أوباما في قلب صراع القرارات
ناديا شحادة وفاديا مطر
شهدت الأيام الماضية تحركات وتصريحات من سياسيين وعسكريين أميركيين من أجل الدخول البري في العراق رداً على التدخل الإيراني في القضاء على داعش، إيران التي لاحظت ضعف الموقف الأميركي في محاربة هذا التنظيم في الأشهر الماضية، واعتبرت اجتياح داعش لمدينة الموصل في حزيران 2014 بداية لتقسيم العراق وتصعيد احتمالات نشوب حرب أهلية، أعلنت النفير العام والتعبئة داخل صفوفها بعد يوم من سقوط الموصل وعملت على دعم الجيش العراقي المدعوم بالحشد الشعبي وحققوا المزيد من الانتصارات على تنظيم داعش في العديد من المحافظات العراقية، إلا أن هذه الإنجازات الميدانية لم ترق للإدارة الأميركية التي أعربت عن قلقها حيال وجود مستشارين عسكريين إيرانيين إلى جانب القوات العراقية، وذكرت تصريحات في إدارة أوباما أنها تنظر إلى تدخل إيران في العراق وغيره من دول المنطقة على أنه يسهم في زعزعة استقرارها وتعزيز الصراع الطائفي فيها.
ويرى المراقبون أن استراتيجية الإدارة الأميركية في العراق التي تتركز في توجيه ضربات جوية على مواقع داعش والإشراف على تدريب القوات الأمنية، لم تحقق أياً من الانتصارات على داعش، مقارنة بالانتصارات التي حققها الجيش العراقي المدعوم إيرانياً، الأمر الذي جعل من الرئيس الأميركي باراك أوباما يرسل طلباً للكونغرس الأميركي في 11 آذار عام 2015 للحصول على تفويض بإرسال قوة عسكرية ضد داعش، وحدد مدة التفويض بـ3 سنوات للعمليات العسكرية. هذا الطلب تسبب بشرخ داخل المجلس بين أعضاء من الجمهوريين والديمقراطيين على خلفية الغموض الذي احتواه، حيث أوضح الديمقراطيون بمجلس الشيوخ في 11 آذار 2015 تخوفهم بشأن التفويض الذي طلبه الرئيس باراك أوباما لحملته ضد تنظيم داعش، فالسيناتور روبرت منينديز العضو الديمقراطي بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أكد أن أعضاء حزبه يرغبون في وضع قيود صارمة على استخدام القوات البرية والحدود الجغرافية وغير مستعدين لمنح هذا الرئيس أو رئيساً آخر تفويضاً مفتوحاً للحرب، وثمة قلق أيضاً بين الجمهوريين الذين غالبا ما ينتقدون سياسة أوباما الخارجية باعتبارها أضعف مما ينبغي.
ويؤكد المتابعون للملف الأميركي والحرب على داعش أن التفويض الذي طلبه رئيس الولايات المتحدة من الكونغرس لاستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم داعش، لم يتضمن القيام بعلميات قتالية برية على المدى الطويل إلا أنه ترك الباب مفتوحاً لعمليات عسكرية برية ذات أهداف دفاعية قصيرة الأمد، وهذا الذي يثير بعض التساؤلات. فطلب أوباما ما هو إلا تفويض لشن حرب على العراق بناء على قراءة الدستور والقانون الأميركي، والتطورات والمعطيات الميدانية التي تشهدها المنطقة في حال تبدل وتغيير مستمر وإن رفض الكونغرس تفويض أوباما بالقيام بعمليات قتالية برية يهدف إلى عدم تكرار التجربة التي شهدها الجيش الأميركي في أفغانستان والعراق سابقاً.
ويؤكد الخبراء في الشؤون العسكرية أن القضاء على تنظيم داعش لن يتم إلا من خلال استراتيجية وسلطة قويتين كالوجود الإيراني الميداني في العراق الذي بدأت نتائجه تظهر بقوة في الساحة العراقية وذلك من خلال تحريره بعض المناطق التي بسط داعش سيطرته عليها.
ومع التغيرات الميدانية التي نشهدها على الساحة العراقية وطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما تفويضاً لدخول قوات برية أميركية إلى العراق، يبقى السؤال هل سنشهد تورطاً أميركياً في حرب جديدة بالشرق الأوسط؟ وهل طلب أوباما ما هو إلا ذريعة لدخول القوات الأميركية من جديد إلى العراق؟
فطلب أوباما اليوم تفويضاً من الكونغرس من أجل دخول قوات برية أميركة في العراق، يعتبر رداً على التقدم العراقي الإيراني ويشكل إشكالية جديدة يطرحها أمام الكونغرس الأميركي، وستكشف الأيام المقبلة ما إذا كان سيشكل انقساماً جديداً أمام الكونغرس وإمكان اعتباره ذريعة من البيت الأبيض للإيحاء بعدم التخلي عن الثوابت على رغم أي اتفاق مع إيران.