الوطن ينزف أبناءه والمجهول يتربّص بهم…
} رشيد بدر الدين
بات اللبناني سواء المقيم في الوطن أو في الاغتراب وتحديداً في القارة الأفريقية، محتاراً ومتردّداً وضائعاً في متاهات السياسة اللبنانية وسلوكيات السياسيين الحاكمين منذ أمد طويل، لا يدري ماذا يقول أو يفعل، وفي أيّ دروب يسلك، بعد أن فقد الأمل والأمان، لإنقاذ نفسه من واقع مرعب، ومستقبل مظلم، في وطن خسره وأفقره وجوّعه وشرّده وهجرّه… وتلاحقه طبقته السياسية والمالية الحاكمة الى آخر بلاد المعمورة، لسلبه أمواله التي جناها في غربته القاسية، من خلال فرض سلطتها مزيداً من الضرائب والرسوم على معاملاته الشخصية والضرورية التي يحتاجها حيث يقيم، من سفارات بلده وقنصلياته في الخارج ليثبت أنه لبناني «منذ أكثر من عشر سنوات»، وارتفعت الى عشرة أضعاف عما كانت عليه…
علماً أنّ معظم المهاجرين والمغتربين القدامى أو، الجدد منهم، هم من الموظفين والعاملين، ومنهم يعتاش على مساعدات الدول التي تستضيفهم، وهي بالكاد تكفيهم، وهذا ينطبق على الوجود اللبناني في الدول الأوروبية وكندا وأستراليا.
في حين أنهم في أفريقيا التي يتواجد فيها الكثير من العاطلين عن العمل، خصوصاً من الوافدين الجدد خلال السنتين الأخيرتين يعانون الأمرّين، ويعتاشون ويدبّرون قوتهم اليومي، على دعم ومساعدة متواضعين من الجمعيات الخيرية والاجتماعية والإنسانية ومن بعض المتموّلين وهم قلة وقد لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين، لأنّ معظمهم خسروا أموالهم في لبنان، بعد ان سطت عليها المصارف أو صادرتها او أقرضتها لمصرف لبنان وخزينة الدولة لجني أرباح طائلة على حساب المودعين اللبنانيين المقيمين والمغتربين.
الأخطر في الموضوع، لجوء البعض من هؤلاء إلى رفع الصوت، ومطالبة سلطات بعض الدول الأفريقية وقف منح التأشيرات للبنانيين الذين يرغبون بالهجرة هرباً من جحيم لبنان وجهنّمه قبل التثبّت من وجود عمل له في هذه الدولة او تلك، للحؤول دون تدفق المزيد من العاطلين من العمل، لأنّ الكأس امتلأ وفاض.
إنّ الصراع المتفاقم في لبنان والذي يبدو انّ ليله سيطول، هو بين المواطن الفقير الذي يجاهد دون طائل، لتأمين الدواء ورغيف الخبز، ويعتقد ربما جهلاً أو عن سوء تقدير، انّ غربته غير المدروسة قد تؤمّن له ما فقده في وطنه يكون مخطئاً وربما تفاقم من أزمته، وبين حكامه وزعمائه الذين يصرّون أو انهم باتوا عاجزين عن انتشاله من جهنم، بعد أن فقدوا القرار، وتخلوا عن مسؤولياتهم تجاه الوطن والشعب والدولة والمؤسسات، من أجل مصالحهم وتراكم ثرواتهم.
في الحالتين الرهان خاسر والأفق مسدود والسقوط حتمي.