السويد تعترف بفلسطين وتنتقد السعودية وتدافع عن حقوق الإنسان والمرأة
في غضون أشهر قليلة دخلت الحكومة السويدية خصومة مع كل من كيان العدو «الإسرائيلي» و بعض الدول العربية وفي الوقت نفسه أثارت غضب قيادات قطاع الأعمال في الداخل بينما تدافع وزيرة الخارجية مارغوت فالستروم بثبات عن حقوق الإنسان والمرأة.
فبعد أن ألغت السويد اتفاقاً للتعاون الدفاعي مع السعودية الأسبوع الماضي بسبب مخاوف بشأن حقوق الإنسان نددت جامعة الدول العربية بالوزيرة السويدية وقررت إلغاء كلمة كان من المقرر أن تلقيها أمام اجتماع وزاري بالقاهرة. واستدعت السعودية سفيرها من ستوكهولم كما تتعرض استثمارات بمئات الملايين من الدولارات للتهديد.
وساعد الاتفاق الدفاعي السعودي المؤسسات السويدية في جني 4.8 مليار كورونة 567 مليون دولار بين عامي 2011 و2014. ووقع الاتفاق عام 2005 وكان من المقرر تجديده في أيار.
وكشفت أجندة فالستروم والانتقادات التي أثارتها عن صراع بشأن هوية السويد وما إذا كان ينبغي أن تصبح كما يقول بعض الساسة «قوة أخلاقية عظمى» أم تعطي للأمن والاقتصاد الذي تقوده الصادرات أولوية.
ووعدت فالستروم المفوضة السابقة بالاتحاد الأوروبي بسياسة خارجية «تدافع عن حقوق المرأة» حين شكل الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تنتمي له الحكومة الائتلافية في تشرين الأول الماضي.
الوزيرة السويدية وصفت جلد المدون السعودي رائف بدوي بأنه أمر «ينتمي للعصور الوسطى» فحظيت بإشادة الكثير من المعلقين لوقوفها في وجه المملكة». وقالت: «لن أتراجع عن تصريحاتي بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية وأنه ينبغي عدم جلد المدونين» في إشارة إلى الحكم بجلد بدوي ألف جلدة وأضافت: «ليس هناك ما يخجلني».
فيما كتب سلفها المنتمي ليمين الوسط كارل بيلت في مدونته: «يتطلب معظم ما تصدره السويد من التقنيات العالية أنواعاً مختلفة من الالتزامات طويلة الأجل… هناك خطر حقيقي» مشيراً إلى أن الإلغاء سيضر بالمصالح السويدية وليس بالسعودية نفسها وحسب».
لكن ربما لا تكون فالستروم هي المسؤولة عن الخلاف مع السعودية الذي أثار اتهامات بسوء التقدير الدبلوماسي من جانب الحكومة الائتلافية التي تعاني من خلافات داخلية.
وقال فردريك إريكسون مدير المركز الأوروبي للاقتصاد السياسي الدولي «هذه سياسة خارجية تطبق من أجل الجماهير في الداخل وتعطي انطباعاً قوياً بسوء الإدارة السياسي».
من جهة أخرى، قال رئيس الوزراء ستيفان لوفين الذي عمل لنحو 20 سنة عامل لحام في قطاع الصناعات الدفاعية إنه يؤيد إعادة النظر في الاتفاق مع السعودية. لكن الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر الشريك الأصغر في الائتلاف الذي يحافظ على استمراره في السلطة اعترضا على هذا.
وفي وجود مؤشرات على أن لوفين سيرضخ للخضر نشر أكثر من 30 مسؤولاً تنفيذياً بقطاع الأعمال رسالة مفتوحة قالوا فيها إن إلغاء الاتفاق «سيعرض سمعة السويد كشريك تجاري للخطر». ومن بين هؤلاء ستيفان بيرسون المالك الرئيسي لشركة «إتش أند إم» لبيع الملابس بالتجزئة ورئيس شركة انفستور للاستثمار جاكوب فالنبرغ.
من جهتها، آنا فايسلاندر نائب مدير المعهد السويدي للشؤون الدولية: «تقليدياً كان الاشتراكيون الديمقراطيون براغماتيين في ما يتعلق بالسياسة الخارجية… وبالتالي فإن هذا قد يكون متعلقاً بالشخصيات الموجودة في الحكومة والمشاحنات داخل الائتلاف».
ولم تكن هذه القضية الوحيدة المثيرة للجدال، ففولستروم اتخذت أول خطوة دبلوماسية بالاعتراف بدولة فلسطين ما دفع «اسرائيل» لاستدعاء سفيرها كما أغضب هذا الولايات المتحدة.
وتحتل السويد المركز الثاني عشر على مستوى العالم بين الدول المصدرة للأسلحة. كما أن اقتصادها حصل على تصنيف ائتماني ممتاز. وبينما تختبر روسيا دفاعات السويد الجوية وغواصاتها يقول منتقدوها إن الوقت ربما لا يكون مناسباً لتكون حقوق الإنسان محوراً لسياستها الخارجية.
وللسويد تاريخ من الحياد. لكنها في عهد الحكومة السابقة التي كانت تنتمي ليمين الوسط أقامت علاقات أوثق مع حلف شمال الأطلسي فشاركت في بعثات عسكرية إلى أفغانستان وليبيا وهو الأمر الذي وعدت فالستروم بتقليصه.
ومن المفارقات أن هذا الدفاع عن الحقوق ربما يكون قد أضر بقدرة السويد على لعب دور يفوق حجمها على الساحة الدولية، وقد يضر بتطلعها للفوز بما يكفي من الأصوات لتصبح عضواً غير دائم بمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.