لافتة، اذ كان المؤلف يقع في فخ عدم وجود أي تبرير درامي مثلاً لوجود «أشقاء» من جنسيات مختلفة، عدا الأخطاء الإخراجية العديدة، خاصة أن تلك المسلسلات امتدت حلقاتها الى الستين وأحياناً إلى المئة، ما تسبب بأخطاء فظيعة وتشتت في الحوادث. ومع ذلك كان لتلك الأعمال المشتركة انعكاس إيجابي على الدراما اللبنانية، وبدأنا نشاهد المسلسلات اللبنانية على أبرز المحطات التلفزيونية العربية مثل قناة «النهار» المصرية التي تعرض اليوم مسلسلين لبنانيين هما «وجع الروح» و«عشرة عبيد زغار»، وكانت سبقتها إلى هذه الخطوة قناة «الحياة» في عرض «العائدة» مع كارمن لبس وعمار شلق، وسواه من الأعمال. بالإضافة الى نجاح أعمال أبطالها ممثلون من لبنان ومنها «لو» من بطولة يوسف الخال ونادين نسيب نجيم، الى جانب النجم السوري عابد فهد، ومسلسل «اتهام» من بطولة ميريام فارس والمصري حسن رداد، إلى أعمال أخرى. ورغم اعتراض كثر على هذه الأعمال الدرامية المشتركة، إلاّ أنّها فتحت الأبواب أمام الممثل اللبناني كي يبرهن للجميع أن موهبته لا تقل عن زملائه في العالم العربي، وعلى المنتج اللبناني أن يتحمس ويسخى على إنتاج أعماله كي تبقى منافسة من الدرجة الأولى، وتحديداً في شهر ذروة المشاهدة، أيّ شهر رمضان المبارك.