القصاص
أسوأ ما يمكن ان يصيب أمة أن يكون هنالك أناس فوق القانون… يفعلون ما يشاؤون دون حسيب ولا رقيب، ويمتلكون حصانةً أُجزلت لهم دون غيرهم، فيسرقون وينهبون ويعيثون في الأرض فساداً بل ويرتهنون لألدّ أعداء أمتهم، ثم يخرج علينا مَن يدّعون أنهم أوصياء الله في الأرض ويقدّموا لهم غطاءً ربّانيّاً يستثنيهم من منظومة القانون والعدالة الاجتماعية، فيزيدهم ذلك تجبّراً وازدراءً للقانون، ويعطيهم الإذن ليلحقوا بالأمة مزيداً من التراجع والتخلف والفساد .
يحضرني هذا كلما استذكرت كيف وضِعت خطوطٌ حمراء من قبل مرجعيات دينية لبعضٍ من أولئك الذين كان لهم نصيب الاسد في كلّ ما يعانيه لبنان من كوارث ومصائب وإفلاس وضيقٍ في العيش… رغم أنّ رسول الإسلام كان واضحاً وحادّاً كحدّ السيف في هذه المسألة بالذات… فلقد قال: لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها… رُفِعَت الأقلام وجفّت الصحف، لا خطوط حمراء لأحد… كلّ بني آدم سواسية أمام القانون، وحينما يتوقف هذا الناموس عن العمل، وحينما يمارس القصاص انتقائيّاً فيصيب الضعيف الذي لا سند له، ويستثني القويّ الذي يرفده من هم على شاكلته من اللصوص والمارقين، فعلى الأرض السلام، فلكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب… بمعنى أنكم إنْ لم تمارسوا القصاص بطريقةٍ عادلة لا مراء فيها… فلكم نقيض الحياة… الموت.